في خطوة لافتة في سياق التحولات السياسية التي يشهدها المشهد السوري، وصل إلى دمشق وفد دبلوماسي أميركي رفيع المستوى.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ الإطاحة بنظام الأسد، ما يفتح الباب للتساؤلات حول مستقبل سوريا في مرحلة ما بعد الحرب.
التحديات في المرحلة الانتقالية
يعتبر الكاتب والباحث السياسي عبدالله الحمد، أن الزيارة الأميركية تحمل أبعادا سياسية هامة، مشيرا إلى أن سوريا اليوم تمر بمرحلة انتقالية مع الحكومة الجديدة، التي تضم قوى وكيانات كانت جزءًا من النزاع.
وتحدث الحمد في برنامج رادار على "سكاي نيوزر عربية" عن الملفات التي يحملها الوفد الأميركي، وأبرزها "التعاون مع الحكومة الانتقالية، التشاور مع القيادة العسكرية، بالإضافة إلى ملف الصحفيين الأميركيين المحتجزين في سوريا".
هذه الملفات، كما يرى الحمد، تحمل في طياتها إشارات حول احتمال تعميق العلاقة بين سوريا والدول الغربية بعد سنوات من العزلة، خاصةً بعد زيارات أوروبية سابقة.
وأضاف الحمد أن "التحركات في دمشق تبعث برسائل إيجابية"، حيث أظهرت الحكومة الانتقالية استعدادها لتطبيق "مجتمع مدني يضم كافة أطياف السوريين"، رغم أن هناك من يظل مشككًا في جدوى هذه الوعود بالنظر إلى الخلفيات الإيديولوجية لبعض الجماعات مثل هيئة تحرير الشام.
مطالب خارجية وضغوط على الجولاني
وفيما يتعلق بتعامل الغرب مع هيئة تحرير الشام، يرى الخبير في السياسة الخارجية والأمن القومي بليز ميستال أن الولايات المتحدة تسعى لفهم دور الهيئة اليوم، مقارنة بما كانت عليه في الماضي عندما كانت مدرجة على قوائم الإرهاب.
وأضاف ميستال في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن الزيارة تمثل "فرصة لاستكشاف ما إذا كانت هيئة تحرير الشام ستكون متعاونة مع الولايات المتحدة، وقد تساهم في التوصل إلى بعض الحلول المتعلقة بالرهائن الأميركيين في سوريا".
من جهته، يرى الكاتب الصحفي السوري غسان إبراهيم أن التحركات الغربية تهدف إلى "تحقيق مصالح استراتيجية"، مشيرًا إلى أن الغرب لا يهتم كثيرًا بالانتقال السياسي في سوريا بقدر ما يهتم بـ"إبعاد سوريا عن المعسكر الشرقي"، في إشارة إلى روسيا وإيران.
وفي هذا السياق، يرى إبراهيم في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" أن "الأولوية بالنسبة للغرب هي ضمان ألا تصبح سوريا جزءًا من المعسكر الروسي"، وهو ما يراه مؤشرًا على عدم وجود رغبة حقيقية في دعم انتقال سياسي شامل، بل على العكس، تسعى القوى الغربية لتحقيق مصالح استراتيجية بعيدة المدى.
الخلافات الداخلية والضغوط الدولية
رغم التحركات الغربية في دمشق، يلاحظ غسان إبراهيم أن "الدعوة لمؤتمر وطني جامع يجب أن تأتي من توافقات سورية حقيقية".
وفي هذا الصدد، يعتبر أن الدعوات التي تصدر عن الحكومة المؤقتة قد تكون مجرد محاولات "لإرسال رسائل تطمين" دون أن تعكس إرادة حقيقية لتحقيق تسوية شاملة.
ووفقًا له، فإن غياب التوافق الداخلي بين مكونات المعارضة والمجتمع السوري يزيد من صعوبة تحقيق الانتقال السياسي الحقيقي، ويجعل التحركات الدولية تواجه تحديات كبيرة.
على المستوى الخارجي، يشير إبراهيم إلى أن القوى الغربية قد ترى في الوضع الحالي فرصة "لعقد صفقات مع روسيا بشأن سوريا وأوكرانيا"، مما يضيف مزيدًا من التعقيدات على الموقف السوري، الذي أصبح محورًا لمساومات إقليمية ودولية قد تؤثر بشكل مباشر على مستقبل البلاد.