ألقت واشنطن على الطاولة بما اعتبرته حلاً للوضع المتوتر حالياً في سوريا، عبر التأكيد على ضرورة العودة إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي وضع محددات إنهاء النزاع في سوريا والتوصل إلى تسوية سياسية.

وأشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي شون سافيت يوم الأحد الماضي إلى أن استمرار رفض الحكومة السورية للانخراط في العملية السياسية وفقًا للقرار 2254، واعتمادها على الدعم الروسي والإيراني، أدى إلى تفاقم الأزمة، بما في ذلك انهيار خطوطه الدفاعية في شمال غرب البلاد

القرار رقم 2254

هو قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر 2015، والذي يُعدّ من القرارات المهمة في إطار الجهود الدولية لإنهاء النزاع السوري وتحقيق التسوية السلمية.

وينص القرار على عدة بنود تهدف إلى وقف الأعمال العدائية في سوريا، وإطلاق عملية سياسية شاملة تفضي إلى انتقال سياسي ديمقراطي في البلاد. ويعد هذا القرار نقطة فارقة في التدخل الدولي بشأن الأزمة السورية.

محتوى القرار.. وقف الأعمال العدائية

يطالب القرار جميع الأطراف في سوريا بوقف الأعمال العدائية بشكل فوري، بما في ذلك وقف الهجمات الجوية على المناطق المدنية، والسماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق السورية.

العملية السياسية

يركز القرار على ضرورة بدء عملية سياسية شاملة تحت إشراف الأمم المتحدة، تستند إلى إعلان جنيف 2012، بما في ذلك تشكيل حكومة انتقالية ذات صلاحيات كاملة، تتكون من ممثلين عن النظام والمعارضة.

إجراء انتخابات حرة ونزيهة

يدعو القرار إلى إجراء انتخابات حرة و نزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة وبمشاركة جميع السوريين، بهدف الوصول إلى حكومة ديمقراطية في سوريا. ويشمل هذا النص على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية وفقا لدستور جديد.

حماية حقوق الإنسان

يطالب القرار جميع الأطراف المعنية في سوريا بـ احترام حقوق الإنسان، ويشمل ذلك ضمان الحرية، العدالة، و التعددية السياسية، وحماية المدنيين، خاصة في المناطق التي كانت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية أو المتطرفة.

آلية مراقبة التنفيذ

يشمل القرار دعوة إلى تشكيل لجنة للمراقبة والقيام بتقييم مستمر للوضع، فضلاً عن تقديم تقرير سنوي حول التقدم المحرز في تنفيذ الخطوات السياسية والإنسانية، تحت إشراف الأمم المتحدة.

الجدول الزمني

يحدد القرار جدولاً زمنياً لإطلاق المفاوضات في أسرع وقت ممكن، وينص على ضرورة تعيين مبعوث خاص من الأمم المتحدة لتنظيم هذه المفاوضات. كما يشمل فترة زمنية مدتها 6 أشهر لتحقيق وقف الأعمال العدائية والبدء في محادثات سياسية حقيقية.

دور الأمم المتحدة

القرار رقم 2254 أكد على دور الأمم المتحدة في قيادة العملية السياسية في سوريا. تم تكليف المبعوث الأممي إلى سوريا، في ذلك الوقت ستيفان دي ميستورا، بالعمل على تنظيم هذه المفاوضات.

كما طالب القرار بتشكيل اللجنة الدستورية السورية التي تكون من ممثلين للنظام والمعارضة، لتعديل الدستور السوري بما يتوافق مع المتطلبات الديمقراطية.

أخبار ذات صلة

الأسد يتحدث عن "أهداف بعيدة" للتصعيد شمال سوريا
روسيا تعلن استمرارها في دعم "الأسد"

ردود الأفعال والنتائج: القبول من قبل بعض الأطراف

النظام السوري برئاسة بشار الأسد أبدى في البداية تحفظات على بعض بنود القرار، خصوصا فيما يتعلق بالانتخابات والمشاركة السياسية من قبل المعارضة. لكنه في النهاية أبدى استعدادا للمشاركة في المفاوضات السياسية.

المعارضة السورية أيدت القرار في إطار الجهود لإجراء إصلاحات سياسية، لكنهم شددوا على ضرورة رحيل الأسد كشرط أساسي لأي حل سياسي.

تحديات التنفيذ

رغم الترحيب الدولي بالقرار، إلا أن تنفيذ بعض بنوده، وخاصة وقف إطلاق النار، واجه صعوبات كبيرة بسبب تعقيدات النزاع السوري وتدخلات القوى الدولية والإقليمية.

تواصلت الهجمات العسكرية في العديد من المناطق، مما أعاق جهود الأمم المتحدة في فرض الهدنة وتحقيق تقدم ملموس نحو عملية السلام.

تأثير التدخلات الإقليمية والدولية

التدخلات العسكرية من قبل روسيا (الداعمة للنظام) و الولايات المتحدة (الداعمة للمعارضة) جعلت من الصعب تنفيذ وقف إطلاق النار على الأرض.

هناك العديد من الفصائل المسلحة المدعومة من إيران و تركيا، بالإضافة إلى تواجد الجماعات الإرهابية مثل داعش و جبهة النصرة، ما جعل التحديات أكبر.

أخبار ذات صلة

مصادر: القوات الكردية تبدأ الانسحاب من شمال شرق حلب
حسابات معقدة.. كيف ترى واشنطن ما يجري في سوريا؟

الاستجابة الدولية

القرار لاقى دعمًا دوليًا من الدول الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة و روسيا و الدول الأوروبية. كما تم تكثيف الجهود السياسية من خلال جولات متعددة لمبعوث الأمم المتحدة الخاصة بسوريا.

من جهة أخرى، واجه القرار انتقادات من بعض الأطراف السورية التي اعتبرته غير كافٍ أو مفيدٍ في ظل التصعيد المستمر في مناطق عدة في البلاد.

لم يحقق نجاحا

القرار رقم 2254، رغم توقيعه وصدوره بتوافق دولي، لم يحقق النجاح الكامل في تحقيق السلام في سوريا بسبب العديد من العوامل المعقدة على الأرض مثل استمرار القتال، تدخلات القوى الخارجية، وعدم الالتزام الكامل ببنوده من قبل الأطراف المعنية.

ورغم ذلك، يبقى هذا القرار مرجعية مهمة في محاولات المجتمع الدولي لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وخصوصا في الإشارة إلى أهمية العملية السياسية كطريق للمستقبل.