مع عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية، تسود حالة من القلق داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، وسط تزايد تهديدات التحالف العسكري بين روسيا، الصين، وكوريا الشمالية.
الرئيس الروسي السابق، دميتري ميدفيديف، اتهم زعماء أوروبا بالسعي إلى إذكاء الصراع في أوكرانيا، على نحو خطير بعد إعادة انتخاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وقال ميدفيديف، وهو من صقور المسؤولين الأمنيين الروس، إن رجال الساسة الأوروبيين يستهدفون دفع الصراع مع روسيا إلى مرحلة لا رجعة فيها، بكل السبل المتاحة، لكنه حذرهم من السماح لكييف باستخدام الصواريخ الغربية بعيدة المدى ضد أهداف داخل روسيا.
كلام ميدفيديف لا يأتي من عدم فبالأمس، وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو أعلن أن باريس سترسل صواريخ إضافية من طراز سكالب بعيدة المدى يتجاوز 250 كيلومترًا ومنظومة صواريخ الدفاع الجوي قصيرة المدى ميسترال إلى أوكرانيا لتمكينها من شن ضربات خلف خط المواجهة.
كما قالت التلغراف إن رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر والرئيس الفرنسي ماكرون يهدفان إلى دفع بايدن إلى التحول في اللحظة الأخيرة بشأن سياسة الصواريخ بعيدة المدى في أوكرانيا قبل رئاسة ترامب لإقناع إدارة بايدن بالسماح بشن ضربات أوكرانية أعمق داخل الأراضي الروسية باستخدام صواريخ ستورم شادو.
كما يزور وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بروكسل الأربعاء لإجراء محادثات طارئة مع الأوروبيين، لتسريع المساعدات الموجهة لأوكرانيا على خلفية انتخاب دونالد ترامب رئيسا، على ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية.
وأوضح الناطق باسم الخارجية ماثيو ميلر أن بلينكن سيلتقي الأربعاء مسؤولي حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي للبحث في دعم أوكرانيا في دفاعها في وجه روسيا.
ويمكن التكهن من خلال التصريحات والمواقف أن الناتو والاتحاد الاوروبي بحالة إرباك، فالأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، اجتمع مع ماكرون معتبراً أن روسيا التي تعمل مع كوريا الشمالية وإيران والصين، تهدد السلام والأمن.
وقال إن هذا التعاون الثلاثي يشكل تهديدا لأوروبا، وأيضا لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ وفي أميركا الشمالية.
ولا يبدو أن روسيا تبالي لأي من هذه الاتهامات، إذ صدقت كوريا الشمالية على معاهدة دفاعية كبيرة معها، تنص على تقديم مساعدات عسكرية متبادلة، وفقا لما ذكرته وسائل الإعلام الحكومية في كوريا الشمالية.
وكانت روسيا قد أكملت التصديق على المعاهدة الأسبوع الماضي، بعد أن وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون عليها في يونيو. وتعد هذه المعاهدة أكبر صفقة دفاعية بين البلدين منذ نهاية الحرب الباردة.
حتى أن الأمين العام لمجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو ذهب إلى الصين وأبلغ وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن المهمة الرئيسية لبكين وموسكو هي مواجهة سياسة الاحتواء المزدوج التي تنتهجها الولايات المتحدة.
الواضح أن الدولتين وطدتا العلاقات بينهما في السنوات القليلة الماضية بحكم العقوبات الغربية على روسيا لدرجة أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف الصين الأسبوع الماضي بأنها حليفة لروسيا.
تحليل من موسكو حول رد الفعل الروسي
وخلال مشاركته في التاسعة على سكاي نيوز عربية، قدم أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم الإنسانية بموسكو، الدكتور نزار بوش، رؤيته حول المخاوف الأوروبية ومحاولات التصعيد ضد روسيا.
وأكد بوش أن الغرب يسعى إلى إضعاف روسيا قبل عودة ترامب، محذرًا من أن موسكو سترد بحزم على أي محاولات لاستهداف أراضيها أو عمقها الاستراتيجي.
وأشار إلى أن روسيا قد تلجأ إلى ضربات موجعة تشمل مراكز القرار في كييف إذا استمر التصعيد، ما قد يؤدي إلى تعقيد المشهد الدولي بشكل كبير.
تحالفات عسكرية جديدة وتوازنات القوى
وفيما يتعلق بالتحالفات العسكرية، وتعميق التعاون بين روسيا وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات مع الصين، وصف الدكتور بوش هذا التعاون بأنه رد استراتيجي على العقوبات الغربية ومحاولات عزل روسيا دوليًا.
وأوضح أن التحالفات العسكرية الجديدة تُعزز من قدرة موسكو وحلفائها على مواجهة التحديات التي تفرضها الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا وآسيا.
موقف أوروبا واستراتيجيات المواجهة
وأشار إلى حالة الإرباك التي يعيشها الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في مواجهة التحالفات الجديدة، مؤكدا على أن الأوروبيين يسعون لاستخدام أوكرانيا كأداة لمواجهة روسيا، في ظل محدودية قدراتهم الاقتصادية والعسكرية.
كما شدد على أن هذه الاستراتيجية تعكس ضعفا في الموقف الأوروبي، ما يجعلهم معتمدين بشكل كبير على الدعم الأميركي لمواجهة التحديات المتزايدة.