على مدار ثلاثة أيام، اجتمع عمالقة الاقتصاد العالمي، في ندوة جاكسون هول، التي ينظمها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سنويا، في كانساس سيتي بولاية وايومنغ، وقد بدا أن كبار قادة المصارف المركزية حول العالم، يشعرون إلى حد كبير أنهم اقتربوا من التغلب على فترة طويلة من تقلبات الاقتصاد العالمي، وأن التوقعات تشير إلى عودة النمو المستقر والتضخم المنخفض.

بعد تجربة أسوأ صدمة تضخمية في أربعة عقود، كان الحاضرون في المؤتمر السنوي للبنك المركزي الأميركي، والذي انتهى يوم السبت، يأملون بأنهم سيحققون ما كان يعتبره البعض قبل عامين مستحيلا.. وهو تحقيق "الهبوط الناعم" للاقتصاد العالمي.

قبل عامين، كانت التكهنات قاتمة، والتوقعات متشائمة.. فقد كان من المتوقع أن يؤدي رفع أسعار الفائدة بقوة للقضاء على أسوأ نوبة تضخم في الاقتصادات المتقدمة منذ الثمانينات إلى تباطؤ مؤلم من شأنه أن يكلف الملايين من الناس حول العالم وظائفهم.

أخبار ذات صلة

ثقة المستهلكين الأميركيين تسجل أعلى مستوى في 6 أشهر
مسؤول بالمركزي الأوروبي: خفض الفائدة في سبتمبر "ليس حتميا"

وبحسب ما كتبه، نيل إروين، كبير المراسلين الاقتصاديين في موقع أكسيوس، فإن خلاصة مؤتمر "جاكسون هول"، هذا العام أن "العالم لم يعد مشتعلا"، وأن "الشعور بالتشاؤم عالميا يتراجع".

يقول الكاتب نيل إروين، في مقاله، إن "هذا لا يعني أن مشاكل الاقتصاد العالمي قد تم القضاء عليها بالطبع، ولكن الشعور بالتنقل من أزمة إلى أخرى، الذي كان يهيمن على الندوة خلال السنوات القليلة الماضية، قد اختفى".

خلال ندوة جاكسون هول، أعطى جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، إشارة واضحة بأن المركزي الأميركي على وشك خفض الفائدة، قائلا إنه قد حان الوقت لتعديل السياسة النقدية، معبرا عن ثقته بأن التضخم في مساره النزولي، وهو ما زاد التكهنات بأن اجتماع الفيدرالي في سبتمبر سيقدم خفضا للفائدة تنتظره الأسواق.

ومنذ مارس 2022 رفع الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة من مستوى 0.25 بالمئة لتصل إلى ما بين 5.25 و5.50 بالمئة حاليا، وهو أعلى مستوى منذ 23 عاما.

وبشكل عام، فقد انخفض التضخم بشكل حاد خلال النصف الثاني من عام 2023، مبتعدا بشكل جيد عن ذروته في عام 2022، ويبدو الآن في طريقه لتحقيق أهداف البنوك المركزية الكبرى البالغة 2 في المئة. وفي بعض الحالات، مثل المملكة المتحدة، فقد فعل ذلك بالفعل.

أبرز استنتاجات مؤتمر جاكسون هول؟

يذكر الكاتب نيل إروين في مقاله، أن الاجتماعات السابقة لقادة المصارف المركزية الكبرى وخبراء الاقتصاد في جاكسون هول، كانت تسودها بعض التوقعات المتشائمة، ففي عام 2020 (عندما كانت الندوة عن بعد) هددت جائحة كورنا بكساد عالمي. وفي عام 2021 (أيضا عن بعد)، كان التضخم في تصاعد والجروح التي خفلتها كورونا لا تزال عميقة.

وفي عام 2022، وعودة المسؤولين للاجتماع شخصيا، وصل التضخم إلى مستويات تمثل أزمة للاقتصادات حول العالم، كما خلقت الحرب الروسية الأوكرانية شعوراً بأن التقلبات الشديدة أصبحت الوضع الطبيعي الجديد.

أما في عام 2023، فقد رفعت البنوك المركزية أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عقود، وكان لديها ثقة محدودة في إمكانية الانتصار في الحرب على التضخم دون معاناة اقتصادية كبيرة.

الآن، من المقرر أن ينضم الاحتياطي الفيدرالي إلى نظرائه حول العالم في خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل.. التضخم قريب من مستوى 2 بالمئة الذي تسعى البنوك المركزية لتحقيقه في معظم أنحاء العالم"، بحسب ما يقوله الكاتب نيل إروين.

وفي الوقت الحالي يضع الاقتصاديون الذين اجتمعوا في وايومنغ احتمالات منخفضة لحدوث ركود في أي وقت قريب.

IG: الأسواق تركز على "الوظائف" لتسعير أوضح لخفض الفائدة

أخبار ذات صلة

رئيس الاحتياطي الفيدرالي: حان الوقت لخفض معدلات الفائدة

آلان بليندر، نائب رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق الذي حضر تجمع جاكسون هول لأربعة عقود، قال لأكسيوس: "لقد مررت بأوقات كنت فيها هنا وكان اقتصادنا والاقتصادات الأخرى حول العالم في حالة سيئة وكان الجو كئيبا".

"لكن في الوقت الحالي، بشكل عام، اقتصادات العالم تعمل بشكل جيد والاقتصاد الأميركي يعمل بشكل جيد جدا"، بحسب ما قاله بليندر.

الخلاصة: "إذا نظرت إلى الأسس الأساسية للاقتصاد الأميركي، فإنها تبدو صلبة للغاية"، قالت كارين دينان من جامعة هارفارد لصحيفة أكسيوس على هامش مؤتمر جاكسون هول.

وذكر مقال نيل إروين، إنه "مع ذلك، هناك دائماً مخاطر خارج سيطرة صانعي السياسات الاقتصادية، مثل الحروب أو الأوبئة أو السياسات الاقتصادية المزعجة من قبل المسؤولين المنتخبين. وتبدو هذه الأنواع من المخاطر أكثر احتمالاً للتسبب في الركود القادم من فشل البنوك المركزية في إدارة الطلب الكلي والاختلالات المالية".

وأضاف: "كمجموعة، يميل المصرفيون المركزيون إلى القلق، مدركين أن هناك دائمًا مخاطر قادمة. أحد هذه المخاطر هو أنهم الآن متأخرون في تعديل السياسة لتتماشى مع الواقع الاقتصادي".