عاد الحديث مجدداً بشأن احتمالية توجيه إسرائيل ضربة عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية، في ظل تقارير استخباراتية غربية ترجح استعداد تل أبيب لاتخاذ هذه الخطوة إذا واصلت طهران نشاطها النووي.

يأتي ذلك وسط تحذيرات إيرانية من رد قاسٍ، في حال تعرضت منشآتها لأي هجوم، إلى جانب تكثيف عمليات إنتاج الصواريخ وتعزيز قدراتها الدفاعية.

إسرائيل ترى "فرصة استراتيجية" للهجوم

وفقاً للمستشار السابق في وزارة الدفاع الإسرائيلية، ألون أفيتار، فإن تل أبيب تتابع التطورات الإقليمية والدولية، وترى أن هناك "فرصة استراتيجية مختلفة عن السابق"، مشيراً إلى أن ميزان القوى في المنطقة يشهد تحولات قد تدفع إسرائيل إلى استغلالها لضرب المشروع النووي الإيراني.

وأضاف أفيتار، في تصريحات لسكاي نيوز عربية، أن إسرائيل "لا تملك رفاهية الانتظار"، معتبراً أن إيران تقترب من الوصول إلى العتبة النووية، التي تتمثل في تخصيب اليورانيوم بنسبة 90 بالمئة، مما يمنحها القدرة على تصنيع القنبلة النووية.

ويؤكد أفيتار أن "إيران ضعفت بشكل جوهري من ناحية المواقف والقوة العسكرية"، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن لديها حلفاء في المنطقة، مثل "حزب الله" وحركة "حماس"، مما يعقّد أي سيناريو عسكري.

كما أشار إلى أن أي ضربة إسرائيلية محتملة "لن تقضي تماماً على البرنامج النووي الإيراني، بل ستؤخره فقط لبضعة أشهر".

إيران تستعد وتحذر من عواقب الضربة

على الجانب الآخر، أكد رئيس تحرير صحيفة "الوفاق" الإيرانية، مختار حداد، أن إيران تأخذ التهديدات الإسرائيلية على محمل الجد، مشدداً على أن طهران "مستعدة للرد بحزم" في حال تعرضها لأي هجوم.

وأوضح حداد، خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن إسرائيل تمارس "حرباً نفسية" عبر وسائل الإعلام، لكنه أكد أن إيران "تواصل تطوير قدراتها الدفاعية"، مشيراً إلى المناورات العسكرية الأخيرة التي أجرتها قوات الدفاع الجوي الإيرانية لحماية المنشآت النووية.

إيران تعيد تسليح برنامجها الصاروخي وإسرائيل تستعد لضربها

وأضاف حداد أن إسرائيل "تحاول تصوير إيران على أنها في موقف ضعيف"، لكن الحقيقة، بحسب قوله، أن طهران تمتلك قدرات عسكرية متقدمة، وقد أظهرت ذلك من خلال الكشف عن أسلحة جديدة، خاصة في عملية "الوحدة الصادقة الثانية"، التي "أذهلت العالم"، وفق تعبيره.

سيناريوهات الضربة الإسرائيلية المحتملة

أفادت تقارير استخباراتية بأن إسرائيل تدرس خيارين رئيسيين لضرب المنشآت النووية الإيرانية: الأول يتمثل في استخدام صواريخ بعيدة المدى، والثاني يتضمن توغل الطائرات الحربية الإسرائيلية داخل المجال الجوي الإيراني لإسقاط قنابل خارقة للتحصينات. لكن تنفيذ أي من السيناريوهين يتطلب دعم الولايات المتحدة، خاصة في ما يتعلق بعمليات التزود بالوقود خلال الرحلات الجوية الطويلة.

ورغم الحديث عن دعم أمريكي محتمل، فإن الوضع السياسي الحالي في واشنطن قد يشكل عقبة أمام تل أبيب، خصوصاً مع رغبة إدارة الرئيس الأمريكي في تجنب أي تصعيد عسكري في الشرق الأوسط، والتركيز بدلاً من ذلك على التوصل إلى اتفاق دبلوماسي مع طهران.

التوازنات الإقليمية وتحركات القوى الكبرى

وسط هذه التوترات، يرى بعض المراقبين أن هناك متغيرات أخرى قد تؤثر على قرار إسرائيل، بما في ذلك التحالفات الدولية والتطورات السياسية في المنطقة.

ويشير أفيتار إلى أن إسرائيل تعمل على إقناع واشنطن بأن "الجهود السياسية وحدها لن تكون كافية لوقف البرنامج النووي الإيراني"، مؤكداً أن تل أبيب ترى أن "الوقت ليس في صالحها"، حيث إن طهران "تستغل انشغال العالم بأحداث أخرى للمضي قدماً في خططها النووية".

تقارير عن تحضيرات إسرائيلية لضرب إيران.. وبزشكيان يتحدى

في المقابل، تؤكد طهران أن أي هجوم على منشآتها النووية "سيُقابل برد غير متوقع"، وفق تصريحات لقائد الحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، الذي شدد على أن "إيران لن تتهاون في الدفاع عن سيادتها، وأن إسرائيل ستدفع ثمناً باهظاً إذا أقدمت على أي خطأ ضدها".

وبينما تزداد التقارير التي تتحدث عن استعداد إسرائيل لضرب المنشآت النووية الإيرانية، تكثّف طهران جهودها لتعزيز قدراتها الدفاعية، محذرة من تداعيات أي هجوم عسكري عليها. في الوقت نفسه، يبقى الموقف الأميركي عاملاً محورياً في تحديد ما إذا كانت تل أبيب ستقدم على تنفيذ ضربتها أم لا، في ظل توازنات إقليمية ودولية معقدة قد تجعل من أي قرار عسكري مغامرة محفوفة بالمخاطر.