بينما يحذر المنظمون في الولايات المتحدة الأميركية من العلاقة الآخذة في التنامي بين المصارف التقليدية، وبنوك الظل، وبما يُمكن أن تولده من مخاطر، تشير أحدث التقديرات إلى أن إجمالي ما أقرضته المؤسسات المالية الأميركية لبنوك الظل (مثل شركات التكنولوجيا المالية ومجموعات الائتمان الخاصة) بلغ قرابة التريليون دولار.
ويشار إلى أن صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة والمقرضون المباشرون وغيرهم، يستخدمون الأموال لزيادة الاستثمارات وإقراضها بشكل متزايد لمجموعة من المقترضين الذين قد لا يتمتعون بالجدارة الائتمانية المطلوبة.
ارتفعت هذه القروض العام الماضي بنسبة 12 بالمئة في العام الماضي، وهي النسبة الأسرع نموا في القطاع المصرفي في ظل تباطؤ الإقراض التقليدي الذي سجل زيادة 2 بالمئة فقط، وفق البيانات التي نشرتها صحيفة فاينانشال تايمز.
وقالت الصحيفة إن الزيادة المتنامية في القروض المقدمة إلى بنوك الظل تثير قلق الجهات التنظيمية، وذلك بسبب قلة المعلومات أو الرقابة فيما يتعلق بالمخاطر التي تخوضها هذه المجموعات، في الوقت نفسه أعلن المنظمون في الاتحاد الأوروبي إنهم سيتعمقون في العلاقات بين المقرضين التقليديين وبنوك الظل.
وفي وقت سابق، صرح القائم بأعمال رئيس مكتب مراقب العملة، وهو أحد كبار القائمين على تنظيم البنوك في الولايات المتحدة، مايكل هسو، لصحيفة فاينانشيال تايمز بأنه يعتقد بأن المقرضين الذين يخضعون لرقابة تنظيمية طفيفة يدفعون البنوك إلى تقديم قروض أقل جودة وأكثر خطورة.
- في الآونة الأخيرة، سعى عدد من البنوك إلى إقامة علاقات أوثق مع المقرضين غير المصرفيين.
- في الشهر الماضي، قالت سيتي غروب إنها تتعاون مع مدير استثمار بديل خارجي، لومين آركس، لتوفير "حلول رافعة مالية مبتكرة" لصندوق القروض التابع لها بقيمة ملياري دولار. وكان سيتي أيضا رائدا في الحصول على قرض بقيمة 310 ملايين دولار لشركة Sunbit، وهي شركة بنظام الشراء الآن والدفع لاحقا متخصصة في ورش تصليح السيارات ومكاتب طب الأسنان.
- في العام الماضي، وقع ويلز فارغو صفقة لإقراض المليارات لصندوق ائتماني جديد تديره شركة سنتربريدج، وهي شركة أسهم خاصة بقيمة 40 مليار دولار قادت عمليات الاستحواذ على سلسلة المطاعم بي.إف. تشانغ ومزود تكنولوجيا الأعمال Computer Services Inc.
إثبات أسهل للجدارة الائتمانية
يقول الخبير المصرفي، محمد عبد العال، إن التوسع في الاعتماد على تلك النوعية من جهات الإقراض مثل شركات التكنولوجيا المالية والمؤسسات غير المصرفية، سيرتفع خلال الفترة المقبلة مع التطور التكنولوجي الكبير وما تسمح به مثل هذه الشركات والمؤسسات من سرعة وسهولة في الحصول على التمويلات مقارنة بالإجراءات التقليدية التي تعتمدها البنوك لمنح القروض.
ويشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن تلك الشركات تعتمد على طبيعة مختلفة في إثبات الجدارة الائتمانية بما يتيح لها سرعة أكبر في منح القروض، الأمر الذي يدفع حصة أكبر من العملاء للتوجه لتلك الشركات، وهو ما ينتج عنه زيادة حصة تلك الشركات من إجمالي القروض الموجهة للشرائح المختلفة من العملاء ولاسيما من الأفراد أو الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر.
استطرد "لايمكن للبنوك التقليدية منافسة مثل تلك الجهات المقرضة حتى وإن اتجهت نحو تدشين بنوك رقمية، لأن تلك المؤسسات تتمتع بمرونة أكبر بلنسبة للعملاء مقارنة بالنظام المصرفي التقليدي".
في عام 2010، عندما طُلب من البنوك لأول مرة أن توزع إقراضها للمؤسسات غير المصرفية، بلغ إجمالي القروض ما يزيد قليلاً عن 50 مليار دولار للقطاع المصرفي بأكمله. لدى بنك جيه بي مورجان وحده الآن ضعف هذا المبلغ في شكل قروض لغير البنوك.
بالنسبة لجميع البنوك، يشكل تمويل بنوك الظل الآن أكثر من 6 بالمئة من جميع القروض، ما يجعلها أعلى بقليل من قروض السيارات بنسبة 5 بالمئة، وأقل بقليل من بطاقات الائتمان، التي تجاوزت تريليون دولار لأول مرة في العام الماضي فقط، عند 7 بالمئة، وفق البيانات التي نشرتها الصحيفة البريطانية.
- في أواخر العام الماضي، اقترحت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع مطالبة البنوك بالكشف عن المزيد من البيانات حول أنواع بنوك الظل التي تقرضها.
- ومن المتوقع أن يتم فرض شروط على البنوك تحدد المبلغ الإجمالي الذي قدمته لشركات الأسهم الخاصة، وصناديق الائتمان، والمقرضين الاستهلاكيين الآخرين.
معايير الإقراض
من جانبها، بينّت الخبيرة المصرفية، سهر الدماطي، أن عدداً كبيراً من تلك الشركات توجه استثماراتها بشكل أساسي إلى مشروعات صغيرة أو متناهية الصغر، إلى جانب القروض الشخصية، وخلال الفترة المقبلة سيتم تعميم كافة الإجراءات الرقابية التي تتبعها البنوك على الشركات التي تتعامل مع مقترضين بتطبيق ذات المعايير بما يضمن الحفاظ على صلابة القطاع المالي في مواجهة النمو المطرد في الاعتماد على تلك المؤسسات.
وأكدت على أن الجدارة الإئتمانية في هذه الشركات يتم قياسها بطرق مختلفة؛ إذ تعتمد على البحوث الاجتماعية واللقاءات المباشرة مع العملاء، مستبعدة أن تمثل الزيادة في الاعتماد على هذه المؤسسات المالية أزمة للقطاع المصرفي التقليدي، لاسيما وأنها تعد إحدى الجهات المقترضة من البنوك التي توفر السيولة اللازمة لعمل تلك الشركات والمؤسسات، وتمثل الضامن أمام البنوك للسداد عن عملائها في حالة أي تعثر.