كشفت مصادر حكومية ومختصون بالقطاع الطبي في مصر، عن إقرار هيئة الدواء زيادات متتالية في أسعار الدواء، على وقع مطالبات الشركات المحلية والأجنبية بتحريك الأسعار منذ تحرير سعر صرف الجنيه، مما أثر على تكاليف الإنتاج.
وشهد سوق الدواء في مصر أزمة نقص حاد طالت عشرات الأصناف، مما استدعى موافقة الحكومة على رفع أسعار عدد كبير من الأدوية بشكل تدريجي منذ يونيو الماضي، وعلى مدار الأشهر الثلاثة المقبلة.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في مؤتمر صحفي، الأربعاء، إنه عقد اجتماعات مع مسؤولي غرف صناعة الأدوية ومجالس التصدير، للوصول إلى نقطة توازن فيما يتعلق بملف أسعار الدواء، إذ جرى إقرار خطة تتعلق بمجموعة من الأدوية يصل عددها إلى نحو 3 آلاف صنف تمثل 90 بالمئة من حجم التداول بالسوق المصرية (أي الأكثر مبيعا)، على أن يتم تطبيق تلك الخطة في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة.
ويعد الدواء واحد من المنتجات المُسعرة جبريا في مصر، على غرار المواد البترولية والخبز.
وكانت شركات الأدوية تحصل على اعتمادات دولارية من البنوك بالسعر الرسمي قبل تحرير سعر الصرف الأخير (1 دولار = 30.85 جنيه)، لتوفير المواد الخام ومستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج، قبل أن يجري تعويم الجنيه لينخفض إلى مستوى نحو 48 جنيها للدولار، فضلا عن زيادة أسعار المشتقات البترولية تباعا، مما زاد من تكاليف إنتاج مصانع الأدوية بنسبة لا تقل عن 60 بالمئة، وفق 3 مصادر مختصة تحدثت لموقع "سكاي نيوز عربية".
وتنتج مصر 91 بالمئة من الأدوية المتداولة محليا، في حين تستورد 9 بالمئة من الخارج، وفق وزير الصحة خالد عبد الغفار الذي أرجع في حديثه للصحفيين بحضور "سكاي نيوز عربية"، أزمة نقص الدواء بشكل مباشر إلى "أزمة العملة" التي شهدتها مصر منذ منتصف العام الماضي.
وأشار الوزير إلى أن "لجان التسعير" بهيئة الدواء المصرية تعكف في الوقت الراهن على مراجعة أسعار الأصناف الدوائية التي تقدمت بها الشركات، بما يحقق التوازن في الأسواق بين توفير الدواء للمرضى، وما يمكّن الشركات في ذات الوقت من مواصلة إنتاجها دون أزمات.
الزيادات الجديدة
قال رئيس شعبة الأدوية في اتحاد الغرف التجارية المصرية علي عوف لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن تحريك أسعار الأدوية بدأ منذ يونيو الماضي ولا يزال مستمرا، وفق اتفاق بين هيئة الدواء المصرية وغرفة صناعة الدواء على تحريك أسعار المنتجات "تدريجيا"، حتى لا تحدث أزمة جديدة في السوق ولتخفيف تأثير ذلك على المريض.
وأوضح عوف أن هيئة الدواء سبق أن منحت الشركات في نهاية مارس الماضي مهلة لمدة 15 يوما، لتقديم طلباتها بشأن الأدوية التي ترغب في مراجعة أسعارها نتيجة زيادة تكاليف إنتاجها.
وتختص هيئة الدواء المصرية بمراجعة أسعار الأدوية بشكل دوري، وإقرار زيادتها أو خفضها بعد النظر في تكاليف إنتاجها، وكذلك مدة حماية براءات الاختراع الخاصة بها.
وعن نسبة الزيادة في أسعار الأدوية، أشار عوف إلى أن الهيئة اعتمدت زيادة الأسعار بنسبة 25 بالمئة في المتوسط، مضيفا: "قد تكون هناك زيادة في حدود 20 بالمئة لبعض المنتجات، وزيادة تصل لـ50 بالمئة في منتجات أخرى، لكنها في الأغلب تقترب من 25 بالمئة في المتوسط".
لكنه مع ذلك اعتبر أن تلك الزيادة "غير عادلة بالنسبة لصناع الأدوية"، مفسرا ذلك بأن هناك "فجوة كبيرة بين تكلفة الإنتاج لا تضاهيها الزيادة الجديدة في التسعير".
وكان رئيس الوزراء المصري تحدث عن ملامح الزيادة التي جرى إقرارها في أسعار الأدوية، قائلا إنه "تم الاتفاق مع الشركات على أن تكون هناك زيادة محدودة في أدوية الأمراض المزمنة، في حين يتم تعويض ذلك في المنتجات التي لن يشتكي منها المواطن (مثل المكملات الغذائية)".
وعاد عوف للإشارة إلى أن الفترة الماضية شهدت زيادة أسعار ما يفوق 200 صنف دوائي من بين الأدوية الأكثر مبيعا، على أن يجري تسريع وتيرة زيادة أسعار باقي المنتجات لإنهاء أزمة نواقص الأدوية في السوق.
هل تُحل "أزمة النواقص"؟
قال عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات مستشار غرفة صناعة الدواء محمد البهي، إن "مراجعة أسعار الأدوية يستغرق بعض الوقت لتحقيق التوازن".
وأضاف في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "حل المشكلة الراهنة سيكون على مراحل وليس مرة واحدة حتى لا يمثل ذلك عبئا على المواطن، والشركات وغرفة صناعة الدواء وافقت على هذه الحلول لأنها لا تريد الضغط على المريض".
وتوقع البهي انتهاء أزمة نقص الأصناف الدوائية في مصر خلال 3 أشهر بحد أقصى، بناء على الإجراءات المتخذة حاليا لأسعار الأدوية وفق تكاليف إنتاجها الجديدة.