قال حمد بوعميم، رئيس مركز دبي للسلع المتعددة، وهو منطقة تجارة حرة رائدة في دولة الإمارات وتضم أكثر من 24 ألف شركة، إن العقوبات المفروضة على روسيا ليس لها تأثير يذكر خارج الغرب، وأن محاولات وقف تدفق الأعمال التجارية تؤدي فقط إلى إعادة توجيهها إلى أماكن أخرى.

وأضاف بوعميم، الذي كان يشغل أيضًا منصب رئيس "غرفة دبي" بين 2006 و2022، في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز، اطلعت عليها سكاي نيوز عربية،: "العقوبات تُبطئ الاقتصاد، لكنها لا توقفه أبدًا. تستمر التجارة في التدفق، ولكن بطريقة مختلفة."

تأتي تصريحات بوعميم في الوقت الذي تستفيد فيه دبي من موقعها الجغرافي بين الشرق والغرب لتعزيز مكانتها كمركز للتجارة العالمية، في وقت تعمل فيه العقوبات المفروضة على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، والحمائية الاقتصادية، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين على إعادة تشكيل التجارة العالمية.

وبحسب الصحيفة البريطانية، يُنظر إلى دبي على أنها مستفيدة من المحاولات الأميركية والأوروبية لعزل الاقتصاد الروسي، حيث انتقل تجار النفط من جنيف إلى الإمارات العربية المتحدة بعد انضمام سويسرا إلى العقوبات المفروضة على موسكو.

ووفقًا لبوعميم، فإن قطاع الطاقة هو أهم قطاع بالنسبة لمركز دبي للسلع المتعددة، حيث يوجد حوالي 3000 شركة طاقة مسجلة في المنطقة.

أخبار ذات صلة

جاسم البديوي: الإمارات أصبحت قبلة لاحتضان الفعاليات الدولية
لأول مرة في تاريخ الإمارات.. 100 ألف مواطن في القطاع الخاص

ومع ذلك، تعرضت الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب دول أخرى، في الأشهر الأخيرة لضغوط من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة لاتخاذ إجراءات ضد الشركات التي تتعامل تجاريًا مع روسيا، بحسب الصحيفة.

وقال بوعميم: "الحقيقة هي أن الاقتصاد لا يخضع لسيطرة جانب واحد من العالم بشكل كامل مما يجعل هذه العقوبات أقل فاعلية. وإذا نظرنا فقط إلى صراع أوكرانيا، فإن العقوبات تكون فعالة عندما تنظر غربًا، لكنها ليست فعالة حقًا أبعد من ذلك".

وأضاف: "نحن لا نرى فيها أداة عظيمة لإحداث أي تأثير. إنها تجعل التجارة أكثر تعقيدًا وتؤثر على العالم بأسره".

الضغوط تتزايد على روسيا بسبب العقوبات

استهدفت الولايات المتحدة بشكل خاص البنوك الدولية التي تمول الصفقات التجارية مع روسيا.

فقد فرضت المملكة المتحدة عقوبات على شركة "بارامونت للطاقة والسلع التجارية DMCC" ومقرها في دبي، وهي كيان تأسس قبل وقت قصير من فرض مجموعة الدول السبع سقفًا على أسعار النفط الروسي، وتتشارك نفس الاسم مع شركة "بارامونت للطاقة والسلع التجارية SA" وهي مجموعة سويسرية أسسها نيلز تروست، التاجر الهولندي المخضرم.

في غضون ذلك، صوت البرلمان الأوروبي ضد إزالة الإمارات العربية المتحدة من "القائمة الرمادية" للاتحاد الأوروبي للدول عالية المخاطر.

أخبار ذات صلة

محمد شالوه: خروج الإمارات من القائمة الرمادية يعزز المصداقية
مجموعة العمل المالي ترفع الإمارات من "القائمة الرمادية"

تحديات تواجه روسيا بسبب العقوبات

وبحسب صحيفة فاينانشال تايمز، نقلا عن محللي الدفاع، فإن القيود المفروضة جعلت من الصعب على روسيا إنتاج أسلحة متقدمة والحفاظ على وتيرة القصف التي كانت عليها في وقت سابق من الحرب.

يذكر مركز أبحاث الطاقة (CREA) الفنلندي، أن العقوبات المفروضة على صادرات النفط الروسية تكلف الكرملين ما يقدر بـ 34 مليار يورو في عام 2023، ويأتي معظم هذه التكلفة من خفض أسعار النفط الروسي.

أفادت شركة غازبروم أيضًا هذا الشهر بخسارة قدرها 7 مليارات دولار بعد انخفاض صادرات الغاز الروسية إلى النصف في أعقاب الحرب الروسية ضد أوكرانيا. كما واجهت روسيا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار أنواع الواردات المستهدفة بالعقوبات وضوابط التصدير.

دبي قبلة جاذبة للاستثمارات

يرى حمد بوعميم، رئيس مركز دبي للسلع المتعددة، أن العقوبات ليست السبب في انتقال الشركات إلى دبي، قائلًا: "لم يكن الروس هم من سيطروا فعليًا على النمو. لقد حققنا نموًا قادمًا من سويسرا. لدينا شركات من دول أخرى. يرون أن دبي لديها البنية التحتية وإمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية والموقف الحيادي بشأن الحرب".

وأضاف أن العديد من الشركات العالمية التي اضطرت إلى مغادرة روسيا تحتاج أيضًا إلى العثور على مكان يتم فيه الترحيب بموظفيها الروس.

أخبار ذات صلة

اقتصاد الإمارات‭ ‬ينمو 4.3 بالمئة خلال الربع الرابع من 2023
الإمارات وأميركا.. تعاون لتعزيز الاستثمار بالذكاء الاصطناعي

جاءت تصريحات بوعميم، خلال إصدار مركز دبي للسلع المتعددة (DMCC) لتقرير حول مستقبل التجارة، والذي توقع فيه تحديات متزايدة بسبب العزوف عن العولمة وتغير المناخ، مع إمكانية التعويض جزئيًا من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي لإعادة رسم وإدارة سلاسل التوريد.

وقال بوعميم: "لقد بدأت الحمائية تتصدر جدول أعمال جميع السياسيين. لسوء الحظ، السياسة تقود قرارات لا تكون مجدية تجاريًا للاقتصاد العالمي".

وأشار إلى أن دولة الإمارات ودول الخليج بشكل عام تمكنت حتى الآن من الحفاظ على موقف محايد، على سبيل المثال، "ليست موالية لأميركا ولا معادية للصين". لكنه أضاف أن الحفاظ على هذا الموقف أصبح أكثر صعوبة مع بدء الولايات المتحدة في مطالبة الدول باختيار طرف دون آخر.

وقال بوعميم: "هذا التوتر بين الولايات المتحدة والصين لم يعد مشكلة تخصهما فقط. إنها تشكل تحديًا للشركات في جميع أنحاء العالم".

خروج الإمارات من القائمة الرمادية.. كيف يعزز ثقة المستثمرين؟