شهد قطاع السياحة العالمي منذ بداية جائحة كورونا ووصولًا للتغيرات والاضطرابات الجيوسياسية حول العالم، بما في ذلك التوترات في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى الحرب في أوكرانيا، جملة من العقبات والتحديات، والتي أثرت اقتصادياً على دول العالم، لا سيما تلك التي تعتبر السياحة مصدراً رئيسياً من مصادر دخلها القومي.
ورغم تلك العراقيل توقعت منظمة السياحة العالمية تعافي القطاع عالميا بالكامل من مستويات ما قبل الجائحة في العام 2024.
وقالت المنظمة في تقرير لها: "من المتوقع أن تتعافى السياحة العالمية في 2024 بالكامل من تداعيات جائحة كوفيد-19 وأن يزيد عدد السياح الدوليين باثنين بالمئة مقارنة بعام 2019".
يأتي ذلك بينما كانت السياحة العالمية قد استعادت نحو 88 بالمئة من مستويات ما قبل الجائحة، وذلك بما يصل إلى 1.3 مليار وافد دولي.
وعلى الرغم من أن عدم الاستقرار الجيوسياسي في الشرق الأوسط ومناطق أخرى يشكل خطرا على قطاع السياحة لأنه قد يؤثر على رغبة الأفراد في تنفيذ خططهم للسفر، إلا أن تقديرات المنظمة تشير إلى أن زيادة عدد الرحلات الجوية وتعافي الأسواق الآسيوية سيتيحان عودة كاملة لأنشطة السياحة في أنحاء العالم هذا العام,
فيما يعتقد مختصون بأن الأوضاع الجيوسياسية الراهنة قد تؤثر على حركة السياحة في الشرق الأوسط، بنسبة لا تتجاوز الـ15 بالمئة، مؤكدين أن التوصل لاتفاق بين حماس وإسرائيل يساعد في عودة معدلات السياحة مرة أخرى.
وأضافوا في تصريحات متفرقة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن القطاع السياحي متعافٍ بشكلٍ كبير في كثير من الدول، خاصة الدول الأوروبية التي تشهد انتعاشًا طوال العام.
السياحة وكورونا
يقول نقيب السياحيين المصريين باسم حلقة، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- جائحة كورونا أثرت بشكل كبير على حركة السياحة العالمية.
- بعض الدول الكبرى نجحت في تخطي هذه الأزمة، وذلك من خلال تطبيق معايير الصحة العالمية، حيث كانت تستقبل مجموعات سياحية بوجود حجر صحي في المطارات، إضافة إلى عمليات التطهير والتعقيم والكشف من قبل شركات السياحية، وذلك وفق الإجراءات الاحترازية المتبعة.
- استعادت الدول نشاطها السياحي بعد الجائحة بفتح المطارات واستقبال السائحين بشكل أكبر، وهو ما يعزز تقدرات النمو بالنسبة للقطاع.
- الجائحة أسهمت في زيادة أعداد السائحين في بلدان العالم، نظرًا لتعطش الكثير منهم للسفر وحركة الطيران بعد عودة الرحلات.
لكنه يشير في الوقت نفسه إلى أن الأوضاع الراهنة التي تشهدها بعض بلدان العالم نتيجة الحرب في غزة والحرب في أوكرانيا تؤثر بشكل كبير على الحركة السياحية البينية بين الدول، منها دول جوار أوكرانيا، ومنطقة الشرق الأوسط خاصة دولتي الأردن وتونس، موضحًا أن دول السياحة في الشرق الأوسط لا يتم الوصول إليها إلا عن طريق الطيران، ولكن الأوضاع الراهنة تعرقل هذا الأمر.
أوروبا الأفضل
ويستطرد: القطاع السياحي العالمي متعافٍ بشكل كبير في كثير من الدول، خاصة الدول الأوروبية التي تشهد انتعاشًا طوال العام لأسباب عدّة تمثلت في عدد من العوامل، من بينها اتفاقية شنغن التي توفر إطارًا قانونيًّا لحرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي، مما ساهم في حركات السفر والتنقل عبر البلدان الأوروبية المختلفة، علاوة على شبكات الطيران الكبيرة التي تربط الدول الأوروربية ببعضها، فضلاً عن شبكة السكك الحديدية وشبكة الطرق الكبيرة.
ويتابع: هناك دول أخرى في منطقة الشرق الأوسط أكثر أمانًا من بينها مصر، حيث حصلت على حصص إضافية أخرى لعدم استقرار بعض الدول السياحية الأخرى، فعلى سبيل المثال اختارات منظمة الأفروآسيوية مدينة شرم الشيخ من المدن العالمية الأكثر أمانًا، مما يؤكد أن مصر تسير بخطى ثابتة، بالإضافة إلى الاستعدادات الحالية التي تنفذها لافتتاح المتحف المصري الكبير.
وفي 2023، استعاد الطلب على السفر في أوروبا وأفريقيا تقريبا مستويات ما قبل الجائحة، فيما تجاوزها في الشرق الأوسط.
وحققت بعض الوجهات السياحية مثل دول جنوب أوروبا المطلة على البحر المتوسط ومنطقة البحر الكاريبي ودول أمريكا الوسطى وشمال إفريقيا إنجازا في استقطاب عدد أكبر من السياح الدوليين في العام الماضي بالمقارنة مع 2019.
توترات الشرق الأوسط
وفي سياق متصل، يؤكد الخبير السياحي محمد كارم لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة تعيق جزءاً كبيرًا من الحركة السياحية الوافدة لها، إضافة إلى بعض الدول القريبة من روسيا وأوكرانيا مثل بولندا، عكس الدول الأوروبية التي تشهد ارتفاعًا في معدلات السياحة.
ويتوقع كارم أن يشهد قطاع السياحة في الشرق الأوسط تراجعًا نسبيًا في عام 2024، نظرًا للأوضاع الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، مؤكدًا أن التراجع لن يكون بنسبة كبيرة.
ويضيف أن منظمة السياحة العالمية أقرت بأن مصر على سبيل المثال من الدول الآمنة في جميع الأوقات، الأمر الذي يساعد في تنشيط السياحة، خاصة أن مصر غيرت مفهوم الأسواق المحددة لجذب السائحين، فأصبح لديها أنماط وأشكال سياحية تم إضافتها على الأجندة السياحية، منها: السياحية العلاجية والاستشفائية والشاطئية والثقافية، وغيرها من الأنماط المخلتفة.
ووفقا لتقرير المنظمة، بلغت مساهمة قطاع السياحة في الاقتصاد العالمي في 2023 نحو 3.3 تريليون دولار.
توقعات بالتعافي
وفي السياق ذاته، يرى عضو الاتحاد المصري للغرف السياحية، الدكتور حسام هزاع، أن المناطق التي لم تتأثر بالأوضاع الراهنة سوف تشهد انتعاشًا في حركة السياحة، مثل أميركا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا وأميركا اللاتينية، إضافة إلى بورصة برلين العالمية، عكس البلدان التي تتأثر بالأزمات مثل منطقة الشرق الأوسط.
ويضيف في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الأوضاع الراهنة تؤثر بنسبة لا تزيد على 15بالمئة على حركة السياحة في الشرق الأوسط.
ويتابع: إذا توصلت "إسرائيل وحماس" لاتفاق سوف يساعد ذلك في عودة حركة السياحة إلى معدلاتها الطبيعية في الشرق الأوسط، خاصة بعد توقف السياحة الدينية بين إسرائيل وفلسطين والأردن .