تمضي مصر قدما في استكمال حلمها لبناء محطة طاقة نووية سلمية، والذي يراودها منذ ستينات القرن الماضي، وهو المشروع الذي من شأنه أن يوفر طاقة كهربائية مستدامة ورخيصة، ويسهم في التنمية المستقبلية للبلاد.
وقد شهد الرئيس الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، بدء صب الخرسانة بقاعدة وحدة الكهرباء رقم 4 بمحطة الضبعة للطاقة النووية في مصر.
وتنفذ شركة روساتوم الحكومية الروسية أعمال الإنشاءات. وتتكون المحطة من أربع وحدات للكهرباء بقدرة إجمالية تبلغ 4.8 غيغاوات، وتبلغ تكلفتها حوالي 30 مليار دولار منها 25 مليار دولار قرض روسي، تبدأ مصر في سداده بفائدة 3 بالمئة اعتبارا من أكتوبر 2029، ولمدة 35 عاما، بحسب تقارير إعلامية.
وتقع منطقة الضبعة على البحر المتوسط في شمال غرب مصر، على مسافة نحو 260 كلم غرب الإسكندرية.
وقال الرئيس السيسي، في كلمته اليوم إن "هذه اللحظة التاريخية ستظل خالدة فى تاريخ وذاكرة هذه الأمة، وشاهدة على إرادة هذا الشعب العظيم، الذى صنع بعزيمته وإصراره وجهده التاريخ على مر العصور وها هو اليوم يكتب تاريخا جديداً بتحقيقه حلماً طالما راود جموع المصريين، بامتلاك محطات نووية سلمية".
وأضاف أن "تنفيذ مشروع مصر القومى بإنشاء المحطة النووية بالضبعة يسير بوتيرة أسرع من المخطط الزمنى المقرر، متخطياً حدود الزمان، ومتجاوزاً كل المصاعب".
وذكر السيسي أن بدء تنفيذ الصبة الخرسانية الأولى للوحدة النووية الرابعة بمشروع الضبعة النووى، تأذن بشروع الدولة المصرية فى مرحلة الإنشاءات الكبرى لكافة الوحدات النووية بالمشروع".
وقال السيسي إن "ما يشهده عالمنا اليوم من أزمة فى إمدادات الطاقة العالمية يؤكد أهمية القرار الاستراتيجى الذى اتخذته الدولة المصرية بإحياء البرنامج النووى السلمى المصرى لإنتاج الطاقة الكهربائية، كونه يساهم فى توفير إمدادات طاقة آمنة ورخيصة وطويلة الأجل، وبما يقلل الاعتماد على الوقود الأحفورى، ويجنب تقلبات أسعاره".
وقال إن "إضافة الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة الذى تعتمد عليه مصر لإنتاج الكهرباء يكتسب أهمية حيوية للوفاء بالاحتياجات المتزايدة من الطاقة الكهربائية اللازمة لخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويساهم فى زيادة الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة، بما يحقق الاستدامة البيئية والتصدى لتغير المناخ".
وأشار إلى أن الخطوة الحالية تمثل إنجازا جديدا في ملف التعاون الثنائي مع روسيا.
من جانبه قال بوتين خلال كلمة له، إن الحدث يمثل مرحلة جديدة في بناء المحطة النووية بمصر "حيث تعد أهم المشاريع بين البلدين.. إنجازها سيساهم في تعزيز الاقتصاد المصري".
تاريخ البرنامج النووي المصري
رغم أن عمر البرنامج النووي المصري يعود إلى عام 1956، إلا أن أول مشروع لبناء محطة نووية بالبلاد انطلق فعليا في 19 نوفمبر 2015، حين وقعت مصر وروسيا اتفاقا على إنشاء محطة الضبعة النووية بمحافظة مرسى مطروح غرب القاهرة، المطلة على سواحل البحر المتوسط.
يذكر أن مصر أنشأت في عام 1957 مؤسسة الطاقة الذرية، وبدأت تشغيل مفاعل الأبحاث الأول في أنشاص عام 1961 ليكون نواة لمشروعها النووي.
وفي مطلع ثمانينات القرن الماضي، بدأت مصر إجراءات لبناء محطة للطاقة النووية في الضبعة، لكن تم تعليق المشروع بعد كارثة تشيرنوبل في 1986.
وفي العام 2008 عادت مصر وقررت إحياء مشروع المحطة النووية لإنتاج الكهرباء وكانت روسيا تتنافس مع دول أخرى للفوز به إلا أن المشروع لم يكتمل، بسبب الظروف التي أعقبت أحداث يناير 2011.
وجاء البرنامج النووي المصري الجديد بمبادرة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد توقيع مذكرة تفاهم بهذا الشأن في عام 2015، مع الجانب الروسي، ثم توقيع اتفاقية في نفس العام لتنفيذ المشروع.
وفي 2017، أبرم البلدان عقود إنشاء أربعة مفاعلات بطاقة 1200 ميغاوات لكل منها، مع شركة روساتوم الروسية.
وتأخر تنفيذ المشروع خمس سنوات لأسباب فنية، بسبب عدة تحديات أعاقت المشروع، بعدما كان مقررا له أن ينطلق رسميا في 11 ديسمبر 2017، وأن تسلم الوحدة الأولى منه في 2024.
وفي يوليو 2022، أعلنت شركة روساتوم الروسية العملاقة للطاقة النووية، بدء إنشاء أول محطة للطاقة النووية في مصر، حيث شهد وزير الكهرباء المصري محمد شاكر ورئيس روساتوم أليكسي ليخاتشيف، صب البلاطة الخرسانية التي ستستخدم كأساس لمحطة الضبعة في شمال البلاد، لتنطلق بعدها أعمال الإنشاءات في المشروع.