يشهد حي الشجاعية في غزة معارك ضارية واشتباكات عنيفة منذ أيام بين قوات الجيش الإسرائيلي المتوغّلة من شرق مدينة غزة وعناصر كتائب القسّام، في حين تلفّه المآسي الإنسانية بعد القصف العشوائي والمجازر الإسرائيلية التي أودت بحياة المئات من أبنائه ونزوح الآلاف، ضمن استراتيجية تهدف إلى تدميره بشكل تام.

وفق وسائل إعلام فلسطينية، تعرَّض الشجاعية، بعد أن شهد 7 حروب متتالية، خلال يوم 7 أكتوبر الماضي فقط، لقصف جوي بأكثر من 60 صاروخا، بينما خلال الأيام الماضية تم محو مربعات سكنية بشكل كامل، ما خلّف مئات القتلى والجرحى ودفن العشرات تحت الأنقاض، فضلا عن تحوّل أغلبه إلى ركام، كما يشهد قصفا مدفعيا متواصلا وعشرات الأحزمة النارية.

في المقابل، نشرت كتائب القسّام، الأربعاء الماضي، لقطات من تصدّي عناصرها لتوغّل القوات الإسرائيلية بقذائف "الياسين"، قبل أن يدمّروا 3 دبابات إسرائيلية، بينما التقط مقاتل صورة مع دبابة خلفه وهي تشتعل قائلا: "لعيون أبو حسين فرحات"، في إشارةٍ إلى قائد كتيبة الشجاعية، وسام فرحات، الذي قُتل منذ أيام.

كما قالت "سرايا القدس"، الخميس، إن عناصرها استهدفوا 3 آليات عسكرية إسرائيلية في الشجاعية بقذائف "التاندوم" وعبوات العمل الفدائي.

تاريخ الشجاعية

تعود جذور الحي لمعركة دارت بين الأيوبيين والصليبيين عام 1239، حسب المركز الفلسطيني للإعلام، إذ انتصر فيها المسلمون، وتنسب تسميته إلى "شجاع الدين عثمان الكردي"، أحد أبطال تلك المعركة الذي قُتل فيها.

  • بُني في عهد الأيوبيين وبه أكبر سوق شعبية تُعرف "بساحة الشجاعية".
  • يضم جامع أحمد بن عثمان أو "الجامع الكبير" بالمدينة القديمة، وقبر أحد مماليك السلطان برقوق، ويدعى "يلخجا".
  • به عدة مساجد تاريخية أخرى؛ منها "الهواشي" و"السيدة رقية" و"علي بن مروان".
  • فيه مقبرتا الحرب العالمية الأولى و"التونسي".
  • يوجد به قبر يقال إنه لـ"شمشون الجبار" الشهير.
  • مسقط رأس شاعر الثورة الفلسطينية، معين بسيسو.

لماذا "الشجاعية" هدف استراتيجي لإسرائيل؟

يقع الشجاعية بالنصف الشمالي من مدينة غزة، ويعدّ أكبر أحياء القطاع وبوابته الشرقية، وله رمزية كبيرة، لأنه أُسرَ فيه الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون عام 2014.

كما توجد فيه كتيبة "الشجاعية" من أقوى عناصر "القسّام"، ويمثّل أعلى تجمّع سكاني بغزة، ويبلغ معدل الأسرة الواحدة ما بين 8- 16 فردا، حسب مركز الإحصاء الفلسطيني، كما أن:

  • مساحته 8 ملايين متر مربع، وينقسم إلى قسم جنوبي يُعرف بـ"التركمان"، وآخر شمالي يُعرف بمنطقة "إجديدة"، ويقطنه نحو 150 ألف نسمة.
  • يحتضن الفصائل الفلسطينية كافة، وكونه معقلا لانطلاقتها شهد البدايات الأولى لمنظمة التحرير الفلسطينية، والجبهتين "الشعبية" و"الديمقراطية".
  • ينتمي إليه حاليا أبرز قادة الفصائل الفلسطينية الحالية، ويعد المقر الرئيسي لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
  • توجد به تلة "المنطار"، وترتفع بنحو 85 مترا، وتعد مفتاحا لمدينة غزة، إذ عسكرت عليها قوات نابليون بونابرت، وقد قتل فيها آلاف من جنود الحلفاء في أثناء الحرب العالمية الأولى، ودفنوا جميعا في مقبرة بالحي.
  • كان له دور كبير في أثناء معارك عام 1967.
  • في أكتوبر 1987، تحوّل إلى ساحة مواجهات بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية في معركة تسمّى بـ"معركة الشجاعية".
  • حوّلته إسرائيل هدفا عسكريا لغاراتها واجتياحها البري المتكرّرة في عدوان 2003 و2004 و2008 و2012 و2014 و2021 و2023 على التوالي على غزة، ويشهد مواجهات حاليا مع عناصر "حماس" و"الجهاد الإسلامي".

أخبار ذات صلة

إسرائيل تنشر فيديو وصورة لقادة بحماس داخل نفق "قبل مقتلهم"
الثلاثاء الدامي.. إسرائيل تعترف بأشرس يوم في معارك غزة
قتلى بقصف إسرائيلي على شمال وجنوب قطاع غزة
بالعبوات الناسفة.. حماس تستهدف قوة قوامها 60 جنديا إسرائيليا

من هم أبرز قادة "الشجاعية"؟

تركّز وسائل إعلام إسرائيلية على حي الشجاعية وتنشر صور قادة وحتّى مقاتلين أفراد، كما نشرت قناة "12" منشورا يضم صورا لقادة عسكريين في "حماس"، متمركزين في الشجاعية، ومن أبرزهم:

  • نائب قائد كتيبة الشجاعية، عماد قريقع.
  • مسؤول الصواريخ، أسامة ظاظا.
  • قائد سرية المساعدات الحربية، محمة عجلة.

يقول المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض، إنّ "الشجاعية" من أبرز أحياء مدينة غزة، بل يكاد يكون معلمها التاريخي الأول، حيث تم بناؤه في عهد الأيوبيين ويُنسب في تسميته إلى "شُجَاع الكردي".

ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الحي تميّز على مدار التاريخ كموقع عسكري استراتيجي، ومفتاح لمدينة غزة، ما جعله عنوانا رئيسيا لأي عدوان إسرائيلي بري على القطاع.

  • يعدّ معلما للمقاومة، إذ تشكّلت فيه بدايات المقاومة الفلسطينية.
  • يحتضن كل الفصائل الفلسطينية، ويعد معقلا لانطلاقتها، إذ شهد البدايات الأولى لمنظمة التحرير، والجبهتين الشعبية والديمقراطية.
  • المقر الرئيسي لحركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي".
  • ضم الحي العديد من قادة كتائب القسام، ومن أبرزهم أحمد الجعبري نائب القائد العام لكتائب القسام، الذي اغتيل في 2012، والأمين العام السابق لحركة الجهاد الفلسطينية رمضان شلح.
  • أحد أبنائه هو قائد كتيبة الشجاعية وسام فرحات، وشهرته "أبو حسين فرحات" الذي قتل قبل أيام بعد التخطيط وقيادة عمليات ضد إسرائيل منذ عام 2010، وعام 2014، قاد هجوما بالحي أسفر عن مقتل 7 جنود إسرائيليين، من بينهم الجندي أورون شاؤول، حيث تحتفظ "حماس" بجثته حتى الآن.
  • من أبرز الأسماء في الشجاعية "مريم فرحات"، التي توفّيت عام 2013، بعد أن نالت شهرة واسعة؛ وتلقّب بـ"خنساء فلسطين"، كونها قدّمت 4 من أبنائها شهداء، بينهم "وسام فرحات" قائد كتيبة الشجاعية، ونجلها "محمد" الذي قتل 9 إسرائيليين في 2002.
أنفاق حماس "سلاح الأسلحة" أمام إسرائيل برياً في غزة؟