لا يتفاءل خبراء في الجماعات الإسلامية كثيرا بأن قرار بريطانيا القاضي بإدراج جماعة الإخوان الإرهابية على قائمة التطرف سيكون رادعا للجماعة، التي توجد في البلاد بأسماء وشعارات "تخفي هويتها الحقيقية".
ويعرض عدد من هؤلاء الخبراء لموقع "سكاي نيوز عربية" الاحتياطات التي اتخذتها جماعة الإخوان في بريطانيا، طوال السنوات الماضية، لحماية نفسها من القرارات المماثلة، بما في ذلك اختراق المؤسسات البريطانية.
تفاصيل القرار البريطاني
- وضعت لندن، الخميس، جماعة الإخوان على رأس قائمة التطرف، وفق مقاييس التعريف الحكومي الجديد للتطرّف.
- ينصّ التعريف الجديد على أن التطرف "هو ترويج أو تعزيز أيديولوجية تقوم على العنف أو الكراهية أو التعصّب، تهدف إلى تدمير الحقوق والحريات الأساسية، أو تقويض أو استبدال الديمقراطية البرلمانية الليبرالية في بريطانيا، أو خلق بيئة للآخرين عن عمد لتحقيق تلك النتائج".
- يهدف التعريف إلى مكافحة ما وصفه رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، بأنه "سم" للديمقراطية، محذّرا من "زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام، تهدد البلاد بالانتقال إلى حكم الغوغاء".
- كانت لندن تعرف التطرف بأنه "معارضة صريحة أو فعلية لقيمنا الأساسية"، مثل الاحترام المتبادل والتسامح، وهو التعريف الذي سمح لجماعة بتجذير حضورها في بريطانيا.
- أعلن وزير المجتمعات المحلية، مايكل غوف، أن منظمات مثل الرابطة الإسلامية في بريطانيا، وهي الفرع البريطاني لجماعة الإخوان، ومجموعات أخرى مثل كيج وميند، تثير التوجّس من توجهاتها، وتشكل خطرا على الديمقراطية.
- يفترض أن يؤدي التعريف الجديد للتطرف إلى إدراج المنظمات المعنية على لائحة سوداء وحرمانها من الأموال العامة.
- جاء القرار متزامنا مع زيادة معدلات العنف الموجّهة ضد المسلمين واليهود على خلفية الحرب الجارية في قطاع غزة.
"خطوة متأخّرة جدا"
يصف جاسم محمد، رئيس المركز الأوروبي لدراسة مكافحة الإرهاب والاستخبارات، القرار البريطاني بوضع جماعة الإخوان على قائمة الإرهاب بـ"الخطوة المتأخرة جدا".
ويفسّر ذلك قائلا:
- بعد التطوّرات التي شهدتها بريطانيا عام 2015، كانت هناك مراجعات لوضع جماعة الإخوان، ومنذ عام 2015 وإلى حد الآن لم يتم اتخاذ هذا القرار.
- توقيت اتّخاذ القرار صعب، وهو التزامُن مع حرب غزة؛ فكل من بريطانيا وبقية دول أوروبا تواجه تحديات مع خروج المظاهرات المؤيّدة لحركة حماس؛ إذ استغلت الجماعات الإسلاموية الحرب لخلق خلط بين تأييد الفلسطينيين وتأييد "حماس"، واستقطبت الكثيرين؛ ولذا تحاول لندن الآن الحد من تأثير مؤيدي "حماس".
تكرار غير جاد
الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد سلطان، لا يرى في القرار البريطاني مؤشّرا لكبح حقيقي لجماعة الإخوان، قائلا إنه وفق مقاييس التعريف الحكومي الجديد للتطرّف، فإن القرار "خطوة براغماتية وغير جادة من الحكومة البريطانية".
ويدلّل على ذلك بأن:
- في نفس الوقت الذي يتم فيه اعتماد تعريف جديد لمكافحة التطرّف، فإن قيادات الإخوان بما فيهم نجل أنس التكريتي، الذي كان واحدا من القيادات المؤسسة للرابطة الإسلامية، التقوا مسؤولين خلال الفترة الماضية؛ بمن فيهم قائد شرطة لندن، مارك رولي.
- إدراج الإخوان على قائمة التطرف خطوة من سلسلة خطوات مكررة تلجأ إليها الحكومة البريطانية من آن لآخر، أملا في استيعاب زخم سياسي موجود، والزخم السياسي الآن مرتبط بالحرب على غزة، لكن الخطوة لن تؤثّر بشكل جوهري على جماعة الإخوان.
- جماعة الإخوان في بريطانيا لديها خبرة طويلة في إخفاء الشبكات التنظيمية الخاصّة بها، وإجراء تغييرات على البنى الهيكلية للمنظمات التابعة لها؛ بحيث يصعب تعقّبها، ويصعب حظرها أيضا.
- بالنسبة إلى التعريف الجديد، فهو خطوة تهدف للترويج بأن الحكومة تتّخذ إجراءات من أجل الحد من معادة السامية بعد تصاعد الكراهية، لكن هذا لن يؤدّي إلى اختراق حقيقي فيما يتعلّق بملف نشاط الإخوان؛ وبالتالي لن يكون لها صدى كبير في أوروبا.
- هناك دول أوروبية بدأت في اتخاذ خطوات ضد جماعات الإخوان، والجماعات التي يشتبه في أنها قريبة من حركة حماس، وهذه الخطوات أثّرت على شبكة حماس والجماعة، لكن الوصول إلى حظر كامل لجماعة الإخوان أو المنظمات المرتبطة بها لن يتحقّق، بل العكس، بعد موجة التصعيد الحالية سنشهد موجة تهدئة، وستكون هناك اتفاقات وتفاهمات مع الإخوان.
الالتفاف على الخطوة
يلفت هشام النجار، الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، إلى أن بريطانيا شهدت تصاعدا في التطرف والتطرف المضاد الخاص بمؤيّدي طرفَي الحرب في غزة (حركة حماس وإسرائيل).
وعن تأثير القرار البريطاني على تحقيق كبح دائم وحقيقي لهذا التطرّف، يتوقّع النجار أنه "لن يتغيّر الكثير على الأرض"، ويدلل على ذلك بالاحتياطات التي اتخذتها جماعة الإخوان خلال السنوات الماضية لحماية وجودها من أي قرارات تستهدفها:
- الجماعة قطعت أشواطا في تكريس نفوذها وحضورها في بريطانيا، مثل أنها تسرّبت في المؤسسات ودوائرة الأجهزة النافذة، ويلتقي قادتها وناشطوها مسؤولين مهمّين.
- جماعة الإخوان تتحرّك بوسائل لا تكشف هويتها، مثل استخدام أسماء وشعارات غير الأسماء والشعارات التي تدل عليها، ويساعدها في ذلك وجود مؤيِّدين لها في عدة مؤسسات.
- تعزّز الجماعة علاقاتها كذلك بقوى اليسار الغربي.
- تستخدم فزاعة الإسلاموفوبيا (استهداف الإسلام)، حيث تتهم كل مَن يمس نشاطها غير المشروع بأن ذلك يعدّ معاداة للإسلام ذاته.
- تستغل سيطرتها على قطاع من الجمهور المسلم في ابتزاز الساسة الذين يحتاجون إلى أصوات المسلمين في مواسم الانتخابات.