حين شنت حركة حماس هجوم السابع من أكتوبر، لم تتوقع أكثر التقديرات أن تدخل الحرب عامها الثاني، وإن تعالت الأصوات المحذرة من الكوارث الإنسانية التي ستحدثها العمليات العسكرية في قطاع غزة، واتساع نطاقها لتتحول إلى حرب إقليمية.
في القاهرة وبعد أسبوعين من العملية، استضافت مصر قمة للسلام بمشاركة عربية ودولية واسعة، بهدف التوصل لاتفاق يقود لخفض التصعيد ووقف إطلاق النار في القطاع.
وفي كلمته أمام القمة شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أن حل القضية الفلسطينية، ليس في التهجير وإزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى، بل إن حلها الوحيد، هو حصول الفلسطينيين على حق العيش بكرامة وأمان في دولة مستقلة على أرضهم.
لم تتوصل قمة القاهرة لتوافق دولي بشأن وقف إطلاق النار، لكن هذا لم يحل دون أن تواصل مصر دورها كوسيط لوقف إطلاق النار ، وكثفت جهودها مع قطر في هذا المسار، جنبا إلى جنب مع جهود إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، حيث تحولت مدن شمال سيناء إلى مستودعات ضخمة لاستقبال المساعدات وتجهيزها تميهدا لإدخالها إلى قطاع غزة.
تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية
ومع إصرار إسرائيل على استمرار عملياتها في قطاع غزة، واقتحامها مدينة رفح ووجودها على محور فيلادلفيا إضافة إلى تهرب بنيامين نتنياهو من الالتزام بأي اتفاقات تقود إلى وقف إطلاق النار، دخلت العلاقات المصرية الإسرائيلية مرحلة من غير مسبوقة من التوتر.
ووفقا لبشير عبد الفتاح، من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فإن العلاقات المصرية الإسرائيلية تدهورت بسبب الحرب في قطاع غزة، وانتقال مصر من موقع الوسيط إلى موقع الطرف في الأزمة بسبب إصرار نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح البري.
وإلى جانب ما شهدته العلاقات المصرية الإسرائيلية من توتر، فقد تسبب دخول ميليشيات الحوثي اليمنية على خط المواجهة في التشويش على حركة الملاحة في قناة السويس، ما كبد الاقتصاد المصري خسائر قدرت بنحو 6 مليارات دولار خلال شهور الحرب.
من السلام إلى الحرب الباردة
من مرحلة السلام البارد إلى مرحلة الحرب الباردة، هكذا يصف كثيرون العلاقات المصرية الإسرائيلية في هذه المرحلة، بسبب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة
عام كامل، حاولت مصر خلاله بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية وقف الحرب ومنع اتساع نطاقها لكن دون جدوى، وهو ما أكده خبراء لسكاي نيوز عربية.
مدير مركز بروكسل الدولي للبحوث رمضان أبو جزر، أكد أن العلاقات المصرية-الإسرائيلية تمر بأسوأ مرحلة لها، منذ توقيع السلام المصري الإسرائيلي.
وقال أبو جزر: "هناك غضب شديد، وانعدام الثقة، واقتربت العلاقات من الصدام عند اجتياح رفح والسيطرة على معبر فيلادلفيا من قبل إسرائيل".
وشدد أبو جزر: "أعتقد بأن مصر، وبعقلانية كبيرة، تحاول ضبط الإيقاع والوصول إلى وقف فعلي لإطلاق النار، على عكس بنيامين نتنياهو، الذي يستمر في توسعة الحرب".
أما الأستاذ الزائر بالناتو والأكاديمية العسكرية، سيد غنيم، فأكد أن أساس "انعدام الثقة" بين إسرائيل ومصر، هو تحميل إسرائيل الجانب المصري، مسؤولية ما حدث في 7 أكتوبر.
وقال غنيم لسكاي نيوز عربية: "المشكلة الرئيسية كانت في مكتب نتنياهو، انعدام الثقة أساسها من إسرائيل، حيث إسرائيل كانت تعتبر مصر مسؤولة عن حماس داخل غزة".
وأضاف: "عند 7 أكتوبر، اعتبرت إسرائيل أن مصر هي المسؤولة الأول، لهذا انعدمت الثقة بشكل أكبر".
وقال غنيم إن لمصر 4 أهداف رئيسية، من الصراع الحالي، وهي:
- وقف الحرب في غزة.
- إيصال المساعدات.
- وقف القتل.
- عدم الوصول بالقوات الإسرائيلية إلى وضع ما قبل 2005.
وقال غنيم إننا لم نصل إلى محاولة إسرائيلية لتحقيق هذه الأهداف حتى الآن، وهو ما وسع "الفجوة" بين الطرفين خلال الحرب.