تعد شرائح معالجات الهواتف الذكية عنصراً أساسياً يساهم في تحديد جودة وأداء أي هاتف جديد، فهذه المعالجات هي القوة الدافعة لكل نشاط رقمي يقوم به المستخدم على هاتفه.
وفي عالم يتغير بسرعة، خصوصاً بعد ظهور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، باتت الشركات المصنعة للهواتف، ملزمة في تعزيز أجهزتها بمعالجات تضمن تنفيذ العمليات والمهام التقنية المعقدة بسرعة خاطفة، حيث أنه كلما كان المعالج أكثر قوة وكفاءة، كلما كانت تجربة المستخدم أكثر سلاسة وفعالية.
وفي عام 2023 حققت شركة آبل تقدماً مذهلاً في صناعة معالجات الهواتف عندما أطلقت هاتفها الذكي آيفون 15 برو ماكس مزوّداً بمعالج A17 Pro، الذي يعد أول معالج مخصصاً للهواتف يتم تصنيعه بتقنية 3 نانوميتر المتطورة جداً، حيث ساهمت هذه التقنية في رفع أداء الهاتف بشكل كبير، مما جعل آيفون 15 برو ماكس يتفوق على منافسيه مثل سامسونج وهواوي وغوغل، من حيث توفير أسرع وأقوى المعالجات المتاحة في السوق.
معالج عملاق بقوة خيالية
ومع إطلاق سلسلة هواتف آيفون 16 الجديدة يتبين للمراقبين أن آبل مُصرّة على توسيع الفجوة مع منافسيها، فيما يتعلق بالتكنولوجيا الخاصة بأنظمة رقائق الهواتف، إذ أعلنت الشركة عن تزويد هاتفيْ آيفون 16 برو وبرو ماكس الجديدين، بمعالج A18 Pro الذي قالت عنه آبل إنه معالج عملاق بقوة خيالية سيمنح الهواتف مستويات سرعة غير مسبوقة وكفاءة استثنائية وأداء رسومات غرافيك للألعاب يفوق الخيال.
ويتفوق معالج A18 Pro الجديد من آبل، في العديد من النواحي التقنية على منافسيه، فهو الأول في السوق الذي يستند في طريقة تصنيعه على تكنولوجيا الجيل الثاني من تقنية 3 نانوميتر الأكثر كفاءة، كما أن المعالج مزود بوحدة معالجة مركزية CPU سداسية النوى، أسرع بـ 20 في المئة من تلك الموجودة في الجيل السابق، إضافة إلى وحدة معالجة رسومات GPU أسرع بـ 15 في المئة من الجيل السابق، ومحرك عصبي Neural Engine بـ 16 نوى بإمكانه تنفيذ ومعالجة نحو 35 تريليون عملية في الثانية الواحدة، وهذا ما سينعكس تحسناً كبيراً في قدرات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في هاتفيْ آيفون 16 برو و16 برو ماكس.
من صنع هذا المعالج؟
ورغم أن آبل ليست شركة متخصصة في صناعة معالجات الهواتف، إلا أن شراكتها مع ARM وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC ساعدتها في التفوق في هذا المجال، فشريحة A18 Pro التي تظهر للجمهور على أنها الجيل الجديد من معالجات Apple Silicon، هي بالحقيقة نتاج تعاون بين صانعة الآيفون وARM وTSMC، فأبل تملك رخصة تتيح لها استخدام تصاميم ARM لمعالجات الهواتف، في حين أن TSMC ملزمة بموجب اتفاقية وقعتها مع آبل، على أن تمنح صانعة الآيفون الأولوية بكل ما يتعلق بالتقنيات المتفوقة في مجال تصنيع وانتاج الشرائح.
هواوي تتكتم
وعلى عكس شركة آبل، لم تكشف هواوي عن المعالج المستخدم في هاتفها الجديدMate XT Ultimate Design ثلاثي الطيات الذي تزامن إطلاقه مع اطلاق هواتف آيفون 16، حيث من المنتظر أن يخضع الهاتف لعملية تفكيك بعد طرحه في الأسواق لمعرفة نوع الشريحة المدمجة به، وهو السيناريو نفسه الذي لجأت إليه هواوي العام الماضي، عندما كشفت عن هاتف Mate 60 Pro والذي تبين لاحقاً أنه يحتوي على شريحة Kirin 9000 المتطورة التي تتحدى العقوبات الأميركية المفروضة على الشركة الصينية.
نقطة ضعف هواوي
وكان تقرير أعدته CNBC في وقت سابق من هذا الأسبوع، واطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أشار إلى أنه في حين تحاول هواوي التفوق على آيفون الجديد بإطلاق "هاتفها ثلاثي الطيات"، تظل قدرات الرقائق الخاصة بالشركة الصينية نقطة ضعف، فبحسب المحلل الأول للتكنولوجيات الناشئة في شركة Oppenheimer & Co، مارتن يانج، فإن شرائح هواوي وفي جميع الأحوال سوف تكون متأخرة عن أحدث تقنيات آبل بعامين أو ثلاثة، مشيراً إلى أن الشركة الصينية لا تزال غير قادرة على الوصول إلى أي عمليات أقل من 7 نانوميتر في تصنيع الرقائق.
ويرى يانج أن الشريحة في هواوي Mate XT Ultimate Design لن تكون مجال تركيز كبير أو نقطة تسويق كبيرة للهاتف وبدلاً من ذلك، من المرجح أن تحاول الشركة تسليط الضوء على فكرة أن هاتفها هو أول هاتف ثلاثي الطيات في السوق.
دور شرائح الهواتف في تعزيز الذكاء الاصطناعي
مع الانتشار السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الضروري أن تكون الهواتف مجهزة بشرائح قوية قادرة على التعامل مع العمليات المعقدة لهذه التكنولوجيا، مثل التعرف على الصوت والصورة، الترجمة الفورية، تحليل البيانات وغيرها الكثير من المهام، وهذا التحوّل أدركته آبل جيداً، وهي أشارت خلال إطلاق هواتف آيفون 16 إلى أن شريحة A18 Pro تمنح الهواتف قوة حوسبة بامكانها تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي المعروفة باسم Apple Intelligence.
ويقول الكاتب والمحلل في الذكاء الاصطناعي التوليدي ألان القارح، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن شريحة A18 Pro من آبل تم تصنيعها وفقاً لتكنولوجيا الجيل الثاني من تقنية 3 نانوميتر، وهذه الطريقة في التصنيع، تجعل الشريحة التي تعتبر القلب النابض لكل هاتف ذكي، أسرع وأقل استهلاكا للطاقة وأكثر استقراراً عند مواجهتها لمهام معقدة، مشيراً إلى آيفون المزود بشريحة A18 Pro سيستهلك طاقة أقل بنسبة 10 في المئة وهذا ما يبرر إعلان آبل أن هاتف آيفون 16 برو ماكس يتمتع بأطول عمر بطارية في تاريخ هواتف آيفون.
سرعة قصوى لأول مرة
ويشرح القارح أنه من الناحية التقنية، يمكن للسرعة القصوى لشريحة A18 Pro أن تخترق حاجز الـ 4.95 جيجاهرتز/ساعة، وهو ما ينعكس سرعة قصوى في تنفيذ المهام، ولكن آبل لم تتمكن من تحقيق الاستقرار الحراري للهاتف عند هذه القوة، ولعدم تكرار مشكلة ارتفاع درجة حرارة الجهاز كما حصل العام الماضي بعد طرح هواتف آيفون 15، عمدت آبل على ضبط السرعة القصوى لشريحة A18 Pro على تردد 4.05 جيجاهرتز، بما يجعلها أسرع بنسبة 6.6 في المئة من شريحة A17 Pro الموجودة في آيفون 15 برو ماكس والتي تبلغ سرعتها القصوى 3.8 جيجاهرتز/ساعة، وبذلك تكون آبل ومن خلال الشريحة الجديدة قد كسرت حاجز سرعة 4 جيجاهرتز لأول مرة.
تشغيل الـ AI دون عوائق
وبحسب القارح فإن هواتف آيفون 16 برو وبرو ماكس،ٍ سوف تتألق بشكل كبير في الألعاب والتصوير والذكاء الاصطناعي، فهي تملك بنية تحتية كافية لتشغيل مختلف الميزات "بسرعة البرق"، فصحيح أن آبل بطيئة جداً في تعديل تصاميم هواتف آيفون، إلا أنها في المقابل من أسرع الشركات في تطوير معالجات الهواتف، خصوصاً أنها هذا العام بحاجة إلى تشغيل ميزات Apple Intelligence الجديدة دون أي عوائق، كاشفاً أن هواتف آيفون 16 برو وبرو ماكس، وبفضل قدرات شريحة A18 Pro ستكون جاهزة في المستقبل لمواكبة أي تحديثات تشهدها تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي.
هواوي تخفي أمراً ما
ويرى القارح أنه بالنسبة لهاتف هواوي الجديد ثلاثي الطيات، من الأفضل التريث وانتظار معرفة ما تخفيه الشركة داخل جهازها، فعدم تطرق هواوي لموضوع المعالج، يحمل علامات استفهام كبيرة، علماً أنه من غير المستبعد أن تكون هناك مفاجأة اخرى هذا العام تتعلق بتقدم حققته الشركة الصينية في مجال تصنيع شرائح الهواتف، معتبراً أن هواوي قدمت أول هاتف ذكي في العالم بشاشة ثلاثية الطيات، حيث يمكن طي الهاتف على شكل حرف Z، وهذا بحد ذاته انجاز كبير في صناعة الهواتف.
الشريحة الأقوى في العالم
من جهته يقول الخبير في التكنولوجيا جو زغبي، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هاتفيْ آيفون 16 برو و16 برو ماكس باتا يملكان حالياً شريحة الهاتف المحمول الأقوى والأكثر كفاءة في العالم، وهذا الأمر قد يستمر لستة أشهر على الأقل، معتبراً أن شريحة A18 Pro ستكفل معالجة العديد من المهام في الوقت نفسه، مع انخفاض ملحوظ في استهلاك الطاقة، كما أنها وبإمكانيات الذكاء التي تمتلكها ستساعد في تحسين أداء التطبيقات والخدمات مثل "شات جي بي تي" وSiri وستطور من أداء ميزة التعرف على الوجوه والتصوير الذكي.
ويكشف زغبي أن شريحة A18 Pro تتميز ببنية متطورة تحتوي على ترانزيستورات أصغر وأسرع، مما يضمن تحقيق كفاءة وسرعة غير مسبوقتين في الأداء، فضلاً عن قدرة مذهلة على نقل البيانات بسرعات قياسية، كما أن شريحة A18 Pro مزودة بتقنية تتبع "الأشعة المسرّعة" التي تتفوق بمرتين على تلك الموجودة في الشريحة السابقة A17 Pro، مما يسهم في تحسين جودة الصور بشكل كبير، لافتاً إلى أنه بفضل هذه التقنية المتقدمة، يمكن للهواتف الذكية توليد صور ذات واقعية عالية، تشبه إلى حد بعيد التفاصيل التي يمكن رؤيتها في العالم الحقيقي، مما يرفع من مستوى التجربة البصرية للمستخدمين.