"فقدت من كان لي السند والمعيل، وحالي كحال الآلاف من النساء الثكلى بسبب الحرب في غزة".. بهذه الكلمات المؤلمة بدأت نجاح شكري، حديثها عن انقلاب حياتها وحياة أبنائها رأسًا على عقب بفعل الحرب التي استمرت لنحو 15 شهرًا.

الحرب التي خلفت عشرات الآلاف من الأرامل والأيتام في غزة، في وجه آخر لوحشيتها، يعيشون جميعهم بلا آباء أو أمهات، مما خلف آثارًا نفسية واجتماعية واقتصادية معقدة، خاصة مع العدد الهائل من الضحايا والمصابين.

حياة الجحيم

وتقول شكري، لموقع "سكاي نيوز عربية، إنها "فقدت زوجها خلال قصف إسرائيلي لمركز إيواء وسط قطاع غزة، بالرغم من نزوحها وعائلتها لما سمته إسرائيل المناطق الآمنة"، لافتًة إلى أن هذه الحادثة حولت حياتها لجحيم لا يطاق.

وأوضحت أنها تجد صعوبة في التكيف مع الوضع الجديد بعد أن وجدت نفسها أمًا وأبًا لثلاثة من الأطفال و4 من المراهقين"، مشيرًة إلى أنها تواجه صعوبة كبيرة في التكيف مع الظروف الحالية، في ظل حالة الترقب والخوف الشديدين من استئناف الحرب.

وأشارت إلى أنها كحال الآلاف من النساء اللواتي فقدن أزواجهن بسبب الحرب، وبعضهن فقد أفرادًا آخرين من العائلة"، متابعًة "لا أعرف ذنب اقترفته لكي أخسر كل ذلك في الحرب، زوجي وبيتي وكل شيء سعيت لامتلاكه".

أخبار ذات صلة

مخيمات فوق المقابر.. نكبة جديدة في حي الشجاعية
أوضاع مأساوية في غزة.. نضال يومي لأجل الماء والطعام

الحرب على النساء

وتصف مؤسسات الأمم المتحدة الحرب في غزة بـ"الحرب على النساء"، خاصة وأنها أدت لمقتل أكثر من 50 ألفًا من الفلسطينيين، 70 بالمئة منهم من النساء والأطفال، في حين يفوق عدد الأرامل عن العشرة آلاف سيدة.

ووفق المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فإن الآلاف من الأطفال أصبحوا أيتامًا بسبب الحرب، وأن 3 بالمئة منهم فقدوا كلا الوالدين، وهو الأمر الذي يمثل معاناة أخرى للأجيال الجديدة في غزة، بمعادلات اجتماعية واقتصادية جديدة يصعب التعامل معها.

أخبار ذات صلة

أزمة المياه تخنق غزة وتزيد أوجاع العائدين من رحلة النزوح
غزة في ظلام دامس.. معاناة بلا كهرباء منذ 15 شهرا

كارثة إنسانية

وأكد مدير وحدة المعلومات والأرشيف في وزارة الصحة الفلسطينية، زاهر الوحيدي، أن "نحو 14 سيدة أضيفت لسجل الأرامل بسبب الحرب في غزة"، مشيرًا إلى أن عدد الأطفال الذين أصبحوا أيتامًا تجاوز الـ 38 ألفًا، سواء فقدوا الوالدين أو أحدهم.

وقال الوحيدي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "ذلك يعكس كارثة إنسانية غير مسبوقة في غزة، ومعادلة صعبة لا يمكن التعامل معها أو حلها"، لافتًا إلى أنه حتى اللحظة لا يوجد أي برامج واضحة من أجل التعامل مع هذه الأعداد الهائلة من الأرامل والأيتام.

وأشار إلى أنه "بسبب الحرب فإن هناك أكثر من 13 ألف أسرة من الأيتام، والتي تحتاج لتدخل دولي عاجل من أجل تقديم الدعم النفسي والاقتصادي والإنساني لهم"، مشددًا على أنه يمكن تصنيف تلك الأسر "أسر منكوبة".

واعتبر المسؤول المحلي، أن "الأرقام الهائلة لأعداد الأرامل والأيتام تمثل إشارة واضحة وقوية على الكوارث التي تسببت بها الحرب في غزة، وتدفع نحو تحرك دولي لتبني قضايا هذه الفئات الهشة، ولمعاجلة آثار الحرب المدمرة عليهم".

وأضاف "الجهات المختصة تواصل العمل والتواصل مع المؤسسات الدولية من أجل البدء في برامج خاصة بهذه الفئة في أسرع وقت ممكن"، لافتًا إلى أن الظروف الاستثنائية في غزة تحول دون تقديم الخدمات اللازمة لهم.

أخبار ذات صلة

البحث عن الجثث في غزة.. قصة مأساوية لعائلة تحت الركام
انتشال 25 جثمانا من تحت الأنقاض يرفع قتلى غزة إلى 48264

اضطرابات نفسية

وقال المختص في الطب النفسي، أشرف زقوت، إن "فئة الأرامل والأيتام من أكثر الفئات التي ستعاني نفسيًا من آثار الحرب المدمرة في غزة"، مشيرًا إلى أن الجهات المختصة رصدت ارتفاعًا بالاضطرابات النفسية لهذه الفئة.

وأوضح زقوت، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "في إطار البرامج الأولية رصد إصابة الآلاف من الأطفال بصدمات ما بعد الحرب، واضطرابات النوم والقلق والعصبية الزائدة"، لافتًا إلى أن ذلك بشكل مشترك مع السيدات اللواتي عانين من مرارة الحرب.

وأضاف "الحرب تسببت لهذه الفئة بالعديد من الأمراض النفسية، التي تحتاج إلى برامج طارئة واستثنائية من أجل العمل على حلها"، لافتًا إلى أن استمرار الأوضاع الحالية بغزة تحول دون البدء بتنفيذ تلك البرامج أو التعامل مع الاضطرابات النفسية للأرامل والأيتام.

وأشار "أكثر ما تواجه هذه الفئة هو القلق والتوتر واضطرابات النوم، كما أن البعض يعاني من نوبات الهلع والعصبية المفرطة"، لافتًا إلى أن بعض تلك الحالات يتطلب تدخل علاجي استثنائي، وبالعقاقير الطبية.