تريد مجموعة التعدين الأسترالية العملاقة "بي إتش بي" (BHP) شراء منافستها البريطانية أنغلو أميركان (Anglo American) مقابل 38.8 مليار دولار، في ما سيشكل واحدة من أكبر عمليات الدمج في هذا القطاع منذ سنوات ويؤدي إلى إنشاء أكبر شركة لإنتاج النحاس في العالم.
وتعرض المجموعة الاسترالية التي تقدر قيمتها السوقية بحوالى 148 مليار دولار، لكل سهم من "انغلو أميركان" 25.08 جنيها إسترلينيا، مما يجعل القيمة السوقية لهذه الشركة 30.5 مليار جنيه إسترليني (38.8 مليار دولار).
وقالت "بي اتش بي" في بيان الخميس إن "اندماج المجموعتين قد يضع نقاط قوة كل منهما في بنية مثلى"، موضحة أن "أنغلو أميركان ستجلب أصولا وإمكانات نمو قوية".
وشهدت "أنغلو أميركان" التي أعلنت في وقت سابق أنها تلقت عرض استحواذ "لم تطلبه" من "بي اتش بي" ارتفاع أسعار أسهمها أكثر من 13 بالمئة في بورصة لندن 25.04 جنيها أي أقل من عرض المجموعة الأسترالية.
وانخفض سهم "بي اتش بي" بنسبة 2.54 بالمئة ليصل إلى 23.04 جنيها حوالى الساعة التاسعة بتوقيت غرينتش.
ويشير نيل ويلسون المحلل في شركة فينالتو (Finalto) إلى أن هذا الاندماج إذا تحقق، "سيؤدي إلى إنشاء أكبر شركة مدرجة في البورصة للتعدين والنحاس في العالم". وقال "يجب ألا نخاف من القول إنه أمر هائل".
وذكرت أنغلو أميركان في بيان أن "مجلس الإدارة يراجع حاليا الاقتراح"، موضحة أنه "ليس من المؤكد أنه سيتم تقديم عرض، ولا الشروط التي سيتم بموجبها تقديم مثل هذا العرض".
وقالت المجموعة البريطانية العملاقة إنه "بانتظار المزيد من الإعلانات، لا ينبغي للمساهمين في أنغلو أميركان اتخاذ أي إجراء".
وحدد 22 مايو موعدا نهائيا لتقدم الشركة البريطانية عرضها.
توجه طويل الأمد
يتضمن عرض "بي اتش بي" تنازل أنغلو أميركان عن عملياتها في مجال البلاتين وخام الحديد في جنوب أفريقيا.
وكانت المجموعة البريطانية الاسترالية التي تعد من أكبر شركات التعدين في العالم، شهدت تراجعا في أرباحها بعد انخفاض الأسعار العالمية للنيكل وتعويضات دفعتها على أثر كارثة وقعت في منجم في البرازيل في 2015.
وأعلنت "أنغلو أميركان" في وقت سابق من هذا العام عزمها على إلغاء آلاف الوظائف في مجال البلاتين في جنوب أفريقيا.
وقال نيل ويلسون إن الارتفاع الذي حدث الخميس في أسعار أسهم المجموعة التي لم تشهد عاما جيدا حتى الآن "يمحو خسائر سوق الأسهم في الأشهر ال12 الماضية".
وأضاف أن "بي اتش بي" تريد السيطرة على أصول النحاس"، مشيرا إلى أن سلطات المنافسة لن تتأخر في ملاحظة ذلك "نظرا لحصة الشركتين المندمجتين في سوق النحاس" والتي تشكل حوالى عشرة بالمئة من الإنتاج العالمي.
وتجعل خصائص النحاس ولا سيما كموصل قوي ولين (قدرته على الالتواء بدون أن ينكسر) هذا المعدن أساسيا في الانتقال في مجال الطاقة، مما يسمح باستخدامات صناعية كثيرة مثل تركيب بطاريات الآليات الكهربائية.
وقال المحلل "سيتم التخلي أيضا عن أصول البلاتين وخام الحديد في جنوب أفريقيا، وهو أمر سيكون حساسًا سياسيا"، موضحا أنه إذا فشلت المجموعة الاسترالية "فسيحاول آخرون من جديد" لأن "الاتجاه (..) هو أن الطلب على المعادن سيرتفع على الأمد الطويل".
وسيمنح الاستحواذ على "انغلو أميريكان" ل"بي اتش بي" إمكانية أكبر للوصول إلى فحم البوتاس وفحم الكوك في أستراليا.
وإذا تحقق ذلك، فإنه سيمثل أيضا ضربة جديدة لبورصة لندن، التي سيتراجع مؤشرها الرئيسي مجددا.
فضعف الجنيه الاسترليني في مقابل الدولار وانخفاض قيمة الشركات في بورصة لندن مقارنة ببورصة وول ستريت، على سبيل المثال، يجعل الشركات المدرجة في لندن أهدافا متكررة لعمليات الاستحواذ.
وقال راس مولد المحلل في مجموعة "ايه جي بيل" إن عرض "بي اتش بي" يدفع "المستثمرين إلى التساؤل عن الشركة الكبرى في بورصة لندن التي قد تكون هدف استحواذ مقبل قريبا".