تخنق أزمة المياه سكان قطاع غزة وتزيد أوجاع العائدين من رحلة النزوح إلى المناطق الشمالية والجنوبية، حيث يواجه الأهالي مصاعب كبيرة في الحصول على كميات قليلة من مياه الشرب والمياه الخاصة بالاستخدام اليومي.

وتسببت الحرب على غزة بدمار كبير للبنية التحتية في مختلف المناطق، فيما تركز التدمير على مناطق أقصى شمال القطاع وأقصى الجنوب بمدينة رفح، ما تسببت بتصنيف تلك المناطق على أنها "منكوبة وغير صالحة للحياة".

وخلال الحرب دمر الجيش الإسرائيلي مصادر المياه في مناطق عملياته العسكرية، كما أقدم على قصف وتفجير الآبار الرئيسية التي تزود الآلاف من العائلات بالمياه الخاصة بالاستخدام اليومي، ما تسبب بخروجها عن الخدمة.

ويعتمد سكان القطاع في الوقت الراهن، على محطات التحلية التي أنشئت بتبرع عربي ودولي للحصول على المياه الصالحة للشرب والاستخدام اليومي، ويضطرون للاصطفاف في طوابير طويلة من أجل الحصول على الحد الأدنى من كميات المياه.

وتصل المياه للمناطق المدمرة عبر شاحنات مخصصة لذلك، والتي تنتظر بدورها في طوابير طويلة من أجل تعبئة الحمولة، حيث تنقل المياه بأواني الطعام والخزانات الصغيرة والدلاء، ما يدفع الفلسطينيين لتقنين استخدامهم لها.

معاناة كبيرة

وقال خالد أبو سويرح إنه ومنذ عودته لشمال قطاع غزة قبل عدة أسابيع يعاني الأمرين في الحصول على المياه سواء الخاصة بالاستخدام اليومي أو مياه الشرب، مشيرًا إلى أنه يتحرك سيرًا على الأقدام لمسافات طويلة من أجل الحصول على المياه.

وأوضح أبو سويرح، لموقع "سكاي نيوز عربية" أن العائدين للشمال لم يجدوا أي خطوط مياه، ولم تصلهم المياه من الجهات المختصة كما كانت في السابق، وهو الأمر الذي يهدد بقائهم في هذه المناطق التي حولها الجيش الإسرائيلي لمناطق لا تصلح للحياة".

وأضاف "ليس بمقدورنا التكيف مع الوضع الحالي، واستمرار الأوضاع على ما هي عليه سيدفعنا لترك شمال القطاع والعودة إلى خيام النزوح في وسط القطاع"، مطالبًا الجهات الدولية بالتحرك العاجل من أجل إنقاذ الوضع في غزة.

معاناة إنسانية متفاقمة في غزة نتيجة نقص الموارد والخدمات

 لا مقومات للحياة

وفي السياق، قال خالد أبو سلطان، أحد سكان مدينة رفح، إنه وبعد العودة للمدينة لم يجد أي من مقومات الحياة فيها، خاصة ما يتعلق بالمياه سواء الخاصة بالشرب أو الاستخدام اليومي، مبينًا أن الحصول على الماء مهمة شاقة للغاية.

وأوضح أبو سلطان، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "إسرائيل تعمدت ضرب مصادر المياه وإخراجها عن الخدمة لإجبار السكان على النزوح القسري من مناطق عملياتها العسكرية وعدم العودة إليها، في إطار مخططات التهجير لخارج القطاع".

وتابع "نسير لمسافات طويلة من أجل الحصول على المياه، الأمر الذي يتم عادة بأساليب بدائية للغاية وغير آمنة"، مؤكدًا أنه بدون تدخل دولي عاجل لإنقاذ القطاع فإن السكان سيضطرون لمغادرة القطاع والبحث عن أماكن أفضل للحياة".

أخبار ذات صلة

بين إعادة الإعمار والعودة للقتال.. غزة أمام مصير مجهول
غزة في ظلام دامس.. معاناة بلا كهرباء منذ 15 شهرا
أوضاع مأساوية في غزة.. نضال يومي لأجل الماء والطعام
غزة بين النزوح والعودة.. تحديات الواقع وآفاق المستقبل

 دمار واسع

وقال رئيس بلدية رفح، أحمد الصوفي، إن "الجيش الإسرائيلي دمر جميع مصادر المياه في مدينة رفح، والتي كان أبرزها تفجير الخزان الرئيسي المتواجد بغرب المدينة قبل عدة أشهر"، لافتًا إلى أن الجهات المختصة تجد صعوبة في توفير المياه للعائدين للمدينة.

وأوضح الصوفي، لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "المدينة لا تزال عرضة للانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار في غزة، ما يعيق عمل الطواقم المختصة"، متابعًا "وضعنا خطة بديلة لتوفير المياه للعائدين للمدينة لكنها لا تمثل الحل الأنسب".

وأشار إلى أن "البلدية توفر لأصحاب آبار المياه الخاصة الوقود اللازم لتشغيل المولدات الخاصة باستخراج المياه مقابل السماح للسكان بالحصول على احتياجاتهم من الماء"، مبينًا أن ذلك حل مؤقت ومرهق للغاية للسكان والجهات المناحة.

وزاد "أما مياه الشرب فهي تتوفر من خلال محطات التحلية التي أنشئت خلال الحرب بدعم من الجهات العربية والدولية المانحة"، مؤكدًا على ضرورة العمل من أجل إنشاء محطات تحلية داخل مدينة رفح، خاصة وأن جميع محطات التحلية خارجها.

وبين الصوفي أن "رفح مدينة منكوبة، وخارج اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين حماس وإسرائيل، خاصة وأن 60% منها لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية"، متابعًا "الجيش الإسرائيلي دمر كافة البنى التحتية بالمدينة".

تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة نتيجة نقص الموارد والخدمات

 تعطيل الخدمات

وأكد الناطق باسم اتحاد بلديات قطاع غزة، حسني مهنا، أن "الحرب دمرت نحو 70% من البنية التحتية في قطاع غزة، خاصة المناطق الشمالية منها"، لافتًا إلى أن ذلك عطل تقديم الخدمات الأساسية للسكان وخلق أزمة كبيرة.

وقال مهنا، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الدمار الواسع تسبب في نقص حاد بمياه الشرب والماء الخاص بالاستخدام اليومي"، مشيرًا إلى أن هذه الأزمة مع أزمات تعطل شبكات الصرف الصحي وتراكم النفايات سيكون تأثيرها سلبيًا على غزة وسكانها.

واستكمل "إسرائيل تواصل منع إدخال المعدات الثقيلة وأي مستلزمات خاصة بإعادة الحياة للمناطق المدمرة"، مشددًا على ضرورة وجود ضغط دولي حقيقي من أجل ذلك يضمن إعادة تأهيل البنية التحتية بمختلف المناطق.

وحذر المسؤول المحلي من خطورة تجاهل الدمار الواسع بالبنية التحتية، خاصة أن ذلك سيؤدي إلى انتشار الأمراض البكتيرية والأوبئة والفيروسات، خاصة مع اختلاط المياه الجوفية بمياه الصرف الصحي وانعدام أي مصادر للمياه.