تهدد الحرب المتصاعدة في الشرق الأوسط بخنق النمو الاقتصادي العالمي وتعيد إشعال التضخم. ويأتي ذلك في وقت اتسع فيه نطاق الصراع الإقليمي، مع تهديدات إسرائيل بـ "الانتقام" من إيران بعد مهاجمتها بالصواريخ ردًا على مقتل قادة حماس وحزب الله.
يتزامن ذلك التصعيد في الوقت الذي يتعرض فيه الاقتصاد العالمي بالفعل لضغوط من التأثير المتأخر لارتفاع أسعار الفائدة، وانخفاض التجارة، وحالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الأميركية الشهر المقبل، علاوة على تباطؤ ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وفق كبير الاقتصاديين في المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية في المملكة المتحدة، أحمد كايا، بحسب ما نشره موقع "بيزنس انسايدر" ضمن تقرير اطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية".
ووفق كايا، فإن:
- الحرب في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي، وزيادة حالة عدم اليقين، والإضرار بالجهود الرامية إلى مكافحة التضخم، وفي النهاية تقليل نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
- الصراع قد يؤدي إلى تسريع التضخم من خلال تعطيل سلاسل التوريد الدولية والتسبب في ارتفاع تكلفة الطاقة والشحن.
- ارتفاع أسعار النفط بمقدار 10 دولارات للبرميل قد يرفع التضخم في الاقتصادات المتقدمة بنحو 0.4 إلى 0.6 نقطة مئوية، وارتفاع تكاليف الشحن بنسبة 10 بالمئة قد يرفع التضخم بنحو 0.3 نقطة مئوية.
وقد ارتفع الخام الأميركي بالفعل بنسبة 10 بالمئة في أكثر من أسبوع بقليل إلى أكثر من 74 دولاراً للبرميل يوم الجمعة الماضي، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس، في حين ارتفع خام برنت بنحو 9 بالمئة إلى ما يزيد عن 78 دولاراً.
وقال كايا إن التضخم المتجدد قد يدفع البنوك المركزية إلى تأخير خفض أسعار الفائدة، مما يؤدي إلى تثبيط النمو في وقت تنتشر فيه مخاوف الركود في عديد من البلدان.
الاقتصاد الأميركي.. هل يتأثر؟
وفقًا لأوليفر ألين، كبير الاقتصاديين في بانثيون ماكرو إيكونوميكس، فإن:
- الصراع أقل إثارة للقلق بالنسبة للولايات المتحدة.
- رتفاع أسعار النفط قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم التي انخفضت منذ الربيع.
- لكن الولايات المتحدة مصدر صافٍ للطاقة، لذا فإن التأثير على الدخول والنشاط الاقتصادي "ربما يكون ضئيلاً".
- الثقة من غير المرجح أن تتعرض لضربة ذات مغزى ما لم يكن هناك تصعيد مادي.
- تبدو النتيجة الأكثر ترجيحًا وكأنها تأثير صغير ولكنه عابر على بعض بيانات النشاط على المستوى الأدنى وارتفاع طفيف، ولكن أيضًا مؤقت، للتضخم من بعض صدمات جانب العرض هذه.
كيف تتأثر الأسواق؟
وبحسب رويترز، فإن التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط تضيف مزيدا من الشكوك إلى الاقتصاد العالمي حتى في الوقت الذي يبدأ فيه صناع السياسات في تهنئة أنفسهم على نجاحهم في إخراج الاقتصاد من نوبة من التضخم المرتفع دون التسبب في الركود.
لكن التقرير أفاد بأن التأثيرات الرئيسية تقتصر على الأسواق المالية مع قيام المستثمرين بتحوط محافظهم الاستثمارية بأصول الملاذ الآمن.
وكان الدولار الأميركي مستفيداً منذ الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني على إسرائيل: حيث يتداول مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل اليورو والين وأربع عملات رئيسية أخرى، عند أعلى مستوياته في ثلاثة أسابيع.
ويشير التقرير سيناريو ما إذا اختارت إسرائيل استهداف البنية التحتية النفطية الإيرانية وهو ما قد يؤدي بدوره إلى رد انتقامي من إيران.. ولكن ليس من الواضح ما إذا كان هذا سوف يترجم إلى ارتفاعات حادة ومستمرة في أسعار النفط.
كيف يتفاعل صناع السياسات الاقتصادية؟
وكما هو الحال دائما، يؤكد محافظو البنوك المركزية على أن وظيفتهم هي النظر إلى ما هو أبعد من الصدمات غير المتوقعة التي يتعرض لها الاقتصاد والتركيز بدلا من ذلك على الاتجاهات العميقة الكامنة. ولكنهم لا يستطيعون أيضا تجاهل الأحداث الجيوسياسية تماما.
وقال محافظ بنك إنكلترا أندرو بيلي لصحيفة الغارديان إن البنك قد يتحرك بشكل أكثر قوة لخفض أسعار الفائدة إذا استمرت الضغوط التضخمية في الضعف - مما يشير إلى أن محافظي البنوك المركزية في الوقت الحالي لا يرون في الصراع في الشرق الأوسط تهديدًا كبيرًا لمحاولاتهم لكبح التضخم.
وأرسل نائب محافظ البنك المركزي السويدي بير جانسون رسالة مماثلة، قائلا إن تأثيرات الصراع في الشرق الأوسط لم تكن كافية بعد لتبرير إلغاء التوقعات الاقتصادية.
وقال صندوق النقد الدولي الخميس الماضي إن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد يخلف عواقب اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي، لكن أسعار السلع الأساسية تظل أقل من أعلى مستوياتها في العام الماضي.
متى سيصبح التأثير أكثر وضوحا؟
في سياق متصل، تتداول العقود الآجلة لخام برنت حاليا عند حدود 75 دولارا للبرميل، وهو مستوى أقل كثيرا من مستواها البالغ 84 دولارا وقت بدء الحرب في أكتوبر 2023، وبعيدا عن أعلى مستوياتها عند 130 دولارا التي وصلت إليها بعد الحرب في أوكرانيا في فبراير 2022.
ووفق التقرير، فإن أوروبا سوف تتعرض لارتفاع أسعار النفط لأنها - على النقيض من الولايات المتحدة- لا تنتج كميات كبيرة من النفط محلياً. ولكن حتى في هذه الحالة، فإن صناع السياسات يقدرون أن ارتفاع الأسعار بنسبة 10 بالمئة سوف يدفع التضخم إلى الارتفاع بنحو 0.1 نقطة مئوية فقط.
وسوف تكون التأثيرات الاقتصادية للحرب الشاملة التي تؤدي إلى هجمات أوسع نطاقا على البنية التحتية للطاقة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، فضلا عن المزيد من الاضطرابات في طرق التجارة عبر البحر الأحمر، أكثر ملموسة.
وتشير تقديرات أوكسفورد إيكونوميكس إلى أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط إلى 130 دولارا للبرميل، وخفض نمو الناتج العالمي بنحو 0.4 نقطة مئوية في العام المقبل، والذي يتوقعه صندوق النقد الدولي حاليا عند نحو 3.3 بالمئة.
تأثير مباشر
يرى الخبير الاقتصادي والاستاذ الجامعي، البروفيسور مراد كواشي، أن تصاعد المخاطر في الشرق الأوسط له تأثير مباشر وكبير على الاقتصاد العالمي، والدليل على ذلك ما لاحظناه مؤخراً من تبعات تصاعد وتيرة الحرب في المنطقة، خاصةً مع دخول إيران في المشهد. هذا التصعيد أدى إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية لم تشهدها الأسواق منذ نهاية أغسطس الماضي.
ويعتقد كواشي بأن هذه التوترات تحمل تأثيراً كبيراً على أسعار النفط، مما يؤثر بدوره على معدلات النمو الاقتصادي والتضخم على المستوى العالمي.
بالإضافة إلى ذلك، يشير في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إلى أن توترات الشرق الأوسط تؤثر بشكل جوهري على سلاسل الإمدادات، خصوصاً في مناطق استراتيجية مثل البحر الأحمر والبحر المتوسط، وحتى قناة السويس، التي تُعد شرايين رئيسية للتجارة العالمية. أي تعطيل لهذه الشرايين الحيوية قد يؤدي إلى تداعيات سلبية على الاقتصاد العالمي من حيث حجم التبادلات التجارية، مما يعمّق من أزمات الاقتصاد العالمي.
كما يشدد على أن الاقتصاد العالمي يقف على المحك، وأن مدى تأثره بالأحداث الجارية في الشرق الأوسط يعتمد على مدى استمرار الحرب وتوسع نطاقها، موضحاً أن الحرب في غزة تركت بصمة واضحة على اقتصادات دول المنطقة؛ حيث انهار الاقتصاد الفلسطيني بالكامل، في حين تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر كبيرة. وتجاوزت تأثيرات الصراع الحدود المحلية لتشمل التجارة العالمية، بسبب تغيير مسارات إمدادات الغاز والنفط، وهو ما أثر على سلاسل الإمدادات التجارية العالمية وزاد من تعقيد الوضع الاقتصادي العالمي.
أحداث متصاعدة
بدورها، تقول أستاذة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة، الدكتورة وفاء علي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه لا شك أن العالم لم يكد يلتقط أنفاسه من أزمة حتى يجد نفسه أمام أخرى، حيث تحولت الأحداث المتصاعدة إلى سلسلة من الأزمات التي جعلت من الشرق الأوسط بؤرة ساخنة بعد أزمة روسيا وأوكرانيا.
تلك الأزمة وسعت الفجوة بين العرض والطلب وأثرت بشكل كبير على سلاسل الإمداد، مما أعطى التضخم دفعة قوية ليصبح العدو الأول للاقتصادات.
وتشير إلى أن العام 2024 شهد عواصف اقتصادية واسعة، حيث جاءت حرب غزة لتضاف إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا، مما أثر على كافة مفاصل الاقتصاد. ومن بين المشكلات البارزة كان عسكرة ملف الطاقة الذي أثر على جميع نواحي الحياة الاقتصادية، وتفاقمت الأمور أكثر مع التصعيد في لبنان، لتكتمل بذلك دوائر الإغلاق الاقتصادي.
وأوضحت أن دخول الطائرات المسيرة والصواريخ الفرط صوتية في خضم الأحداث بين معارك السماء والأرض أسهم في عودة أسعار النفط إلى الارتفاع، مما ينذر بأزمة جديدة، خاصة مع تهديدات إسرائيل بضرب منشآت النفط الإيرانية، التي تشكل 70 بالمئة من إيرادات إيران. وأكدت أن هذا الأمر يحمل خطرًا كبيرًا، حيث قد يدفع إيران إلى التفكير في إغلاق مضيق هرمز أمام الملاحة الدولية، وهو أمر حاسم لسوق الطاقة العالمية.
وتوضح استاذة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة في الوقت نفسه أن العالم يتجه نحو ضغوط تضخمية أشد قسوة إذا استمرت هذه الأزمات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية، حيث تؤدي هذه الضغوط إلى تعقيد المشهد الاقتصادي والسياسي. وأكدت أن حسابات الربح والخسارة في هذا السياق تشير إلى أن الجميع خاسر، وأننا نواجه معادلة شديدة التعقيد تؤدي إلى تراجع النمو، وزيادة أسعار السلع والخدمات، وارتفاع علاوات المخاطر، وقلة إمدادات الطاقة، وتعطل آليات الاقتصاد الكلي بأكمله.
الاقتصادات الغربية
بدوره، يؤكد المستشار في شؤون الطاقة، الدكتور مصطفى البزركان، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن تصاعد المخاطر والتوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط يواصل الضغط على الاقتصاد الدولي، وخاصة على الاقتصادات الغربية، إلى جانب الاقتصادات العربية واقتصاد إسرائيل.
ويشدد على أن الاقتصاد العالمي يعاني من نمو هش يمكن أن يتجه نحو الركود وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي، بالتوازي مع تعثر الجهود الدافعة إلى تراجع مستويات التضخم بمستويات قوية رغم قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بأكثر من المتوقع، وقد يضطر إلى اتخاذ خطوة خفض إضافية خلال الأشهر المقبلة.
ويشير في الوقت نفسه إلى أن تصاعد المواجهات العسكرية وتهديدات إسرائيل بالرد على الهجمات الإيرانية عبر قصف منشآت النفط والغاز الإيرانية يضغط على أسعار النفط للارتفاع إلى مستويات قد تعرقل النمو الاقتصادي العالمي إذا استمرت تلك الزيادات لفترة طويلة. وأكد أن العامل الأهم هو نوعية الرد الإيراني إذا تم استهداف المنشآت النفطية، حيث قد تكون التداعيات وخيمة وقد تؤدي إلى قفزة في أسعار النفط تتجاوز 100 دولار للبرميل.
وأضاف أن كل هذه التداعيات جاءت نتيجة للحرب في غزة، التي أدت إلى اضطرابات في حركة الملاحة وتغيير مسارات شحن النفط والغاز عبر البحر الأحمر.
إلى أي مدى أثرت الحرب في غزة على التجارة العالمية؟
من جانبه، يقول كبير الاقتصاديين في شركة "ACY" الدكتور نضال الشعار، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن تأثيرات الحرب في غزة معقدة ولا يمكن التكهّن بنتائجها النهائية بسهولة، خصوصاً مع تصاعدها المستمر وتطوراتها اليومية.
ويضيف: لتسهيل فهم هذه التأثيرات، يمكننا تقسيمها إلى آثار مباشرة وغير مباشرة، إذ تتحكم في هذه الآثار عوامل مثل البعد الجغرافي ومدى الاعتماد على الموارد الأساسية.
ويفسر الشعار ذلك بقوله، إن الدول الأكثر تأثراً بشكل "مباشر" تشمل إسرائيل ولبنان وسوريا وإيران، حيث شهدت هذه الدول تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي وارتفاعاً في معدلات البطالة والأسعار، بالإضافة إلى الأزمات الإنسانية وحتى النفسية الناجمة عن الحرب. على الجانب الآخر، تتأثر الدول البعيدة جغرافياً، مثل أوروبا وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، بصورة "غير مباشرة" عبر زيادة عامة في الأسعار، بما في ذلك ارتفاع تكاليف الشحن وأسعار النفط، مما يؤثر على هيكلية سلاسل التوريد، ويزيد من كلفة الإنتاج وبالتالي على الأسعار النهائية للسلع والخدمات.
وأكد الشعار أن الاعتقاد السائد بين بعض البنوك المركزية حول العالم بأن الحرب لن تؤثر كثيراً على الاقتصاد العالمي قد يكون مغلوطاً، حيث إن ارتفاع معدلات التضخم مستمر على الرغم من الإجراءات النقدية التي اتخذتها تلك البنوك، مضيفاً: "لقد لاحظنا ارتفاعاً في تكاليف الشحن وأسعار المواد الأساسية، بالإضافة إلى تباطؤ حركة التصدير، مما أثر بشكل كبير على استقرار سلاسل التوريد، وهي عنصر أساسي للنمو الاقتصادي المستدام."
ويوضح الشعار أن هذه الحرب لها آثار نفسية طويلة الأمد على المستهلكين والمستثمرين، وأن المستثمرين غالباً ما يتصرفون بشكل متعجل في أوقات الصراعات، مما يزيد من التقلبات في الأسواق المالية.
ويردف: "لن يكون التأثير قصير الأجل فقط، بل سيمتد على المدى المتوسط والطويل، خاصة في منطقتنا، حيث يخشى المستثمرون من عدم الاستقرار، ويؤدي القلق النفسي إلى تراجع الأنشطة الاقتصادية."
أسعار النفط.. وتكاليف الشحن
ويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور علي الإدريسي، أن تأثير التوترات المتصاعدة في منطقة الشرق الأوسط على الاقتصاد العالمي يتجلى بشكل واضح في عدة جوانب؛ أحد أبرز هذه التأثيرات هو ارتفاع أسعار النفط، حيث تُعد منطقة الشرق الأوسط من أهم مصادر إنتاج وتصدير النفط في العالم.
وبالتالي فإن أي توتر أو صراع يمكن أن يهدد إمدادات النفط ويؤدي إلى اضطرابات في سلاسل التوريد، مما يدفع الأسعار إلى الارتفاع، وهذا بدوره يزيد من تكاليف الإنتاج والنقل، ويؤثر سلباً على الاقتصادات المعتمدة على واردات النفط.
من جهة أخرى، يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة التضخم، حيث تزداد تكاليف الطاقة والسلع الأساسية الأخرى، مما يرفع معدلات التضخم. هذا الارتفاع يؤثر على القدرة الشرائية للأفراد والشركات ويضغط على النمو الاقتصادي بشكل كبير، وفق الإدريسي.
ويضيف: كذلك، قد يتسبب عدم الاستقرار في المنطقة في اضطراب أسواق المال العالمية، إذ يميل المستثمرون في مثل هذه الظروف إلى البحث عن أصول آمنة، مثل الذهب أو السندات الحكومية، مما يؤدي إلى تدفقات كبيرة نحو هذه الأصول وتقلبات في أسواق الأسهم.
كما أن تصاعد المخاطر الجيوسياسية يؤثر على التجارة الدولية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تعطيل طرق التجارة البحرية، مثل مضيق هرمز، الذي يعتبر ممراً حيوياً لنقل النفط. أي تعطيل لهذه الطرق قد يزيد من تكاليف الشحن ويبطئ حركة التجارة الدولية، مما يعمق من أثر هذه التوترات على الاقتصاد العالمي.
الإدريسي يشير أيضاً إلى التباطؤ المحتمل في النمو الاقتصادي العالمي نتيجة هذه الاضطرابات، خاصةً بالنسبة للدول الكبرى التي تعتمد على النفط والطاقة من الشرق الأوسط، ما يجعل الأثر واضحاً على الاقتصاد العالمي ككل، خصوصاً على الدول النامية التي تكون أكثر هشاشة تجاه التقلبات الدولية. ويرى أن أي تصعيد في التوترات بالشرق الأوسط يجب مراقبته بعناية، لأنه قد يترك بصمة واضحة على الاقتصاد العالمي.
تداعيات عالمية
وإلى ذلك، يقول مدير مركز رؤية للدراسات، بلال شعيب، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الحرب في غزة كان لها تأثير كبير على الاقتصاد العالمي، مشيراً إلى الترابط بين العوامل الجيوسياسية والاقتصادية.
ويوضح أن الاضطرابات الجيوسياسية والعسكرية تزيد من مؤشرات التضخم، خاصة في أسعار السلع الاستراتيجية كالبترول والقمح، حيث تُستخدم هذه السلع كأدوات ضغط من قبل بعض الدول لتحقيق مكاسب سياسية. ويشير إلى أن النزاع في أوكرانيا، حيث تُعتبر كل من روسيا وأوكرانيا من أكبر مصدري الحبوب، أدى إلى ارتفاع الأسعار عالميًا نتيجة تقلص الإمدادات.
أما في الشرق الأوسط، فقد أسهمت الحرب في غزة بزيادة تهديد المصالح الإقليمية والدولية، خاصة فيما يتعلق بحركة التجارة والملاحة، بينما يشير إلى أن تهديدات الحوثيين لمضيق باب المندب تؤثر على إيرادات قناة السويس، ما يؤدي إلى رفع تكاليف الشحن ويزيد من حدة التضخم.
كما يتطرق شعيب إلى تأثير الأوضاع الجيوسياسية على قطاع النفط، حيث لجأت منظمة "أوبك" إلى خفض الإنتاج للحفاظ على مستويات سعرية مناسبة وسط انخفاض الطلب العالمي، خاصة من الصين التي تشهد تباطؤاً اقتصادياً.
ويشير إلىأن معدلات النمو الاقتصادي تباطأت في العديد من الاقتصادات الكبرى، منها بريطانيا وفرنسا، مع تأثيرات سلبية على قطاعات مثل السياحة والطيران نتيجة الصراعات المتعددة، مما جعل من الصعب تحقيق استقرار اقتصادي في عديد من المناطق حول العالم.