حذر مسؤولون في الولايات المتحدة الأميركية من أن المستثمرين باتوا عرضة لخطر متزايد من عمليات الاحتيال المرتبطة بالعملات المشفرة، وذلك عبر علاقات وهمية تُبنى على منصات التواصل الاجتماعي وتطبيقات المواعدة.

يحدث هذا النوع من الاحتيال عندما يستغل المحتالون هذه المنصات أو التطبيقات المهنية أو برامج المراسلة المشفرة للتظاهر بأنهم مهتمون عاطفياً، أصدقاء قدامى، محترفو استثمار، أو أشخاص ذوو علاقات مهنية. يقومون باكتساب ثقة الضحايا تدريجياً، ثم يقترحون عليهم استثمار أموالهم في العملات المشفرة، ليكتشف الضحايا في نهاية المطاف أن هذه الاستثمارات وهمية.

في تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، والذي اطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أكد مدير قسم الإنفاذ في لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية غوربير إس. غريوال، أن عمليات الاحتيال التي تشمل الأصول المشفرة تشكل خطرًا كارثيًا على المستثمرين، خصوصاً مع ازدياد شعبيتها بين المحتالين.

في الشهر الماضي، اتخذت اللجنة أولى إجراءاتها المرتبطة بعمليات الاحتيال عبر العلاقات الوهمية باستخدام العملات المشفرة، مشيرة إلى أن مجرمين تمكنوا من سرقة ملايين الدولارات من خلال منصات مثل واتساب ولينكد إن وإنستغرام، إضافة إلى منصات تداول مزيفة مثل NanoBit وCoinW6.

أخبار ذات صلة

الصين.. من العملات المشفرة إلى سوق الأسهم
لماذا يدعم ترامب العملات المشفرة؟

ارتفاع خسائر الاحتيال بالعملات المشفرة

ووفق مكتب التحقيقات الفيدرالي، فإن العملات المشفرة مثل البتكوين والإيثريوم شهدت زيادة في استخدامها بين المجرمين. وفي تقريره الأخير، كشف أن المستهلكين خسروا ما يقدر بنحو 5.6 مليار دولار في العام 2023 بسبب عمليات الاحتيال المرتبطة بالعملات المشفرة، ما يمثل زيادة بنسبة 45 بالمئة مقارنة بعام 2022. شكلت عمليات الاحتيال الاستثمارية 71 بالمئة من إجمالي هذه الخسائر، مع تركيز خاص على الاحتيال الذي يستغل العلاقات الوهمية.

في بودكاست نشرته هيئة تنظيم الصناعة المالية (FINRA)، صرحت رئيسة مجموعة استرداد عمليات الاحتيال الرومانسية في شبكة دعم الجرائم الإلكترونية، كيم كاسي بالانجيو، بأن الخسائر المالية لهذه العمليات قد تكون هائلة، مشيرة إلى أن متوسط خسائر الشخص الواحد في مثل هذه الاحتيالات يصل إلى 178 ألف دولار.

طرق الخداع طويلة الأمد

تستفيد هذه العمليات من الطبيعة اللامركزية للعملات المشفرة وسرعة المعاملات وصعوبة التراجع عنها، مما يجعل من السهل على المحتالين نقل الأموال دولياً.

ويعتقد مدير حماية المستثمرين في اتحاد المستهلكين في أميركا، ميكاه هاوبتمان، بأن التطورات في الذكاء الاصطناعي ستزيد من صعوبة اكتشاف هذا النوع من الاحتيال، نظراً لقدرة المحتالين على تحسين خداعهم. ووصف هذه العمليات بأنها غالبًا ما تكون طويلة الأمد، حيث تستغرق وقتاً طويلاً لاكتساب ثقة الضحايا.

أخبار ذات صلة

ألمانيا تغلق 47 مركزا للعملات المشفرة تستخدم في غسل الأموال
ترامب يطلق منصة جديدة للعملات المشفرة

كيفية الحماية من الاحتيال

ووفق تقرير الشبكة الأميركية، فإنه لتجنب الوقوع ضحية لهذا النوع من الاحتيال، يوصي الخبراء الماليون ومسؤولو مكتب التحقيقات الفيدرالي ولجنة الأوراق المالية باتباع عدة نصائح، منها:

  • تجنب الاستثمار بناءً على توصيات أو عروض ترويجية من أشخاص تقابلهم عبر الإنترنت ولم تقابلهم شخصياً، حتى لو تواصلت معهم عبر مكالمات هاتفية أو فيديو.
  • تحقق من شرعية المواقع الإلكترونية التي تدعي أنها تابعة لشركات مالية شرعية، خصوصاً بورصات العملات المشفرة.
  • لا تقم بتنزيل أو استخدام تطبيقات للاستثمار إلا بعد التحقق من مصداقيتها.
  • تجنب الاعتماد على شهادات مزيفة من أشخاص يدعون أنهم حققوا أرباحاً كبيرة من هذه الاستثمارات.
  • إذا كان العرض يبدو جيدًا لدرجة يصعب تصديقها، فمن المرجح أنه احتيالي.
  • تحقق دائمًا من تسجيل شركة الاستثمار على منصة BrokerCheck

ويشار إلى أن الخسائر الناتجة عن عمليات الاحتيال في العملات المشفرة تزداد بشكل متسارع، ولذا من المهم الحذر الشديد والتأكد من مصداقية أي فرصة استثمارية تُعرض عليك عبر الإنترنت، خاصة من أشخاص غير معروفين، وفق التقرير.

أخبار ذات صلة

البتكوين.. هل هي كنز رقمي أم مجرد فقاعة استثمارية؟
عملية احتيال تخترق منصة "إكس" وتستهدف أفراد عائلة ترامب

زيادة عمليات الاحتيال

من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في Cedra Markets، جو يرق، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن عمليات سرقة العملات المشفرة شهدت ارتفاعًا حادًا منذ بداية العام الجاري، ذلك أن بعض التقديرات تشير إلى أن قيمتها تجاوزت 1.7 مليار دولار حتى سبتمبر، بزيادة الضعف عن العام السابق.

ويرجع السبب الرئيسي لهذه الزيادة، في تقيدر يرق، إلى ارتفاع قيمة العملات المشفرة، مما جعلها هدفًا مغريًا للمجرمين الإلكترونيين. والأكثر إثارة للقلق هو أن أكبر خمس عمليات سرقة شكلت حوالي 70 بالمئة من إجمالي المبلغ المسروق، مما يشير إلى أن الهجمات أصبحت أكثر استهدافًا وتنظيمًا.

ويضيف: تتعرض المحافظ الرقمية لهجمات متكررة، حيث يستخدم المهاجمون تقنيات متطورة لاختراق أنظمة الأمان والوصول إلى المفاتيح الخاصة. وشهدنا عديداً من الحوادث البارزة، مثل اختراق بورصة العملات المشفرة اليابانية، والذي أدى إلى سرقة مئات الآلاف من الالبتكوين وإفلاس البورصة.

ويوضح أنه مع استمرار ارتفاع قيمة العملات المشفرة، من المتوقع أن تزداد عمليات الاحتيال والسرقة. لذلك، يتعين على الأفراد والشركات التي تتعامل مع العملات المشفرة اتخاذ تدابير أمنية صارمة لحماية أصولهم الرقمية.

تشمل هذه التدابير -بحسب يرق- استخدام محافظ آمنة، وتفعيل المصادقة الثنائية، وتجنب الروابط المشبوهة، والبقاء على اطلاع دائم بأحدث التهديدات الأمنية. كما يجب على شركات الأمن السيبراني تطوير حلول أكثر فعالية لمكافحة هذه الجرائم.

النرجسية والسادية تلاحق أصحاب العملات الرقمية!

مكافحة الاحتيال

المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية، الدكتور أحمد بانافع، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن مكافحة الاحتيال في عالم العملات المشفرة تعد تحديًا كبيرًا بسبب طبيعتها اللامركزية وتقلباتها السعرية السريعة، بالإضافة إلى إمكانية استخدام تقنيات احتيال متطورة. على الرغم من التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي.

ويشدد على أن عدة عوامل تعيق الوقاية الفعالة من الاحتيال، ومنها:

  • تجعل تقنية البلوكتشين الأساسية للعملات المشفرة من الصعب تتبع المعاملات أو التحقق من هويات الأطراف المشاركة. يمكن للمجرمين استغلال هذه السرية لإخفاء أنشطتهم.
  • يستمر المحتالون في تطوير طرق جديدة ومتطورة مثل التصيد الإلكتروني والبرمجيات الخبيثة واستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء محتوى مزيف مقنع. يمكن أن تتجاوز هذه التقنيات بسهولة تدابير الأمن التقليدية.
  • يستخدم المحتالون بشكل متزايد الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء محتوى احتيالي واقعي للغاية، مما يجعل من الصعب على أنظمة الكشف التمييز بين المعلومات الحقيقية والمزيفة.
  • تسمح العديد من العملات المشفرة بإجراء معاملات مجهولة، مما يجعل من الصعب ربط الأنشطة المحددة بالأفراد الحقيقيين.
  • يمكن أن تتسبب الكميات الهائلة من البيانات التي تولدها شبكات البلوكتشين في إرباك طرق التحليل التقليدية، مما يجعل من الصعب تحديد الأنماط المرتبطة بالأنشطة الاحتيالية.
  • يؤدي غياب اللوائح العالمية الواضحة للعملات المشفرة إلى خلق غموض قانوني يمكن للمحتالين استغلاله.

لمواجهة هذه التحديات، يلزم الجمع بين الحلول التكنولوجية والتنظيمية، يلخصها المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية، في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على النحو التالي:

  • يساعد التطوير المستمر لخوارزميات الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم العميق ومعالجة اللغات الطبيعية، في تحديد الأنماط والشاذات المعقدة في بيانات البلوكتشين.
  • يمكن دمج الذكاء الاصطناعي مباشرة في شبكات البلوكتشين من التحليل في الوقت الفعلي للمعاملات والكشف عن الأنشطة المشبوهة.
  • يمكن أن تعزز التعاون بين الحكومات والهيئات الأمنية والشركات الخاصة تبادل المعلومات والجهود المنسقة لمكافحة الاحتيال.
  • خلق لوائح عالمية واضحة ومتسقة يخلق بيئة أكثر أمانًا للمعاملات بالعملات المشفرة وتردع الأنشطة الاحتيالية.
  • يعد تعليم المستخدمين حول تكتيكات الاحتيال الشائعة وأفضل الممارسات للأمان في المعاملات بالعملات المشفرة أمرًا حيويًا في منع الخسائر.