تطرقت أول مناظرة بين مرشحي الرئاسة الإيرانية إلى موضوع الاقتصاد، غير أن المرشحين المحافظين اختاروا أن لا يتبادلوا الجدل فيما بينهم واتفقوا على مهاجمة شخص واحد "الرئيس الأسبق المعتدل حسن روحاني".

وبدأت مساء الإثنين، المناظرة الانتخابية الأولى بين 6 مرشحين لتولي منصب الرئاسة الإيرانية في دورته الرابعة عشرة.

وتركزت المناظرة الانتخابية الأولى بين المرشحين على القضايا والمشاكل الاقتصادية الراهنة في البلاد، وقام كل من المرشحين بالرد على أسئلة عدد من الخبراء البارزين المعنيين بالشؤون الاقتصادية حول مختلف القضايا الراهنة والحلول الكفيلة بمعالجة التضخم وزيادة الإنتاج المحلي.

والمرشحون الستة لخوض الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة في إيران، هم المحافظون مصطفی بور محمدي وسعید جلیلي وعلی رضا زاکاني ومحمد باقر قالیباف وسید أمیر حسین قاضي ‌زاده هاشمي، والإصلاحي مسعود بزشكیان.

وقد تم تحديد يوم 28 يونيو موعدا لانتخاب رئيس جديد لإيران عقب وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية كانت تقله مع وزير الخارجية وعدد آخر من المسؤولين في محافظة أذربيجان الشرقية شمال غرب إيران.

 استهداف روحاني

وشغل حسن روحاني منصب رئاسة إيران بين عامي 2013 و2021 وينسب إليه إبرام الاتفاق النووي مع الغرب عام 2015 والذي بموجبه أفرجت الولايات المتحدة عن الأموال الإيرانية المجمدة، كما مثلت انفراجه لوقت قصير من الحصار الاقتصادي الذي فرضته العقوبات الغربية، وذلك قبل أن يقرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق عام 2018.

وجاءت التدخلات والانتقادات في المناظرة الأولى بين مرشحي الرئاسة الإيرانية من المحافظين ضد حسن روحاني على الشكل التالي:

  • المرشح علي رضا زاكاني حمل حكومة روحاني المسؤولية عن التدهور الاقتصادي، وقال إن الكارثة التي تسببت بها حكومة روحاني أدت إلى زيادة السيولة بنسبة 101%، لكنها انخفضت إلى 23% في حكومة إبراهيم رئيسي.

  • انتقد بدوره المرشح لرئاسة إيران سعيد جليلي، حكومة روحاني، وقال إن حكومة روحاني كتبت رسالة إلى مجلس تشخيص مصلحة النظام مفادها أنه دون الحصول على اتفاق دولي لا يمكنها دفع رواتب الموظفين للشهر المقبل، لكن هذا الاتفاق لم يتم، ورواتب الموظفين ما زالت تدفع.

  • كما انتقد أمير المرشح حسين قاضي زاده هاشمي، في المناظرة التلفزيونية، سياسات الصرف الأجنبي، مشددا على شعاره "حكومة الأسرة"، وقال إننا نبيع نفطنا ونستورد الزيت بثلاثة أضعاف السعر".

  • أما المرشح مصطفى بور محمدي فاعتبر أنه لا يمكن حل المشاكل الاقتصادية من دون التعامل مع العالم، لافتا إلى أن الشعب لم يعد يصدق شعاراتنا ومواقفنا، وقال "الشعب لا يثق بنا، فقد ذهبت امواله سدى في البورصة".

  • المرشح محمد باقر قاليباف قال في المناظرة التلفزيونية: "علينا استكمال طريق حكومة رئيسي وتقوية نقاط ضعفها، مضيفا أن 17 بالمائة من النفط ومشتقاته في إيران، تذهب هدرا ونحتاج إلى رئيس قوي لإدارة هذا الملف".

وجاءت هذه الانتقادات في المناظرة الأولى من أصل 5 مناظرت رغم تحذير رئيس منظمة الإذاعة والتلفزيون، بيمان جبلي، للمرشحين من التطرق إلى "القضايا الخلافية"، وقال إنهم إذا لم يتبعوا التحذيرات المقدمة، فإن لجنة التحقيق في الدعاية الانتخابية ستتعامل معهم.

 

ماذا قال المرشح بزشكيان؟

أما المرشح الإصلاحي لرئاسة إيران، مسعود بزشكيان فقد أكد أنه: "لابد من تحقيق الوحدة والانسجام الداخلي والانفتاح على العالم لنتمكن من النمو الاقتصادي الذي نطمح اليه".

وأضاف: "يجب إشراك جميع الخبراء والنخب في تنفيذ الخطط المرسومة ونحتاج إلى استثمارات أجنبية من أجل تحقيق النمو 8%، مؤكدا انه لا يمكن تصدير البضائع من دون علاقات مع الدول، معتبرا الحظر كارثة ولكن الالتفاف عليه تسبب الكثير من الفساد".

وتابع بزشكيان "للأسف أصبحنا نفتخر باستيراد السيارات الأجنبية المستعملة وهذا لا يليق بالشعب الايراني .. لا يمكننا العثور على شريك تجاري حقيقي دون رفع العقوبات.. عملتنا الوطنية تتدهور يوما بعد آخر منذ سنوات ولا يمكننا استيراد التكنولوجيا الحديثة الى البلاد.. يجب تغيير نظرتنا ورؤيتنا".

وقال المرشح للرئاسة الإيرانية: "نحن في إيران لا نسلم المسؤوليات إلى أصحاب التخصص وإلى من يستحق.. شعاراتنا لاتحل مشاكل الموظفين والعمال.. العقول والنخب تهرب إلى خارج البلاد وهذا أمر مؤسف".

لماذا الهجوم على روحاني؟

يقول الخبير في الشأن الإيراني، هاني سليمان، إن مرشحي الرئاسة المحافظون هاجموا روحاني على اعتبار أنه يشكل رمزية الإصلاحيين وأنه كان رئيس الجمهورية في فترة ما قبل رئيسي، مشيرا إلى أن "الإصلاحيين يحاولون تصدير فترته على اعتبارها مرحلة أيقونية لحضورهم السياسي".

ويضيف سليمان في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن روحاني يعد بمثابة أحد الشخصيات المهمة في صنع القرار داخل معسكر الإصلاحيين، وبالتالي، فإن "هدمه يشكل انتصارا مهم للأصوليين للقضاء على فرص التيار الآخر".

وبحسب سليمان، فقد كان المحافظون حريصون على غلق المجال العام تماما أمام رموز الإصلاحيين، وهو ما استدعى إقصاء روحاني من عضوية مجلس خبراء القيادة، بعد 12 سنة من عضويته فيه، لثلاث فترات متتالية، في واقعة غريبة ومفاجئة وبدون أسباب مقنعة من مجلس صيانة الدستور حول أحقيته وأهليته.

وأوضح المتحدث، أن الهجوم على روحاني يشكل هجوما على فرص الإصلاحيين، وخاصة المرشح مسعود بزشكيان الذي يستمد قوته وبريقه من أيقونات الإصلاحيين وعلى رأسهم حسب روحاني.

ويتابع سليمان، أن الأصوات تتعالى في وسائل الإعلام الإيرانية بضرورة توحيد صفوف المحافظين عبر تنازل المرشحين لمرشح واحد يستطيع الوقوف بقوة أمام مرشح الإصلاحيين مسعود بزشكيان، وهو "الأمر الذي ما يشير إلى مخاوف بشأن تكرار سيناريو 2013، عندما فاز أمام محمد باقر قاليباف المرشح المحافظ الأبرز حينها، كما استطاع الفوز بولاية ثانية أمام الرئيس المحافظ الراحل إبراهيم رئيسي عندما كان أقرب منافس له، قبل أن يتولى رئيسي الرئاسة في الانتخابات التالية".