توقع صندوق النقد الدولي الثلاثاء أن يتجاوز إجمالي الدين العام العالمي 100 تريليون دولار هذا العام لأول مرة، وقد ينمو بسرعة أكبر من المتوقع إذ أصبح الخطاب السياسي أكثر توجها لزيادة الإنفاق في وقت يؤدي فيه النمو البطيء إلى ارتفاع احتياجات الاقتراض والتكاليف.
وأظهر أحدث عدد من تقرير الراصد المالي الذي يصدره صندوق النقد الدولي أن الدين العام العالمي سيصل إلى 93 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية عام 2024 ويقترب من 100 بالمئة بحلول عام 2030.
ويتجاوز هذا المعدل الذروة البالغة 99 بالمئة التي سجلت خلال جائحة كوفيد-19. كما أنه سيرتفع بنسبة 10 نقاط مئوية عن عام 2019، قبل أن تتسبب الجائحة في انفجار الإنفاق الحكومي.
على سبيل المقارنة، كان الدين الخاص للأسر والشركات الخاصة غير المالية يمثل في نهاية 2023 نسبة 146 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحسب بيانات الصندوق.
وقالت مساعدة مدير قسم الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي إيرا دابلا نوريس خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت "ثمة ما يدعو للاعتقاد بأن الوضع أسوأ مما هو متوقع".
وتابعت "التجربة تذكرنا بأن توقعات الدين تميل إلى التفاؤل أكثر مما ينبغي، إما لأن الحكومات تكون متفائلة بشأن توقعاتها للنمو، وإما لأن الإصلاحات المالية لا تتحقق أبدا بصورة تامة".
وذكر تقرير الراصد المالي، الذي صدر قبل أسبوع من عقد صندوق النقد والبنك الدوليين اجتماعاتهما السنوية في واشنطن، إن هناك أسبابا وجيهة للاعتقاد بأن مستويات الديون المستقبلية قد تكون أعلى بكثير من المتوقع حاليا، ومنها الرغبة في إنفاق المزيد من الأموال في الولايات المتحدة، أكبر اقتصادات العالم.
وأوضح صندوق النقد الدولي في التقرير "ازداد عدم اليقين بشأن سياسة المالية العامة... وتتصاعد الضغوط من أجل الإنفاق على قضايا التحول الأخضر وزياد أعداد المسنين والمخاوف الأمنية والتحديات التنموية طويلة الأجل".
تأتي مخاوف صندوق النقد الدولي بشأن ارتفاع مستويات الديون قبل ثلاثة أسابيع من انتخابات الرئاسة الأميركية التي وعد فيها المرشحان بتخفيضات ضريبية جديدة وإنفاق قد يضيف تريليونات الدولارات إلى العجز الاتحادي.
وقد يزداد الدين بشكل كبير بسبب ضعف النمو وتشديد ظروف التمويل وزيادة عدم اليقين بشأن السياسة المالية والنقدية في الاقتصادات المهمة مثل الولايات المتحدة والصين.
ويتضمن التقرير "سيناريو التطورات المعاكسة المتطرفة" لتقييم المخاطر المحيطة بتوقعات السيناريو الأساسي للدين ومدى تفاوتها عبر البلدان ومع الوقت.
وحسب التقديرات، تجاوز الدين العالمي المعرض للخطر، أي مستوى الدين المستقبلي في سيناريو التطورات المعاكسة المتطرفة، توقعات السيناريو الأساسي لثلاث سنوات قادمة، بحوالي 20 نقطة مئوية، حيث يمكن أن يصل الدين العام العالمي إلى 115 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2026.
وأرجع التقرير هذا السيناريو إلى أن زيادة مستويات الدين في الوقت الحالي يزيد من حدة أثر تشديد الأوضاع المالية وارتفاع فروق العائد أو أثر تراجع النمو على مستويات الدين المستقبلية.
وشدّد صندوق النقد الدولي مرارا على ضرورة أن ترمم الدول هوامشها المالية بعدما تقلصت جراء الأزمات المتتالية منذ الجائحة، حتى تتمكن من مواجهة أي أزمات مستقبلية.
في الوقت نفسه، أقرّ صندوق النقد بضرورة أن ترصد الدول استثمارات كبرى من أجل مكافحة الاحترار المناخي وتمكين المجتمعات من التكيف منذ الآن مع عواقبه.
إلا أن زيادة معدلات الفائدة في السنوات الثلاث الأخيرة قوضت المالية العامة لدول عديدة إذ زادت تكاليف قروضها.
وبحسب البنك الدولي، فإن حوالى أربعين دولة تواجه حاليا أو تشرف على مواجهة أزمة ديون، لا سيما بفعل زيادة خدمة دينها.