أثار الإعلان عن تدشين مؤسسة "تكوين الفكر العربي" في مصر، جدلًا واسعًا، صاحبها دعوات لإغلاق المؤسسة والتصدي لأفكارها بعد ساعات قليلة من انطلاق فعاليات مؤتمرها السنوي الأول بمشاركة مجموعة كبيرة من المفكرين والباحثين من عدّة دول عربية.

ووسط هذا الجدل، ترقب المصريون الإعلان عن موقف الأزهر إزاء تلك المؤسسة، خاصة إعلان الأمين العام لهيئة كبار العلماء عباس شومان، متابعة الأمانة العامة للهيئة كبار العلماء "ما يُنشر عن تكوين كيان للنيل من ثوابت الدين وأخلاقيات وقيم الأمة".

وتواصل موقع "سكاي نيوز عربية"، مع شومان الذي أكد أنه "لا يوجد جديد فيما يتعلق بمؤسسة تكوين حتى الآن، بخلاف ما أعُلن عنه سابقًا".

ثوابت الأزهر
بدوره، كشف المشرف العام على الأروقة العلمية بالأزهر الشريف، الدكتور عبدالمنعم فؤاد، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الأزهر لا يُعادي أحدًا، ولكن هدفه الحفاظ على الأمن الثقافي والفكري والعقائدي بالبلاد حتى لا تكون هناك فوضى تُهدد استقرار المجتمع".

وحدد "فؤاد" وهو أستاذ العقيدة والفلسفة بالأزهر الشريف، موقف الأزهر من مؤسسة "تكوين" في عدد من النقاط، قائلًا:

  • "نحن في الأزهر لا ندخل في عداء مع أي فكر، وإن وجد أي فكر بناء نرحب به، لكن إن كان هدامًا سنقوم بمواجهته".
  • "نترقب ما سيصدر عن مؤسسة تكوين من أفكار وبرامج، فإن قالت، قُلنا وحللنا واستعرضنا الرأي الشرعي في أفكارها، لكن حتى الآن لم يظهر أي شيئ يدعو للغضب من المؤسسة"
  • "الأزهر هو الجهة الوحيدة المنوط لها بشرح تعاليم الإسلام وبيان ما يريده المسلمون من استفسارات والقيام بتنقيح التراث وتجديده"
  • "الجميع يعرف خلفيات القائمين على المؤسسة ومجلس أمنائها، وفعلوا ما فعلوا بأفكارهم قبل ذلك وتنبه لهم المجتمع وعرف هويتهم الثقافية وأهدافهم وغاياتهم، ولذلك فالمجتمع يترقب معنا ما سيعلنون عنه".
  • "إذا كان مجلس أمناء المؤسسة يزعمون أنهم يريدون تجديد الخطاب الديني، فما هو التجديد والأفكار التي تؤدي إلى التجديد"
  • "إن تعدت هذه المؤسسة والقائمين عليها، الخطوط الحمراء في الاعتداء على السنة النبوية، والصحابة الكرام، والرموز الإسلامية والوطنية، سنتعقب هذه الأمور ولن نتركها ونفندها بالأدلة ونحذر الناس منها".
  • "أيضًا، إذا كانوا يعتقدون أنهم سيقومون وحدهم بتجديد الخطاب الديني، فما هو دور العلماء والمؤسسات الدينية الحالية".

أهداف.. ورسائل

وبحسب الموقع الإلكتروني لمؤسسة تكوين، فإنها "مؤسسة عربية نادى إلى تأسيسها مجموعة من المفكرين والباحثين العرب بهدف تعزيز قيم الحوار البنّاء، ودعم الفكر المستنير والإصلاح الفكري، وخلق فضاءات تقنية مناسبة تسمح بوصول منتجها الفكري المرئي والمسموع والمقروء إلى أوسع قاعدة ممكنة من الجمهور".

كما تهدف المؤسسة إلى "إرساء قيم العقل والاستنارة والإصلاح والحوار وقبول الآخر والإيمان بمبادئ السلام العالمي بين المجتمعات والثقافات والأديان، وتمهيد السبيل نحو مستقبل مشرق للمجتمعات العربية والإسلامية من خلال الثقافة والفكر الديني المستنير".

ويضم مجلس أمناء المؤسسة عددًا من المفكرين والصحفيين العرب، من بينهم الكاتب الصحفي المصري إبراهيم عيسى، والروائي المصري يوسف زيدان، والباحثة اللبنانية المتخصصة في الفكر العربي الإسلامي نايلة أبي نادر، والكاتب السوري فراس السواح، والأستاذة بالجامعة التونسية، ألفة يوسف، والباحث المصري إسلام بحيري، فضلًا عن عدد كبير من الأعضاء بينهم الكاتبة المصرية فاطمة ناعوت.

ناعوت: لا نستهدف مواجهة الأزهر أو أي مؤسسة دينية

في المقابل، اعتبرت فاطمة ناعوت عضو مؤسسة "تكوين"، أن "تكوين لا تستهدف مواجهة الأزهر أو الكنيسة أو أي مؤسسة دينية، بل نعمل معهم في نشر القيم الحقيقية للأديان، خاصة أن رسالتنا واحدة في محاربة التطرف ونشر مبادئ الإيمان والمواطنة الحقيقية وكل قيم الحق والخير والجمال".

كما دافع عضو مجلس أمناء "تكوين"، الروائي يوسف زيدان، عن ذلك في تصريحات إعلامية بالتأكيد على أن "أعضاء تكوين ليسوا في عداء مع الأزهر، خاصة أن أساتذة أزهريون شاركوا في المؤتمر الأول للمؤسسة بالمتحف المصري الكبير قبل أيام".

وأضاف: "تكوين ليست مبنى يمكن إغلاقه، هي مبادرة للتثقيف العام في البلاد العربية، ودعوة مفتوحة لإعمال العقل وإعادة بناء المفاهيم العامة وتحكيم المنطق والعقلانية".

ختامًا، تقول فاطمة ناعوت عن خطتهم المستقبلية: "سنسير كما هو الحال في طريق التنوير وإعمال العقل والمحبة ومحاربة خطاب الكراهية والطائفية والإرهاب... هذا مشروع شخصي لكل مؤسسي تكوين، وقررنا ألا نعمل فرادى بعد الآن".