تشهد سوق الذهب في مصر اضطرابات واسعة على وقع عديدٍ من العوامل التي أثرت على الأسعار بشكل لافت، ودفعتها إلى اختراق مستويات قياسية تتجاوز الـ 3200 جنيه.
من بين أبرز تلك العوامل تصاعد الموجات الشرائية من أجل التحوط، في وقت ينتظر فيه المصريون خفضاً جديداً لقيمة العملة (الجنيه)، تشير التقديرات إلى أنه سيكون مع بداية العام المقبل 2024.
كذلك من بين العوامل أيضاً الارتفاعات العالمية بأسعار الذهب، علاوة على تطورات السياسة النقدية المحتملة لجهة اتجاه الفيدرالي الأميركي لخفض الفائدة في العام المقبل، عندما ألمح إلى ثلاثة تخفيضات في 2024 في اجتماعه الأخير الشهر الجاري.
وفي وقت تشهد فيه الأسعار حالة من عدم الاستقرار اللافت، اضطرت إحدى منصات بيع الذهب عن التوقف عن إعلان الأسعار.
ومع ارتباط أسعار الذهب بالعوامل الداخلية الضاغطة وكذلك الأسعار العالمية، فإن السوق المحلية ربما مرشحة لمزيدٍ من الاضطرابات في المرحلة المقبلة. فيما يُعول مختصون على الوصول إلى مرحلة الاستقرار على المدى القصير ومع حلول الربع الأول من العام الجديد 2024.
عوامل مختلفة
يقول مستشار وزير التموين المصري لشؤون صناعة الذهب، ناجي فرج، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن ثمة مجموعة من العوامل التي أدت إلى الحالة الحالية التي يواجهها سوق الذهب في مصر، أولها الارتفاعات العالمية في أسعار المعدن الأصفر، والذي شهد قفزة بقيمة 100 دولار في فترة قليلة، وبما انعكس على السوق المحلية، علاوة على زيادة الطلب المحلي.
لكنه يضيف في الوقت نفسه: "مع زيادة الطلب المحلي في فترة زمنية قصيرة، فإن ذلك يؤدي لارتفاعات غير مبررة وأحياناً غير منطقية أيضاً -كما هو الحال بالنسبة للوضع الراهن- وبالتالي فإن السعر لا يتناسب إطلاقاً مع الأسعار العالمية ولا الوضع المحلي كذلك".
ويعتقد مستشار وزير التموين المصري، بأن "السوق غالباً في طريقها إلى الاستقرار، وقد تكرر ذلك الوضع من قبل بعدما اخترقت أسعار الذهب مستويات مرتفعة ثم عاودت إلى التراجع بعد ذلك".
صفر جمارك
في الوقت نفسه، يلفت مستشار وزير التموين المصري لشؤون صناعة الذهب، ناجي فرج، إلى العوامل التي تدعم تقديراته الخاصة باستقرار أسعار الذهب لمستويات مناسبة مع الأسعار العالمية في الربع الأول من العام المقبل 2024، وأهمها وجود كميات من الذهب في الموانئ المصرية، لا سيما بعد مبادرة "صفر جمارك" التي أسهمت في دخول ما يصل إلى 2 طن من الذهب إلى السوق المحلية".
ووافقت الحكومة المصرية، في شهر مايو الماضي، على إعفاء واردات الذهب التي ترد بصحبة القادمين من الخارج من الضريبة الجمركية والرسوم الأخرى فيما عدا الضريبة على القيمة المضافة، وذلك لمدة ستة أشهر.
وتتعلق إعفاءات واردات الذهب يتعلق بأشكال الذهب نصف المشغولة، والمعدة للتداول النقدي، والحلي والمجوهرات وأجزائها من معادن ثمينة، وإن كانت مكسوة أو مُلبسة بقشرة من معادن ثمينة، والتي ترد بصحبة القادمين من الخارج.
نفي بخصوص توقف البيع بالأسواق المحلية
من جانبها، نفت الشعبة العامة للذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية في مصر، توقف حركة البيع بالأسواق المحلية.
وحول ما يحدث في الأسواق من تذبذب وعدم استقرار الأسعار، أوضحت في بيان لها أن هذا التذبذب يعود لحركة تداول كبيرة بين عرض وحركة بيعية لجني الأرباح والاستفادة من الارتفاع الكبير لأسعار الذهب تأثراً بارتفاع الأسعار العالمية، وحركة طلب مرتفعة مرتبطة بتحوط المستثمرين من ارتفاعات مقبلة متوقع أن تشهدها الأسواق العالمية خلال الربع الأول من العام المقبل كقراءة لمؤشرات الأسواق العالمية من ناحية، علاوة على حركة طلب موسمية بالأسواق المحلية خلال مواسم الأعياد وبداية العام الجديد.
وقد أدت سرعة تغير الأسعار إلى ارتباك في بعض المحال بما تسبب في تعليق البيع لبضع دقائق لحسم أسعار البيع والشراء.
وأكدت الشعبة في بيانها: "لا توقف لحركة البيع والشراء بالأسواق المحلية .. كما تؤكد الشعبة عدم مسؤوليتها عن ما تعلنه المنصات الإلكترونية لتداول الذهب بالإعلان أو عدم الإعلان عن الأسعار".
أمر طبيعي
وإلى ذلك، قال رئيس الشعبة العامة للذهب في اتحاد الغرف التجارية، هاني ميلاد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن ما يجري في سوق الذهب في مصر أمر طبيعي، لارتباطه ببعض المتغيرات، على رأسها الحركة الشرائية الكبيرة في الوقت الحالي، والمدفوعة بنوعٍ من التحوط وتوقعات لزيادة الأسعار في المرحلة المقبلة.
يأتي ذلك علاوة على موسم الأعياد، والذي من الطبيعي أن يزدهر فيه الطلب على الذهب، علاوة على الأسعار العالمية للذهب التي ترتبط بها الأسواق المحلية التي شهدت زيادة مطردة في ضوء تلك العوامل المذكورة وسريعاً ما سوف تعود الأسعار بعد ذلك لمستوياتها المرتبطة بالأسعار العالمية.
ورداً على سؤال حول تأثيرات قرار استيراد الذهب (صفر جمارك)، أوضح أن القرار أثر على الأسعار في بعض الفترات لكن الفترة الحالية ولظروف عدم وجود وجود عائدين من الخارج لم يعد هناك ضخ بكميات واردة، كما أنه في بعض الفترات كانت الأسعار متقاربة (عالمياً ومحلياً) وبالتالي لم يكن هنالك جدوى من الاستيراد.
وسجلت أسعار الذهب بالسوق المصرية، الثلاثاء، ارتفاعاً بقيمة 150 جنيهًا لعيار 21 (الأكثر مبيعاً) ليصل إلى مستوى 3205 جنيهات، مقابل 3164 جنيهًا للشراء. أما سعر عيار 18 فوصل إلى 2747 جنيهًا، مقابل 2712 جنيهًا للشراء. كذلك سعر الجنيه الذهب عيار 21 سجل 25400 جنيه، مقابل 25320 جنيهًا للشراء. أما سعر سبيكة الذهب 1000 غرام عيار 24 فبلغ سعرها 3554000 جنيه.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه أيضاً أسعار الدولار في السوق السوداء (الموازية) مضاربات واسعة أوصلته إلى تجاوز مستوى الـ 50 جنيهاً، وسط حالة عدم يقين تعاني منها الأسواق في المرحلة الحالية. بينما السعر الرسمي دون الـ 31 جنيهاً.
وتعاني المالية العامة في مصر من ضغوطات واسعة مستمرة، فيما تتبنى الحكومة خططاً واستراتيجيات مختلفة للخروج من الأزمات الحالية، بما في ذلك ملف الطروحات الحكومية الذي تهدف من خلاله إلى توفير العملة الصعبة بالبلاد.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري، تراجع معدل التضخم الأساسي الذي يستثني الوقود وبعض المواد الغذائية المتقبلة، إلى 35.9 بالمئة في نوفمبر من 38.1 بالمئة في أكتوبر.
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، قال إن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 34.6 بالمئة في نوفمبر مقارنة مع 35.8 بالمئة في أكتوبر.