قال الرئيس الموريتاني، محمد ولد الغزواني، خلال فعاليات المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، إن اجتياح الإرهاب للقارة الإفريقية والعالم عموما، يؤكد الحاجة الماسة والمسؤولية الجماعية بخصوص ضرورة التخلص نهائيا من العنف والنزاعات العرقية الهدامة من خلال نشر قيم العدل والتسامح والاعتدال.
وأضاف أن "موضوع هذه النسخة الرابعة من المؤتمر وهو "التعليم العتيق في إفريقيا: العلم والسلم"، ليستثير في وجدان المجتمع الموريتاني، صدى تاريخ طويل من الازدهار الحضاري، والعطاء العلمي المتميز".
وأكمل: "إن إدراج منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، مؤخرا، المحظرة الموريتانية ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، لدليل ناصع، على أهمية التعليم الأصلي، ودوره البارز في تكريس القيم الإنسانية الجامعة، من تسامح واعتدال وأمن وسلام".
وتابع الرئيس الموريتاني قائلا: "إدراكا منّا للمنزلة الكبرى والمكانة المتفردة للتعليم العتيق الذي تمثلُه المحظرة صاحبَة المنّة الحضارية الكبرى على هذه البلاد، حرصنا على صون وتعزيز نظامنا المحظري، وتحديثه، ليلائم متطلبات العصر الحديث، مع الحفاظ على نبل ونقاء قيمه وأهدافه".
وانطلقت، الثلاثاء، في العاصمة الموريتانية نواكشوط فعاليات المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم بحضور مسؤولي الدول والعلماء والشباب والمرأة.
وجرى مناقشة قضايا السلم والعيش المشترك وقيم التضامن بين الشعوب، انطلاقا من قضية التعليم العتيق والتعليم الحديث في إفريقيا، باعتبارهما الوسيلة لغرس ثقافة التسامح ونبذ ثقافة العنف.
كما تم مناقشة دور التعليم الديني المعتدل في المدارس العتيقة مثل "الكتاتيب" في مصر و"خلاوي القرآن" في السودان وتمبكتو و"المحاضر الشنقيطية" في موريتانيا وغيرها، بالإضافة لموضوع تعليم المرأة في إفريقيا، ومقاربة كل ذلك مع العولمة وعصر الحريات الفردية.
من جانبه، قال الشيخ عبد الله بن الشيخ المحفوظ بن بيه الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم إن "ملتقانا هذه السنة محطة جديدة على دروب السلام، التي سلكها المؤتمر الإفريقي في بحثه الدائم عن أسباب الوئام والأمن، والعافية والسكينة".
وأضاف: " جاء اختيار موضوع هذا المؤتمر ضمن بحثنا عن معززات السلام وأسباب الوئام من خلال تناول أحد أهم مرتكزات مقاربة السلم وهو مرتكز التعليم والتربية".
وأكمل الأمين العام لمنتدى أبوظبي للسلم: "إننا نقصد بالتعليم العتيق في هذا السياق، أساليب وممارسات التعليم والتربية التي أسهمت في نقل المعرفة وتشكيل الثقافة في المجتمعات على الطريقة التقليدية في تدريس العلوم وبناء المعارف في مختلف المستويات".
وتابع: "لقد ظل التعليم العتيق لقرون المصدر الأوحد للمعرفة الدينية والدنيوية في القارة الإفريقية، فكانت تُدرّس في مدارسه العلوم والمعارف بشتى فروعها، من علوم الشرع إلى الحساب والفلك، بل يُدرِّس الطب كذلك، هذا بالإضافة الى اختصاص بعضها بالتربية والتزكية".
وأكمل: "ومع تعدد العلوم والمعارف، تعددت طرق التدريس وطقوسها، وتميزت هذه المدارس بمزايا ومواصفات منها، الحرية والمجانية والمساواة والشمولية، لكن أهم مزايا هذه المدارس هو استيعابها لمختلف القبائل والأعراق دون تمييز ولا تنغيص في تعايش سعيد، يربي على الأخلاق والفضائل، ويساهم في السلم والعافية".
وطرح بن بيه جملة التحديات التي تواجه هذا النوع من التعليم، والمتمثلة في الكادر البشري والمورد المالي والتوظيف، معربا عن أمله في أن يخرج المؤتمر بتوصيات علمية وعملية تسهم في تحقيق المراد وتجاوز هذه التحديات.