بدأ آلاف الفلسطينيين النازحين في غزة، حاملين الخيام والملابس والمتعلقات الشخصية، التوجه إلى منازلهم يوم الأحد، بعد دخول وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ، وذلك بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب.
ورصد صحفيو وكالة الأنباء الفرنسية عودة الفلسطينيين إلى منازلهم عبر شاحنات وعربات تجرها الحمير وعلى الأقدام، مرورا بمناطق واسعة مدمرة في غزة، لا سيما في الأجزاء الشمالية من الأراضي الفلسطينية.
بحسب صحيفة ذا ناشونال، فإن بعض سكان مخيم جباليا في شمال غزة – الذي تعرض لحصار إسرائيلي منذ أكتوبر – لم ينتظروا أكثر، وبدأوا العودة إلى منازلهم في الساعات الأولى من صباح الأحد.
راغب مسعود، 41 عاماً، كان من بين الذين أصرتهم الرغبة في العودة. قال لـ "ذا ناشيونال": "مع انبلاج الصباح، زاد نفاد الصبر وتقدم الناس نحو المخيم والمناطق المحيطة".
وأضاف: "كان الدمار يفوق الوصف – شوارع مليئة بالركام، جثث متناثرة، ولا شيء بقي قائماً".
وعندما وصل إلى منزله في الفالوجة، شعر السيد مسعود بصدمة عارمة. "كان منزلي ملاذاً لعائلتي المكونة من سبعة أفراد ولعائلة أخي المكونة من ستة أفراد. الآن، لم يبق لدينا سوى الشارع. الجيش الإسرائيلي دمر كل شيء – لم يبق أي حياة في شمال غزة"، قال.
وأفاد شهود عيان أن شوارع جباليا مكدسة بالركام والدمار، مع رائحة الجثث المتحللة التي تطغى على المكان، حيث ما زال العديد من القتلى تحت الأنقاض، بينما تتعفن جثث أخرى في الشوارع.
ويوفر وقف إطلاق النار أملاً هشاً لسكان غزة، لكن طريق التعافي طويل، مليء ببقايا دمار لا يمكن تصوره.
فوزي أبو ركبة، 44 عاماً، نزح من جباليا إلى مدينة غزة بعد أن اقتحم الجيش مأواهم في نوفمبر، بحسب ذا ناشونال.
وكان أبو ركبة ينتظر بفارغ الصبر اليوم الذي ستدخل فيه الهدنة حيز التنفيذ، ليتمكن من تفقد منزله ، قائلا: "منزلي، الذي بنيته بسنوات من الجهد والعمل الشاق، ذهب – دمر بالكامل وأصبح لا شيء. أكثر من 12 عاماً من الذكريات محيت في لحظة".
ووصف المشاهد التي واجهها في طريق عودته إلى المنزل. "كانت الشوارع مليئة بالركام والأنقاض. شمال غزة لم يعد كما كان – كل شيء مدمر، الجميع محطمون. من المؤلم للغاية ولا أستطيع استيعاب ما حدث. بصراحة، لا أعرف كيف أستمر في العيش بعد هذا أو كيف أبدأ بإعادة بناء حياتي. الدمار يفوق قدرة العقل البشري على التخيل".
وأضاف: "الركام والدمار في كل مكان، لا توجد منازل متبقية في الشمال. هذه هي الحقيقة بالنسبة لنا جميعاً".
ورغم الخسارة، وجد أبو ركبة بعض العزاء في المعاناة المشتركة. "ما يجلب بعض الراحة هو أن هذه المأساة تؤثر على الجميع. إنها مأساة جماعية. لم يسلم أحد. الحمد لله على كل حال".
وتشير أحدث التقييمات، التي نشرت الخميس، إلى أن ما يقرب من 59.8 في المئة من المباني في غزة قد تضررت على الأرجح خلال الحرب.
بينما قدر تحليل آخر أجراه مركز الأقمار الإصطناعية التابع للأمم المتحدة في ديسمبر، أن 69 في المئة من جميع المباني في غزة قد تضررت جراء القتال.
ودخلت الهدنة، التي كان من المقرر أن تبدأ الساعة 8:30 صباحاً بالتوقيت المحلي، حيز التنفيذ بعد ثلاث ساعات، بعدما تسلمت إسرائيل قائمة الرهائن من حماس.
خطة تنفيذ اتفاق غزة
فيما يلي العناصر الرئيسية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة الذي دخل حيز التنفيذ، الأحد، بعد 15 شهرا من الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف من الفلسطينيين وأشعل التوترات في منطقة الشرق الأوسط.
وتأخر بدء وقف إطلاق النار لمدة تقارب ثلاث ساعات بعد أن طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من حركة حماس تقديم قائمة بالرهائن الذين كان من المقرر إطلاق سراحهم خلال اليوم. وصرح مسؤول إسرائيلي لاحقًا أن إسرائيل قد تسلمت القائمة.
انطلاق المرحلة الأولى
- المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار والتي تستمر لستة أسابيع، تتضمن انسحابا تدريجيا للقوات الإسرائيلية من وسط غزة وعودة الفلسطينيين النازحين إلى شمال غزة.
- الاتفاق يتطلب دخول 600 شاحنة مساعدات إنسانية إلى غزة يوميا أثناء وقف إطلاق النار، منها 50 شاحنة تحمل وقودا، مع تخصيص 300 شاحنة للشمال حيث الظروف الإنسانية صعبة للغاية.
إطلاق الرهائن
- ستقوم حماس بإطلاق سراح 33 رهينة إسرائيلية، تشمل جميع النساء (سواء كنّ عسكريات أو مدنيات)، والأطفال، والرجال فوق سن الخمسين. سيتم إطلاق سراح النساء والأطفال أولا، ثم الرجال فوق الخمسين. ومن المتوقع أن يتم إطلاق سراح ثلاث رهائن عبر الصليب الأحمر يوم الأحد بعد الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش، وفقا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
- ستطلق إسرائيل سراح 30 معتقلا فلسطينيا مقابل كل رهينة مدنية، و50 معتقلا فلسطينيا مقابل كل جندية إسرائيلية تطلقها حماس.
- بموجب شروط الاتفاق، ستبلغ حماس اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) بمكان نقطة اللقاء داخل غزة، ومن المتوقع أن يبدأ الصليب الأحمر بالتحرك نحو ذلك الموقع لجمع الرهائن.
- ستفرج إسرائيل عن جميع النساء الفلسطينيات والأطفال تحت سن 19 عاما الذين تم اعتقالهم منذ 7 أكتوبر 2023 بنهاية المرحلة الأولى. العدد الإجمالي للمفرج عنهم الفلسطينيين سيعتمد على الرهائن الذين تم إطلاق سراحهم، وقد يتراوح بين 990 و1650 معتقلًا فلسطينيًا من الرجال والنساء والأطفال.
- ستقوم حماس بإطلاق سراح الرهائن على مدى ستة أسابيع، بواقع إطلاق سراح ثلاثة رهائن على الأقل أسبوعيا، مع الإفراج عن البقية قبل نهاية الفترة. سيتم الإفراج أولا عن الرهائن الأحياء، ثم تسليم رفات الرهائن المتوفين.
آلية النزوح والعودة على الأقدام
وبحسب اتفاق وقف إطلاق النار بغزة، الذي اتفق عليه في يناير 2025، سيسمح لجميع الفلسطينيين الذين نزحوا إلى جنوب قطاع غزة منذ بداية الحرب بالعودة إلى منازلهم في شمال القطاع، كما سيسمح بحرية التنقل للسكان في جميع مناطق القطاع، وفق آلية متفق عليها.
- تبدأ عمليات عودة النازحين داخليا، مشيا على الأقدام، إلى مناطق سكنهم، في اليوم السابع من الاتفاق، دون حمل السلاح ودون تفتيش، عبر شارع الرشيد.
- في حين سيتم السماح للمركبات بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحصها من قبل شركة خاصة يحددها الوسطاء بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي، وبناء على آلية متفق عليها.
- وفي اليوم الـ22 من بدء تنفيذ الاتفاق سيتم فتح ممر شارع صلاح الدين لعودة النازحين شمالا، وذلك بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي بالكامل من محور نتساريم ودوار الكويت، إلى منطقة قريبة من الحدود.
المرحلة الثانية
ستبدأ المفاوضات حول المرحلة الثانية من الاتفاق بحلول اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى، ومن المتوقع أن تشمل إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، بمن فيهم الجنود الإسرائيليون الذكور، ووقف إطلاق نار دائم، وانسحاب كامل للجنود الإسرائيليين.
من المتوقع أن تتضمن المرحلة الثالثة إعادة جميع الجثامين المتبقية وبدء إعادة إعمار غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.