تشكل الزيارة التي بدأها الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، لدولة الإمارات العربية المتحدة، الثلاثاء، محطة مهمة في تعزيز مسار العلاقات الشاملة بين البلدين، متوجة مسيرة 47 عاماً من علاقات التعاون والصداقة بين أبوظبي وجاكرتا.
ويتوقع أن يعزز البلدان خلال الزيارة شراكتهما خصوصاً في قطاعات كالطاقة النووية، والاستثمار، والقطاع المالي، وغيرها من القطاعات الحيوية.
وتاريخيا، تبرز الزيارة التي قام بها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لإندونيسيا في مايو 1990، والتي شكلت نقطة تحول مهم في مسار العلاقات بين البلدين.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية خلال ترؤس سموه للجنة المشتركة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا التي عقدت في أبوظبي في العام 2023 أن البلدين نجحا خلال الـ 47 عاماً الماضية، في تعزيز التعاون والتنسيق في مختلف المجالات، ومن أهمها الطاقة والطاقة المتجددة، والسياحة، والطيران، والزراعة والأمن الغذائي، والبنية التحتية، والنقل، والسياحة، والصحة، والذكاء الاصطناعي، والتعليم والثقافة.
وأشار إلى أن التعاون الإماراتي - الإندونيسي شهد نمواً ملحوظاً في إطار المنظمات والمبادرات متعددة الأطراف ومنها الشراكة بين البلدين ضمن مجموعة العشرين تحت رئاسة إندونيسيا عام 2022، والهند عام 2023، والتعاون معا لدعم صندوق الجائحة بمبادرة من المجموعة، مثمنا دعم جمهورية إندونيسيا لانضمام دولة الإمارات إلى رابطة الآسيان بصفة شريك حوار قطاعي والتعاون المستمر لإنجاح هذه الشراكة.
واقتصادياً، تخطى التبادل التجاري بين الإمارات وإندونيسيا حاجز الـ 100 مليار درهم (27.23 مليار دولار) خلال 10 سنوات .. فقد بلغ التبادل التجاري غير النفطي بين الإمارات وإندونيسيا بين 2014 و2023 حوالي 101.91 مليار درهم وشهدت التجارة البينية ارتفاعاً تصاعدياً خلال السنوات الماضية.
وشكلت المصادقة على اتفاقية التجارة الشاملة بين البلدين محفزاً استثنائياً لحجم العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين، وهو ما عبرت عنه قيمة التبادل التجاري بين الدولتين خلال العام الماضي والتي تخطت الـ 16 مليار درهم، بنمو وصلت نسبته إلى 7.2 بالمئة مقارنة بعام 2022.
وكانت دولة الإمارات وإندونيسيا قد صادقتا على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما في يوليو من العام 2022، ودخلت حيز التنفيذ في سبتمبر من 2023 لتدشن بذلك حقبة جديدة من الشراكة وتحفز نمو التجارة البينية غير النفطية، وصولاً إلى 10 مليارات دولار سنوياً في غضون 5 أعوام وذلك من مستواها عند نحو 3 مليارات دولار عام 2021، وذلك من خلال خفض أو إزالة الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع والخدمات ما يخلق فرصاً جديدة للمصدرين والشركات من الجانبين.
ووفقا لبيانات وزارة الاقتصاد، تتصدر الحلي والمجوهرات وأجزاؤها من معادن ثمينة أو معادن عادية مكسوة بقشرة من معادن ثمينة التبادل التجاري، تتبعها السيارات، ثم الذهب بما فيه المطلي بالبلاتين والخام، ثم زيت النخيل وجزئياته، ثم أجهزة الهاتف بما في ذلك أجهزة الهاتف للشبكات الخلوية أو غيرها من الشبكات اللاسلكية.
وتتفق أبوظبي وجاكرتا على أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين، خصوصاً في قطاعات التجارة، والطاقة، والأعمال والاستثمار في البنى التحتية، إضافة إلى المضيّ قدماً في تشجيع المشروعات المشتركة في قطاعات التعليم العالي والثقافة والسياحة والزراعة والنقل البحري، والأمن الغذائي والعلوم والتكنولوجيا.
وجاء مشروع "مركز محمد بن زايد – جوكو ويدودو" لأبحاث القرم بالتعاون مع جمهورية إندونيسيا ثمرة التزام دولة الإمارات بتقديم 10 ملايين دولار لتعزيز الجهود العالمية لتنمية القرم التي تعد أحد أهم الحلول الحيوية القائمة على الطبيعة في مواجهة التغيرات المناخية وحماية النظم البيئية الساحلية.
ويمثل المركز أحد أهم إسهامات دولة الإمارات في تعزيز الاستدامة المناخية والبيئية في العالم وحماية كوكب الأرض من آثار التغيرات المناخية ويجسد متانة الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وإندونيسيا في العديد من المجالات الحيوية وأهمها دفع منظومة التنمية المستدامة وتوحيد الجهود لخلق مستقبل مستدام للدولتين.
في سياق آخر، تشكل الإمارات وإندونيسيا نموذجين حقيقيين على صعيد تبنى مفاهيم التسامح.. بعدما نجحت إندونيسيا في تحقيق نجاحات ملموسة وتعزيز مبدأ التسامح وتقبل الآخر في مجتمعها الذي يتشكل من أرخبيل يضم أكثر من 17 ألف جزيرة يتحدث سكانها بأكثر من 700 لغة ويضم عرقيات متعددة ليشكل التسامح أحد أبرز محفزات البناء والتنمية في البلد الآسيوي الواعد.
فيما نقلت الإمارات موروثها الاجتماعي والديني المبني على التسامح والتعايش من إطارها الجغرافي إلى أبعاد عالمية عبر مبادرات وأحداث شكلت أحد أبرز الخطوات العالمية في هذا الإطار.