"العصر الذهبي لأميركا يبدأ اليوم".. "أميركا ستُصدر الطاقة إلى جميع أنحاء العالم".. "الولايات المتحدة سوف تقوم بملء الاحتياطيات الاستراتيجية مرة أخرى".. رسائل لافتة بعث بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في خطاب تنصيبه، الذي حظى فيه قطاع الطاقة بحضور قوي من خلال تلك التأكيدات المباشرة، وبما يعكس -كما هو متوقع- حجم الاهتمام الذي يوليه ترامب بالنفط "والحفر".
على الرغم من عدم وضوح الرؤية بشأن كيفية استخدام سلطات الطوارىء لتحقيق أهداف ترامب المتمثلة في "إطلاق العنان لقطاع الطاقة الأميركي" حسب ما أعلن خلال حفل تنصيبه، إلا أن قراره يعد تحولاً للموقف الأميركي تجاه الحد من استخدام الوقود الأحفوري.
قال ترامب أثناء تنصيبه: "سنكون أمة غنية مرة أخرى، وهذا الذهب السائل تحت أقدامنا هو الذي سيساعد في القيام بذلك".
ولم يتضح بعد ما إذا كان إعلان حالة الطوارئ سيكون رمزيا إلى حد كبير أم أنه سيستدعي صلاحيات أوسع تتجاوز الأوامر التنفيذية بشأن الطاقة، بحسب تقرير لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية.
ونقل التقرير عن مدير سياسة الطاقة في شركة الاستشارات رابيدان إنرجي، جلين شوارتز، قوله:
- هناك عدة قوانين طوارئ يمكن لترامب الاستعانة بها تتعلق بالطاقة.
- حالات الطوارئ غالباً ما يتم تعريفها "بشكل فضفاض" بموجب القانون الفيدرالي، مما يمنح الرئيس سلطة تقديرية واسعة لاستخدامها كما يراه مناسباص.
- ترامب من المرجح أن يواجه مقاومة طفيفة من المحاكم؛ لأنها مترددة في الطعن في القرارات الرئاسية المتعلقة بالأمن القومي.
- ما نستنتجه في النهاية هو أنه حتى لو قام ترامب بتوسيع سلطات الطوارئ بطرق غير مسبوقة، فليس من الواضح أن المحاكم ستتدخل لوقف أي من هذه الإجراءات الناتجة.
وقال شوارتز لعملائه في تقرير بحثي نُشر يوم الخميس الماضي إن هناك سابقة واضحة لترامب في الاستعانة بسلطة الطوارئ لتعزيز توليد الطاقة وتوسيع إمدادات الوقود في البلاد. وستقوم السلطات التي تستخدم هذه الصلاحيات بالتنازل عن بعض القواعد البيئية والتلوث المتعلقة بالطاقة.
وبحسب المحلل، فإن ترامب قد يصدر إعفاءات من الوقود بموجب قانون الهواء النظيف للسماح بدخول البنزين إلى السوق، وهو ما قد ينتهك معايير جودة الهواء الفيدرالية، مضيفاً أن الرؤساء استخدموا مثل هذه الإعفاءات في كثير من الأحيان كلما احتاجوا إلى تمديد إمدادات البنزين في البلاد وإبقاء الأسعار تحت السيطرة.
وقال شوارتز إن ترامب قد يلجأ أيضاً إلى قانون الطاقة الفيدرالي لإصدار أوامر لمحطات الطاقة بالعمل بأقصى طاقتها وعدم الامتثال لحدود التلوث. ويمكن لوزير الطاقة اللجوء إلى القانون أثناء الحرب أو عندما يؤدي الارتفاع المفاجئ في الطلب أو نقص الكهرباء إلى خلق حالة طوارئ.
كما أفاد بأن هذا الحكم لم يُستخدم إلا نادراً منذ الحرب العالمية الثانية، وكان مخصصاً في الغالب للمواقف التي طغت فيها الظروف الجوية القاسية على محطات الطاقة.
سيناريوهات متوقعة
من جانبها، قالت خبيرة النفط والغاز في منطقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لوري هايتايان، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن:
- ترامب (كما هو متوقع) سوف يسعى إلى دعم الشركات وتشجيعها على الاستثمار في قطاع النفط والغاز، بهدف زيادة الإنتاج في القطاع.
- الرئيس ترامب من المتوقع أن يتبع السياسات ذاتها التي اتبعها خلال ولايته الأولى، حيث سعى حينها إلى استعمال نفوذه السياسي تجاه الحكومات والبلدان لشراء النفط وخاصة الغاز من الولايات المتحدة الأميركية.
- ستتجه سياسات ترامب إلى دفع الولايات المتحدة الأميركية نحو إنتاج المعادن التي تحتاجها، وتجعلها منافساً للصين في هذا المجال، من خلال الاستثمارات داخل البلاد أو حتى خارجها.
- ترامب سوف يبذل كل جهده ويسعى إلى منح الولايات المتحدة الأميركية قوة استراتيجية في هذا السياق حتى تصبح من أوائل الدول المنتجة للمعادن، وهو ما يدفعه للسعي للسيطرة على جزيرة "غرينلاند"، ما يساعده على دعم الإنتاج والصناعة المحلية الأميركية، ويصعد الصناعات الأميركية.
وتضيف: من المتوقع أن يكون هناك صراعاً بين إدارة ترامب والصين، خاصة وأن الرئيس الأميركي يهدف إلى أن تنافس بلاده بكين، خاصة بالطاقات المتجددة والمعادن التي تجعل الصناعات المحلية بالمقدمة، لا سيما وأن ترامب همه وشغله الشاغل دائماً هو إعادة الصناعات الوطنية للمنافسة.
كما أن ترامب سوف يستخدم دعم شركات إنتاج النفط والغاز وزيادة إنتاجها كورقة سياسية رابحة للضغط على أوروبا وبعض البلدان الآسيوية.
سلطات ترامب
وفي السياق، نقل تقرير للإذاعة الوطنية العامة، عن مسؤول في إدارة ترامب تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، قوله إن "حالة الطوارئ الوطنية للطاقة ستفتح مجموعة متنوعة من السلطات المختلفة التي ستمكن أمتنا من البناء بسرعة مرة أخرى، وإنتاج الفحم والموارد الطبيعية، وخلق فرص العمل، وخلق الرخاء، وتعزيز الأمن القومي لأمتنا".
وإعلان حالة الطوارئ الوطنية يمنح الرئيس بعض السلطات التنفيذية الإضافية. ووفقاً لمركز برينان، الذي أجرى أبحاثاً حول سلطات الطوارئ، فإن القوانين تمنح الرئيس سلطة تعليق بعض اللوائح البيئية أو فرض قيود على صادرات النفط الخام.
وألقى مركز برينان وE&E News نظرة على الاستخدامات التاريخية لهذه الصلاحيات . لم يعلن أي رئيس على الإطلاق "حالة طوارئ وطنية للطاقة"، ولكن تم الإعلان عن "حالات طوارئ الطاقة" الإقليمية في السبعينيات، عندما كان هناك نقص في الوقود الأحفوري. وقد أعطى الرئيس جيمي كارتر آنذاك حكام الولايات سلطة تعليق بعض اللوائح البيئية نتيجة لذلك، لكنه حثهم على "التصرف بعناية واجبة" بسبب العواقب على الصحة العامة، وتعليق بعض القواعد فقط "كملاذ أخير".
زيادة الإنتاج وأسعار الطاقة العالمية
وكان ترامب، في أغسطس الماضي، قد قال لأنصاره في تجمع حاشد في بوتيرفيل بولاية ميشيغان: "لتحقيق هذا الخفض السريع في تكاليف الطاقة، سأعلن حالة الطوارئ الوطنية للسماح لنا بزيادة إنتاج الطاقة وتوليدها وإمداداتها بشكل كبير". وأفاد بأنه ابتداءً من اليوم الأول "سأوافق على حفر آبار جديدة، وخطوط أنابيب جديدة، ومصافي جديدة، ومحطات طاقة جديدة، ومفاعلات جديدة، وسنعمل على خفض البيروقراطية".
وكرر في 22 ديسمبر نيته "إعلان حالة الطوارئ الوطنية للطاقة" في اليوم الأول من إدارته. وتعهد بإصدار سلسلة من الأوامر التنفيذية لعكس سياسات إدارة بايدن بشأن صادرات الغاز الطبيعي والحفر ومعايير الانبعاثات.
ويخطط ترامب لإنشاء مجلس وطني للطاقة بقيادة حاكم ولاية داكوتا الشمالية دوج بورجوم، الذي اختاره لقيادة وزارة الداخلية. وقال بورجوم خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ بشأن ترشيحه الأسبوع الماضي إنه يتوقع إنشاء المجلس من خلال أمر تنفيذي.
تقول أستاذة الاقتصاد والطاقة بالقاهرة، الدكتورة وفاء علي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن المشهد تحول بعد تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بتحول الوعود الانتخابية إلى تعهدات، خاصة فى مجال الطاقة، موضحة في الوقت نفسه أن:
- هناك منهجية جديدة بإعلان حالة الطوارئ بسياسة (احفر) وإعلان زيادة التصاريح لشركات الاستكشاف والتنقيب ومد خطوط أنابيب وبناء مصافي جديدة للنفط ومحطات توليد الطاقة، وفي خطوة غير مسبوقة إلغاء قرارات الرئيس السابق بايدن المتعلقة بصادرات الغاز الطبيعي ومعايير الانبعاثات الكربونية والاحتباس الحراري.
- الرئيس ترامب أعلن أنه يخطط لإنشاء مجلس وطنى للطاقة بقيادة حاكم ولاية داكوتا، دوغ بورغوم.
وفيما يخص تأثير سياسات ترامب وزيادة الإنتاج على أسعار الطاقة عالمياً، ترى أن الأمر يتوقف على المُنتجين، موضحة أن استجابتهم تكون حسب الأسعار، معتبرة أنه "سيكون هناك تفاؤل حذر من المنتجين".
وتضيف: "لا ننسى السياسات الحمائية وتأثيرها على النمو الاقتصادي"، مرجحة أن تسارع الأسواق للتعامل مع المخاطر. كما تشير في الوقت نفسه إلى أن أميركا أنتجت العام الماضي أكثر من 13 مليون برميل يومياً، ومع احتمالية فرض عقوبات أميركية جديدة في قطاع الطاقة هناك سؤال عالق هل تتغير خارطة الإمدادات، الأمر الذي من المحتمل أن يترتب عليه ارتفاع الأسعار .