لم يكد يمر الأسبوع الأول من الموسم التلفزيوني الرمضاني الذي يكتظ بعشرات المسلسلات، حتى تصدر المسلسل المصري (الحشاشين) للمؤلف عبد الرحيم كمال محركات البحث في مصر وأثيرت النقاشات حوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن أصل وتاريخ ونشأة هذه الطائفة التي أرعبت العالم لعقود قديما.
من هم الحشاشين؟
يتتبع المسلسل الذي تدور أحداثه في 30 حلقة سيرة حسن الصباح الذي ولد في القرن الحادي عشر وأسس طائفة دينية متشددة عرفت تاريخيا باسم "الحشاشين"، اتخذت من قلعة آلموت الجبلية في إيران معقلا، ومن اغتيال معارضيها منهجا.
وقال الناقد الفني وخبير الإعلام الرقمي محمد عبد الرحمن لرويترز: "الاهتمام بمسلسل (الحشاشين) بدأ قبل عرضه نظرا لغرابة الاسم ودلالته في مصر وصناع العمل أنفسهم وفي مقدمتهم النجم كريم عبد العزيز، لكن مع بداية عرض المقاطع الترويجية قبل رمضان تصاعد هذا الاهتمام وبدأ الإعلام في دخول الدائرة من خلال المقالات التي أطلقها بعض المؤرخين والفيديوهات التي صورها صناع المحتوى على منصات التواصل الاجتماعي".
وأضاف: "بعض المسلسلات التاريخية أثارت مثل هذا الحراك الإلكتروني مثل مسلسل الإمام الشافعي العام الماضي الذي قدمه الممثل خالد النبوي لكن مسلسل الحشاشين شهد تفاعلا ملحوظا نظرا لطبيعة الطائفة وتاريخها وطريقة التناول الدرامي للموضوع وعناصر أخرى كثيرة".
ويعد المسلسل الذي استغرق تصويره والإعداد له نحو العامين هو الأضخم تكلفة في المسلسلات المصرية خلال شهر رمضان هذا العام إذ تقدر تكلفة إنتاجه بمئات الملايين من الجنيهات واشترك فيه عدد من النجوم العرب من مصر وسوريا ولبنان.
وقالت سمية أحمد الباحثة في الفلكلور الشعبي إن العمل مبذول فيه جهد كبير على مستوى الملابس والديكورات والبحث التاريخي لكن في المقابل يبذل المشاهد جهدا مماثلا في متابعة وتحري كل هذه العناصر.
وقالت لرويترز: "مع تطور الأحداث وبعد إذاعة كل حلقة جديدة تنشط حركة البحث حتى أصبح اسم المسلسل يتصدر كلمات البحث المفتاحية في مختلف المنصات وبدأت المقارنات بين ما تذكره الكتب والمراجع التاريخية وما يعرض على الشاشة، وهو كله جهد يحسب لصناع العمل".
جدل بشأن اللهجة
لكن حالة الاهتمام الكبير بالمسلسل والبحث عن حقيقة شخصياته وإسقاط بعض أحداثه على الواقع المعاش تبعتها نقاشات موسعة كانت ساحتها منصات التواصل الاجتماعي. وبرغم ما أثار المسلسل من جدل سواء على مستوى تصميم الملابس والديكور أو مطابقة الأحداث لما تذكره المراجع أو استخدام اللهجة العامية المصرية بدلا من الفصحى في الحوار كانت النقطة الأكثر إيجابيه من وجهة نظر عدد من النقاد هي التفاعل الواسع في حد ذاته خاصة من الفئات العمرية حديثة السن.
وقال جورج أنسي الصحفي بمجلة (صباح الخير) "حالة الجدل التي أثارها، حتى الآن، مسلسل (الحشاشين) في الشارع المصري والعربي تعلن بما لا يدع مجالا للشك وجود فوائد أخرى للدراما التاريخية".
وأضاف: "نجد أن هذا العمل فجر داخل عدد لا بأس به من المتابعين الرغبة في البحث عن حقيقة هذه الطائفة التي ذاع صيتها قبل أكثر من ألف عام".
وأكد أُنسي أن "أحد أهم وظائف الدراما التاريخية، خاصة، والفن والثقافة بصفة عامة، هي إثارة الأسئلة وفتح باب الحوار المجتمعي، ومن ثم تشكيل الوعي العميق وسؤال المتخصصين وبذل الجهد للوصول إلى قناة أو رؤية ذاتية حول الكثير من أمور تاريخنا".
لكن بعض الانتقادات الموجهة للمسلسل استدعت تدخل مخرجه بيتر ميمي الذي كتب على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك السبت تدوينة فند فيها بعض هذه الانتقادات وأثنى في الوقت ذاته على حالة النقاش المجتمعي الدائرة.
وقال ميمي: "مبدأيا المسلسل من وحي التاريخ وده مكتوب نصا في التترات يعني مش وثيقة تاريخية لكنه دراما تاريخية".
وأضاف: "سعيد إن المسلسل خلاكم تقروا وتسألوا.. وشوية شوية هتفهموا المسلسل.. صحصحوا معانا كده يا شباب خلونا نعمل شكل جديد.. وتبقى بداية ومع الوقت يتعمل أفضل وأكبر وأحسن من اللي نحن عاملينه.. ومع الوقت ننافس".
أشعار عمر الخيام
الأسئلة والبحث عن مسلسل (الحشاشين) عبر محركات البحث لم يقتصر على أصل طائفة الحشاشين وزعيمها حسن الصباح، لكنه امتد إلى شخصيات تاريخية أخرى ظهرت تباعا في الحلقات أمثال الشاعر والفيلسوف وعالم الفلك الفارسي عمر الخيام والإمام حامد الغزالي والوزير الفاطمي بدر الدين الجمالي.
وقال أحمد عصمت استشاري تكنولوجيا الإعلام والتحول الرقمي إن المسلسل وشخصياته أثاروا حالة واسعة من النقاش والبحث ليس في مصر فحسب بل في منطقة الخليج أيضا.
وأضاف لرويترز: "هناك شخصيات شهيرة قدمها المسلسل بشكل مخالف للصورة التي اعتادها الناس مثل شخصية عمر الخيام التي قدمت في أعمال سابقة واستقرت ضمن قالب محدود، لكني أتوقع أن تكشف الحلقات المقبلة عن جوانب أخرى من شخصيته الثرية".