يواجه سكان مدينة ميناكا في الولاية التي تحمل نفس الاسم بإقليم أزواد، شمال شرق مالي، خطر المجاعة تحت وطأة حصار خانق فرضه عليهم تنظيم داعش وجماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، من كل الاتجاهات.
وتقع ولاية ميانكا على الحدود مع النيجر وبوركينا فاسو، ويستهدفها "داعش" منذ شهور، لموقعها الاستراتيجي والمهم في عمليات الاختباء والتهريب، وبهدف تحويلها إلى "إمارة إسلامية".
وحسب عمدة بلدية ميناكا، نانو كوتيا، الذي تواصل معه موقع "سكاي نيوز عربية" باتصال هاتفي، فإن "الحالة في المدينة كارثية"، عارضا بعض المؤشرات على ذلك:
- الأسعار مرتفعة بشكل خيالي.
- السكان معدمون، ليس لديهم أي شيء، خاصة بعد نهب وسلب جميع ممتلكاتهم منذ سنتين، ولم يتبقَّ في أيديهم سوى القليل الذي يصل من المساعدات الإنسانية، وحتى هذه توقفت بعد الحصار المفروض منذ شهر.
- لا شيء يدخل ميناكا من جميع الاتجاهات، سواء في النيجر أو الجزائر أو محاور كيدال وغاو؛ فكل المداخل تحت الحصار.
- بعض السكان لجؤوا إلى الجزائر والنيجر.
المدينة "تأكل نفسها"
حسب تصريح للمتحدث باسم حركة "إنقاذ أزواد" المسيطرة على المدينة، إلياس سوغيدي، لـ"سكاي نيوز عربية"، فإن "الوضع حرج للغاية، والمدينة على وشك أن تأكل نفسها من شدة المجاعة، فالأسعار وصلت إلى أعلى مستوى في تاريخها".
ودعا إلياس المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي للتدخل العاجل، مشيرا إلى أنه يوجد 50 ألف نازح من مختلف مناطق ميانكا.
ويقول أحمد الأنصاري، شاب من سكان المدينة، إن "دراجته البخارية متوقفة منذ أيام بسبب الارتفاع الملحوظ في سعر البنزين والذي وصل إلى 10 دولارات للتر الواحد"، مضيفا أن "العيش في المدينة أصبح لا يطاق".
ويشير أحد السكان، الذي توصلنا إليه بعد عدة محاولات، إلى أن "مدينة ميناكا أصبحت بين مطرقة شبح المجاعة وسندان الجماعات الإرهابية التي تواصل شن هجماتها للسيطرة عليها".
وعن أوضاع السكان يقول: "نعيش أزمة مجاعة راح ضحيتها العديد من الأشخاص في غضون شهر في مخيمات اللجوء داخل المدينة المحاصرة على يد داعش وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، ويواجه آلاف النازحين صراعا يوميا مع الجوع، وانتشرت الأمراض دون استجابة من المنظمات الإنسانية والطبية، ولا حتى من الحكومة، رغم أن السكان في كل مناسبة يعلنون دعمهم اللامحدود للسلطات المالية".
ورغم ذلك، وجَّه نداء جاء فيه: "نناشد جميع المسؤولين في الدولة والجماعات المسلحة والمنظمات غير الحكومية، التضامن في مواجهة هذه المأساة، ومد يد العون لنا حيث إن حياة الآلاف معرّضة للخطر".
في 4 فبراير، دقّت عدة منظمات معنية بالعمل الإغاثي ناقوس الخطر، خاصة أنه حتى الأدوية يتراجع مخزونها في الصيدليات.
يشير السكان المحليون إلى ندرة الوقود، حيث ارتفع سعره إلى 10 دولارات للتر الواحد، كما ارتفع سعر الأرز بأكثر من ضعفين ووصل سعر كيس وزن 50 كغ إلى 100 دولار.
أهمية ميانكا لداعش
يذكر أن ولاية ميناكا تتعرض منذ مارس 2022 لهجمات من "داعش" ضد السكان، شملت كل الدوائر الأربعة للولاية، وأسفرت حتى الآن عن سيطرة التنظيم على جميع الدوائر، وقتل نحو 2000 من السكان، ونزوح عشرات الآلاف إلى المدن الكبيرة في أزواد والدول الجوار.
وحسب مصادر من مالي تحدّثت لموقعنا في تقارير سابقة، فإن ميانكا يستهدفها "داعش" لوقوعها على المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ما يجعلها من أبرز نقاط تهريب المسلحين والسلاح والمخدرات والوقود والمهاجرين، وهي أنشطة تغدق على التنظيم أموالا ضخمة، كما أن المنطقة غنية بالنفط والغاز.
كما يوفّر هذا الموقع للتنظيمات الإرهابية القدرة على الهروب السريع في حال مطاردتها من القوات الحكومية أو تنظيمات مسلحة منافسة، وكذلك يتم فيها الانطلاق لتنفيذ عمليات إرهابية وإجرامية على حدود الدول المجاورة.