الولايات المتحدة تشرعن وجود الميليشيات في المنطقة، هذا ما يراه مراقبون لتطور الأحداث في المنطقة وللسياسات التي تتبعها واشنطن مع الملفات الإقليمية.
فخلال اليومين الماضيين أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، على ضرورة أن توافق حماس الداخل على أي اتفاق للتهدئة بعيدا عن السلطة، وهو ما برز في قرار مجلس الأمن الذي اعتبرته قيادات في حركة فتح في تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية" بأنه تكريس للانقسام وتهميشهم لمنظمة التحرير والاعتراف بحماس كلاعب رئيسي.
ويقول في هذا الخصوص، الكاتب الصحفي محمد أبو الفضل، خلال حديثة لغرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية"، أن الولايات المتحدة وبعض الدول الكبرى، أو بعض القوى الصغيرة في المنطقة، تسعى إلى الاستثمار في جماعات وميليشيات متعددة. سواء كانت هذه الجماعات تتمتع بشرعية قانونية في مقاومة الاحتلال أو تفتقر لها وتسعى لاكتسابها عبر التفاعل مع بعض القضايا الإقليمية.
- لقد منحت الحرب على غزة مزيداً من المشروعية السياسية لبعض القوى والجماعات في المنطقة.
- إن دخول بعض القوى مباشرةً إلى هذا الصراع أكسبها قدراً ملموساً من الشرعية لدى الجمهور السياسي والشعبي.
- لم تتمكن الجهات المعارضة للحوثيين وللجماعات والميليشيات في العراق، وكذلك لحركة حماس وحزب الله، من التعبير عن مواقفها بشكل صريح وواضح خلال مجريات هذه الحرب.
- وفرت الحرب مبررات وتفسيرات لتدخل بعض القوى في هذه القضية الحاسمة. إن الولايات المتحدة، من خلال اتصالاتها المعلنة وغير المعلنة مع بعض الجماعات، قد أسهمت في تعزيز مشروعية تلك الجماعات بشكل كبير.
- الولايات المتحدة أسهمت بشكل كبير في شرعنة وتقوية هذه المليشيات خلال السنوات الماضية بدلا من لجمها.
- تُشير تقارير ومعلومات أميركية وغربية إلى وجود علاقات واتصالات خفية بين الولايات المتحدة وجماعات متشددة ومتطرفة في كل من سوريا وأفغانستان ودول أخرى.
- إذا كانت الولايات المتحدة تسعى لتحقيق تهدئة أو التوصل إلى وقف إطلاق النار، فإنه من الضروري أن تمارس نفس الضغوط على إسرائيل.
- التصريح الأميركي لا يعني التسليم المطلق بأن إسرائيل ملزمة بتنفيذ جميع التعليمات الأميركية، فقد سبق لإسرائيل أن تجاهلت تصريحات ومبادرات وتحركات أميركية متعددة.
- من الممكن القول بأن حركة حماس قد لا تظل اللاعب الرئيسي في غزة بعد انتهاء هذه الحرب. وهو من الأمور المُسلّم بها حالياً والتي بدأت تفرضها العديد من القوى الإقليمية والدولية.
- إذا رغبت حركة حماس في أن تبقى جزءاً من الشعب الفلسطيني وأن تكون جزءاً من الحل ضمن إطار مظلة منظمة التحرير، فعليها إعادة تقييم دورها ومكانتها.
- السلطة الفلسطينية تواجه تحديات وأزمات متعددة. ومع ذلك، تظل الكيان الوحيد المعترف به دوليًا في هذه المرحلة.
- لا يمكن تحقيق حلول سلمية للقضية الفلسطينية، إلا ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية وليس تحت مظلة حركة حماس.
- لن تبقى غزة على حالها بعد الحرب، إذ ستتكسر قبضة حماس المطلقة، ليس فقط نتيجة الضغوط الخارجية، بل أيضاً بسبب التحول في الرأي العام الفلسطيني ضد الحركة إثر المآسي الحالية التي يشهدها كل من قطاع غزة والضفة الغربية.
يؤكد الخبير الاستراتيجي الديمقراطي، إليس هينيكان، أن منح واشنطن الشرعية لهذه الميليشيات المتنوعة في المنطقة يأتي استجابةً للحاجة الملحة لتحقيق السلام الإقليمي.
- في ظل الضغوط الكبيرة التي تشهدها المنطقة والعالم، يعتبر التعامل مع هذه الميليشيات بهذا الشكل الطريقة الأنسب رغم معرفة خطورة تواجدهم. لكن الظروف قد تفرض التعامل معهم وفقًا لواقعهم الحالي.
- من الضروري جدًا التوصل إلى حل وسط لتحقيق السلام ووقف النزاعات وأعمال الحرب في المنطقة.
- على الرغم من جسامة الوضع في أفغانستان، فإن التحديات الراهنة في منطقة الشرق الأوسط تفرض علينا مسؤوليات أكبر تتجاوز العودة إلى تاريخ حرب أفغانستان، يتعين علينا الآن العمل على وضع السلاح جانبًا وإقامة هدنة لوقف ما يحدث من قتل للأطفال.
- لا يتوقع تحقيق سلام دائم على المدى الطويل أو التوصل إلى حل الدولتين ما لم تتغير القيادات الحالية في كلا الجانبين بشكل جذري.
- الهدف الأسمى الذي تسعى إليه الولايات المتحدة يتماشى مع تطلعات العالم العربي، هو تحقيق حل الدولتين. حيث يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون في سلام واستقرار، مما يضمن التعايش الإنساني بينهما وبقية القضايا الأخرى تصبح ثانوية أمام هذا الهدف الجوهري.
ومن جهته يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل الدكتور عماد البشتاوي، لغرفة الأخبار أنه لا يمكن فهم السياسة الأمريكية تجاه الحركات الإسلامية المسلحة حالياً دون الرجوع قليلاً إلى جذور مفهوم السياسة الأميركية تجاه الإسلام السياسي، وتحديداً بعد الحرب العالمية الثانية.
- اعتمدت الولايات المتحدة رسمياً على دعم الإسلام السياسي في المنطقة لمواجهة الخطر الشيوعي أولاً، ومن ثم الخطر القومي العربي بقيادة جمال عبد الناصر.
- الأنظمة العربية المرتبطة رسمياً بالولايات المتحدة كانت توفر لحركة الإخوان حيّزاً من الأريحية والاستقرار.
- كانت الجماعة تواصل حياتها بشكل طبيعي، رغم الاعتقالات المتكررة التي استهدفت الأحزاب اليسارية والقومية في المنطقة العربية خلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي في الأردن، إضافة إلى اعتقالات جماعة الإخوان في مصر خلال عهد الرئيس السادات في السبعينات، وهي الفترة التي شهدت ازدهار حركة الإخوان.
- قدمت الولايات المتحدة دعمها للمجاهدين في أفغانستان ضد الاتحاد السوفيتي في فترة الثمانينات. ومع ذلك، لم تنجح الجهود الأميركية لاحقاً في القضاء على تنظيم القاعدة أو طالبان بعد الانسحاب السوفيتي، مما أدى إلى احتلالها لأفغانستان لمدة عشرين عاماً تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.
- لا تتعلق المسألة بمنح الشرعية لحركة حماس أو بدورها خلال الانتفاضة الأولى. بل يكمن التركيز الأساسي على التوافق التام بين الولايات المتحدة وإسرائيل فيما يخص فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة.
- الاستراتيجية الأميركية تجاه قطاع غزة وحركة حماس تشبه في جوانبها ما جرى مع حركة طالبان. فبعد أن تعرضت طالبان للضربات العسكرية، أصبحت مؤهلة لتولى الحكم كحزب سياسي يمكن إخضاعه تحت ذريعة إعادة الإعمار وضخ الأموال مجددًا، على هذا الأساس تتعامل الولايات المتحدة في قطاع غزة.