أثارت دعوة البيان الختامي للقمة العربية التي احتضنتها المنامة يوم الخميس، لنشر قوات حفظ سلام أممية في الأراضي الفلسطينية، تساؤلات بشأن كيفية إنجاز هذه الخطوة في خضم تصاعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني على وقع الحرب المتواصلة في قطاع غزة، وكيفية تطبيقها بما يساعد في تنفيذ حل الدولتين.
ونص "إعلان المنامة" على الدعوة لنشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية إلى حين تنفيذ حل الدولتين، جنبًا إلى جنب مع دعوة المجتمع الدولي إلى القيام بمسؤولياته لمتابعة جهود دفع عملية السلام وصولا الى تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من يونيو 1967 لـ"تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل وفق قرارات الشرعية الدولية والمرجعيات المعتمدة بما فيها مبادرة السلام العربية".
ويعتقد محللون عسكريون ومراقبون في حديثهم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن قوة حفظ السلام الأممية "تعد حلًا مثالياً" ضمن خطوة لاحقة لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكنها تحتاج إلى عدد من الشروط والإجراءات الواجبة على رأسها موافقة مجلس الأمن الدولي، وكذلك قبول الأطراف المعنية بهذا الصراع.
ضرورة لتوفير الأمن
من واشنطن، قال نائب وزير الدفاع الأميركي لشؤن الشرق الأوسط سابقاً مارك كيميت في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مهمة في مثل هذه النزاعات، على غرار الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وأضاف كيميت الذي شغل أيضا منصب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية والعسكرية سابقًا، أنه "يجب أن تكون هناك قوة حفظ سلام انتقالية في فلسطين بعد وقف الأعمال العدائية لتوفير الأمن والاستقرار المؤقت".
وأشار إلى أن تلك القوة الأممية ستساهم لاحقًا في تسليم تلك المسؤوليات الأمنية إلى السلطات المحلية، بعد استقرار الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
شروط واجبة
واتفق الخبير العسكري والاستراتيجي محمود محيي الدين، مع حديث كيميت، لكنه أكد أن تطبيق هذه الدعوة يتطلب الرجوع إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار بتشكيل تلك القوة الأممية.
وبيّن محيي الدين في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "ينبغي إخطار الدول الأعضاء في مجلس الأمن بتلك الخطوة والهدف منها لحشد تأييدها، وبالتالي في حال إقناعها بالموافقة على صدور القرار من المجلس، سيجري تشكيل تلك القوة برئاسة الأمم المتحدة وبعضوية عدد من الدول الدولية والإقليمية، على أن يتم احترام وجود هذه القوات على الأراضي الفلسطينية لضمان عدم وجود خروقات أمنية".
وهذا ما ذهب إليه نائب المتحدث باسم المنظمة الدولية فرحان حق، الذي ربط دعوة القمة العربية لنشر قوات حفظ سلام بموافقة مجلس الأمن الدولي.
وقال حق: "في نهاية المطاف، يعتمد تشكيل بعثات حفظ السلام على أمور عدة. إحداها تفويض من مجلس الأمن؛ وبطبيعة الحال، سيتعين على المجلس أن يوافق على ذلك"، مضيفًا أنه يجب أن تكون هناك شروط على الأرض، بما في ذلك قبول الأطراف لوجود قوات الأمم المتحدة، وهذا أيضا أمر يجب ترسيخه، وهذه ليست أشياء نعتبرها أمرا مفروغا منه".
وعاد محيي الدين للتأكيد على أنه لضمان القبول الدولي للفكرة العربية "فإن الأمر يتطلب من رئاسة جامعة الدول العربية بذل مجهود كبير لإعادة طرح القضية على مجلس الأمن الدولي وإقناع الدول الخمس دائمة العضوية لعدم استخدام حق الفيتو".
حل مثالي
وشدد على أن "قوة حفظ السلام الأممية ستنجح في وقف أي تجاوزات أو خروقات"، معتبرًا إياها "الحل الأمثل" حتى تنفيذ حل الدولتين الذي تنادي به الكثير من الأطراف الدولية والإقليمية، ويتفق مع الرؤية العربية لحل الصراع، خاصة أن هذا المقترح سيتضمن الحفاظ على الأمن والاستقرار بين الجانبين بما يمكن كافة الأطراف من السعي لتنفيذ الحلول السياسية المقترحة بعيدًا عن "لغة البندقية".
لكنه شدد في الوقت ذاته على أن "أي مساس بهذه القوة، ستواجه بدعوة من مجلس الأمن للتصدي لتلك الانتهاكات".
أميركياً؛ قوبلت الدعوة العربية بعدم تجاوب من إدارة الرئيس جو بايدن، إذ اعتبرت أن المقترح يمكن أن يضر بجهود إسرائيل لهزيمة حركة حماس، لكن لم تذهب إلى حد معارضته.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة فيدانت باتيل: إنّ "إضافة مزيد من القوات الأمنية قد يعرّض هذه المهمة للخطر"، لكنه أشار إلى أن إرسال قوة قد يكون مقبولا أكثر بمجرد التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
عمليات حفظ السلام الحالية
- بحسب موقع عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام، فهناك هناك حاليا 11 عملية حفظ سلام منتشرة حول العالم، تشمل:
- يونتسو: تأسست في مايو 1948، وهي أول بعثة عمليات حفظ سلام على الإطلاق تأسست بواسطة الأمم المتحدة، ومنذ ذلك الحين استمر تواجد المراقبين العسكريين للبعثة في الشرق الأوسط لمراقبة وقف إطلاق النار، والإشراف على اتفاقيات الهدنة، ويقع مقرها الرئيسي في القدس.
- يونفيسيب: قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في قبرص التي تأسست عام 1964 لمنع المزيد من الحرب بين المجتمعين القبرصي اليوناني والقبرصي التركي.
- يوندوف: أنشئت في مايو 1974، عندما ازدادت حالة عدم الاستقرار في إسرائيل وسوريا، وتختص بمتابعة إتفاقية فض الاشتباك بين القوات الاسرائيلية والسورية في الجولان.
- يونيفيل: تأسسست القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان بواسطة مجلس الأمن في 1978 للتأكيد على إنسحاب اسرائيل من لبنان، واستعادة الأمن والسلام الدوليين ومساعدة الحكومة اللبنانية على إستعادة سلطتها الفعالة في المنطقة، وجرى تعديل المهمة مرتين نتيجة التطورات في عام 1982 و2000.
- مينورسو: بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية تأسست بقرار مجلس الأمن في 1991 تماشيا مع مقترحات التسوية المقبولة بواسطة المغرب وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) .
- يونميس: وأنشأ بعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان لدعم السلام والأمن وللمساعدة في وضع شروط للتنمية، ويقع مقرها الرئيسي في جوبا.
- يونيسفا: أسست مهمة القوة الأمنية المؤقتة في أبيي بعد اتفاقية أديس أبابا بين حكومة السودان وحركة تحرير شعب السودان، والتي بموجبها تم تجريد منطقة أبيي من السلاح والسماح للقوات الأثيوبية بمراقبة المنطقة.
- مينوسكا: فُوِضَت بحماية المدنيين ودعم العملية الانتقالية في جمهورية أفريقيا الوسطى، وتأسست في العام 2014، ويقع مقرها الرئيسي في "بانغي".
- مونوسكو: بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي تأسست عام 2010، ويقع مقرها في "كينشاسا".
- يونموغيب: فريق مراقبي الأمم المتحدة العسكريين في الهند وباكستان، تأسست عام 1949، ويقع مقرها في إسلام أباد.
- * يونميك: بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة في كوسوفو، تأسست في العام 1999، ويقع مقرها في بريشتينا.