في خطوة تحمل دلالات سياسية وعسكرية، أعلنت هيئة تحرير الشام عن تشكيل هيئة حكم انتقالية في مدينة حلب، ما يثير تساؤلات بشأن نوايا التنظيم في إعادة تشكيل المشهد السوري.
"سكاي نيوز عربية"، ناقشت مع الخبير في شؤون الجماعات المتشددة، ماهر فرغلي، أبعاد هذا الإعلان وتأثيره على الأوضاع في شمال سوريا، حيث يرى فرغلي، أن هيئة تحرير الشام، بقيادة أبو محمد الجولاني، "تحاول تقديم نفسها بصورة مختلفة تمامًا عن صورتها التقليدية".
وأوضح خلال مداخلته أن الهيئة تسعى لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، حيث قال: "الجولاني يريد أن يظهر كشخص براغماتي ومتحول، وأن يقدم مشروعه على غرار نموذج حركة طالبان، ليحظى بقبول دولي وشعبي".
وأشار فرغلي إلى أن هذا الإعلان ليس الأول من نوعه، إذ سبق للجولاني أن أنشأ حكومة إنقاذ في إدلب، لكنه فشل في اكتساب اعتراف دولي.
وأضاف: "الجولاني ظهر مؤخرًا بصورة جديدة تمامًا، دون غطاء الرأس، في إشارة واضحة لتغيير الشكل والمضمون في التعامل مع القضايا المحلية والدولية."
دعم تركي وترتيبات دولية
يربط فرغلي الخطوة بدعم إقليمي واضح، قائلًا: "هيئة تحرير الشام تعتمد بشكل كبير على الدعم التركي، الذي أتاح لها الحصول على أسلحة وتدريب عسكري متقدم. الحديث عن طائرات مسيرة تركية، مثل طائرات كتيبة شهين الانتحارية، يعزز هذا السيناريو".
كما أشار إلى أن هذا التحرك يعكس تنسيقًا دوليًا معقدًا، حيث قال: "هناك إشارات واضحة إلى أن الولايات المتحدة وتركيا تعملان على إعادة ترتيب الأوضاع في سوريا بما يخدم مصالحهما، ما يُظهر أن الهيئة ليست فاعلًا مستقلًا، بل جزء من لعبة إقليمية ودولية".
محاولة طمأنة السكان
في محاولة لتهدئة المخاوف، أصدرت الهيئة بيانًا طمأنت فيه الأقليات في المناطق التي تسيطر عليها، بما في ذلك حلب.
ومع ذلك، يعتقد فرغلي أن هذه التصريحات تتناقض مع تاريخ الهيئة، الذي يتسم بانتهاكات واسعة النطاق.
وأكد: "الجولاني يحاول أن يُطمئن السكان، لكن تاريخ الهيئة عندما كانت جبهة النصرة لا يمكن محوه بسهولة."
الأهداف الاستراتيجية وأبعاد التحرك
بحسب فرغلي، فإن الهدف الرئيسي لهذه الخطوة هو تكريس سلطة الهيئة في المناطق التي تسيطر عليها، مع السعي لتوسيع نطاق نفوذها.
لكنه يرى أن نجاح هذا المشروع يبقى رهنًا بالتغيرات على الساحة الدولية والإقليمية، مشيرًا إلى أن: "الهيئة تحاول استغلال الفجوات السياسية، لكنها تواجه صعوبة في كسب تأييد شعبي واسع بسبب سجلها السابق".
مستقبل حلب في ظل الهيمنة المسلحة
يختم فرغلي بالقول إن الوضع في حلب يمثل نموذجًا للصراع على السلطة في سوريا. وأكد: "المشهد السوري يعكس تقاطعات معقدة بين اللاعبين المحليين والإقليميين والدوليين... تقسيم سوريا إلى كيانات صغيرة يخدم أجندات دولية، لكنه يهدد وحدة الشعب والدولة السورية".
مستقبل غامض لسوريا
اختتم النقاش بالحديث عن التداعيات المحتملة لهذه التحركات على مستقبل سوريا، وأكد فرغلي على أهمية دعم وحدة الدولة السورية وتجنب الوقوع في سيناريوهات التقسيم التي قد تضعف المنطقة بأكملها.
ودعا إلى العمل على تسوية سياسية شاملة تمنع تنظيمات مثل هيئة تحرير الشام من الاستفادة من الفوضى لفرض أجنداتها.