انتهت الاحتفالات السورية بسقوط بشار الأسد وطي صفحة عائلته، وبدأ التفكير في اليوم التالي، خاصة وأن أكبر سؤال يطرح الآن: من هؤلاء الذين سيطروا على سوريا؟ وماذا يريدون حقا؟
ويتخوف مراقبون من أن تتبدد فرحة السوريين بأن تدخل "سوريا ما بعد الأسد" في خطر قيادتها من طرف ميليشيات خارجة عن السيطرة.
وحتى الآن، باشرت التركيبة الحاكمة الجديدة بإرسال رسائل إيجابية، في أول تحرك دبلوماسي بعد سيطرتها على دمشق.
وعقدت الإدارة السياسية التابعة لهيئة تحرير الشام اجتماعا مع مجموعة من السفراء العرب وسفير إيطاليا.
وقالت إدارة الشؤون السياسية إن الاجتماع كان إيجابيا وإن السفراء وعدوا بتنسيق عالي المستوى مع الحكومة الجديدة في سوريا.
وفي سياق الحديث عن تحركات التركيبة الجديدة، يواصل المجتمع الدولي دعواته لتحقيق انتقال سلمي في سوريا.
ففي آخر المواقف دعت مصر لتبني عملية سياسية شاملة دون إملاءات أو تدخلات خارجية.
وشددت مصر على ضرورة إفساح المجال أمام مشاركة كافة السوريين في رسم المستقبل وإعادة بناء مؤسسات الدولة في سوريا.
المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات أنور قرقاش قال إن الأمل يبقى في قدرة السوريين وإرادتهم على تجاوز تاريخهم المؤلم والحفاظ على وحدة ترابهم، وذلك بدعم من العرب يتكامل مع مشروع مدني معتدل يحترم التنوع ويركز على التنمية والعدالة والمصالحة.
الخارجية الأميركية أكدت بدورها دعمها الكامل للانتقال السياسي بقيادة سورية، مشددة على ضرورة الوصول إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي.
وشددت على ضرورة منع استخدام سوريا كقاعدة للإرهاب أو تهديد جيرانها، وضمان تأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية أو البيولوجية وتدميرها بأمان.
في هذا الصدد، قال الخبير في شؤون الجماعات المتشددة، ماهر فرغلي، في حديثه لقناة "سكاي نيوز عربية"، إن التخوفات الحالية "هي على صعيدين.. هل نحن بدولة شمولية دينية، أم دولة دينية على مقاس الجولاني؟"
وأضاف: "الجولاني هو من سيحرك الدولة والحكومة المدنية هي حكومة إدلب.. هل ستكون فيها نساء؟ هل ستكون مشكلة من طرف طوائف أخرى؟"
وتابع: "المؤشرات الحالية إيجابية لطمأنة السفراء ووزراء الخارجية.. لكن الأهم هو الفترة المقبلة، كيف ستكون هيئة تحرير الشام".
وأوضح فرغلي: "نحن أمام فصائل متنوعة، أي لا وجود لوحدة تنظيمية ولا وحدة فكرية".
وأبرز: "هذه الفصائل تبدو منفتحة الآن، لكن الخلفية تبقى في نهاية المطاف، إسلاموية".
كما أكد الخبير في شؤون الجماعات المتشددة أن "الجولاني انفرد بالقرار وتجاوز كل المعارضين"، مشددا على أن "التنظيمات المؤدلجة لا تتحول إلى سياسية".
وفسّر ذلك بالقول: "تاريخيا، لا يوجد أي تنظيم تخلى عن أفكاره وألقى السلاح بشكل نهائي.. باستثاء بعض الحالات الفردية، التي تكون عبارة عن انشقاقات".
وأضاف: "هل من الممكن أن يصبح حزب الله أو حماس أو هيئة تحرير الشام أحزاب سياسية؟ أنا شخصيا لم أجد ذلك على الإطلاق في التاريخ".