اعتبر خبير متخصص في الجماعات الإسلامية تسليم لبنان عبد الرحمن القرضاوي إلى الأمارات، خطوة مهمة تعكس تحولاً في مواقف بيروت تجاه الحركات الإسلامية الراديكالية.
وأفادت مراسلتنا نقلا عن مصدر وزاري لبناني بأن الحكومة اللبنانية قررت تسليم عبد الرحمن القرضاوي إلى دولة الإمارات.
عبد الرحمن القرضاوي، نجل يوسف القرضاوي الذي يُعتبر من أبرز الشخصيات في جماعة الإخوان المسلمين، تم توقيفه من قبل السلطات اللبنانية أثناء مروره عبر معبر المصنع الحدودي قادماً من سوريا في 29 ديسمبر، بعدما قام ببث رسائل تحريضية ضد الإمارات ومصر خلال تواجده في سوريا.
وتأتي هذه الخطوة من الحكومة اللبنانية كجزء من جهودها لتقليص النفوذ الميليشياوي القديم، كما صرح الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة أحمد بان لسكاي نيوز عربية، مشيراً إلى أن "الدولة اللبنانية تعمل على أن تكون دولة مؤسسية تحترم علاقاتها مع الدول العربية، بعيداً عن التأثير الإيراني".
القرضاوي يواجه عدة تهم تتعلق بنشر مضامين تحريضية وخطابات تهدف لإثارة الفوضى في دول مثل مصر، الإمارات، والسعودية. وأوضح أحمد بان أن "محاكم مصرية أصدرت ثلاثة أحكام قضائية ضد عبد الرحمن القرضاوي بتهمة نشر أخبار كاذبة، إهانة القضاء، والتحريض على العنف".
هذه التهم استندت إلى خطاباته التي تضمنت رسائل تحريضية عبر وسائل إعلام مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى قصائد تضمنت ألفاظاً بذيئة تجاه الدول العربية.
بان أكد أن القضية "ليست محاكمة رأي، بل محاكمة تتعلق بالتحريض المباشر ضد دول ومؤسسات"، مشيراً إلى أن الفرق كبير بين التعبير السلمي عن الرأي والتحريض الذي يهدد استقرار الدول.
من جانبه، يرى المصدر الوزاري اللبناني أن القرار جاء في إطار التزامات لبنان الدولية واحتراما للعلاقات مع الدول العربية، لا سيما الإمارات.
وأكد الباحث بان أن "لبنان يحاول التخفيف من وطأة النفوذ الإقليمي غير العربي وتعزيز علاقاته مع محيطه العربي".
القرضاوي، الذي يحمل الجنسية التركية ويعيش في تركيا، لطالما اتخذ موقفا عدائيا تجاه النظام السوري السابق، ودول عربية أخرى. ووفقاً لأحمد بان، فإن القرضاوي "حاول التفاعل مع احتفالات الشعب السوري بنجاح الثورة ضد نظام بشار الأسد"، وشن هجمات خطابية ضد النظام السوري وخصومه الإقليميين.
القرار اللبناني بتسليم القرضاوي يعكس تحولاً في مواقف بيروت تجاه الحركات الإسلامية الراديكالية. ويُعتبر هذا الإجراء رسالة قوية بأن لبنان يسعى للابتعاد عن التوازنات الداخلية التي طالما أثرت على التزاماته الخارجية.
في ظل التحديات السياسية والاقتصادية التي يواجهها لبنان، يأتي قرار تسليم عبد الرحمن القرضاوي ليُبرز توجهات جديدة في السياسة الخارجية اللبنانية. وكما قال أحمد بان، "لبنان أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرته على العمل كدولة مؤسسية تضع مصلحة شعبها واحترامها للقانون الدولي فوق أي اعتبار آخر".