مع وصول وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى تل أبيب، برز مشهد معقد يجمع بين مفاوضات هشة بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة، ودعم عسكري أميركي متجدد لإسرائيل.

حمل روبيو معه شحنة أسلحة ثقيلة، في خطوة اعتبرها المراقبون مؤشراً على ازدواجية النهج الأميركي الذي يطرح نفسه كوسيط للسلام، بينما يواصل تزويد إسرائيل بأدوات التصعيد.

في هذا السياق، جاء تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مؤتمره الصحفي مع روبيو، والذي توعد فيه بـ"فتح أبواب الجحيم" على غزة إذا لم يتم تحرير جميع الرهائن.

هذه الرسالة حملت دلالات واضحة على أن إسرائيل تضع شروطها الخاصة لاستكمال الاتفاق، بينما تتحدث مصادر إسرائيلية عن رغبة نتنياهو في تمديد المرحلة الأولى مقابل الإفراج عن مزيد من الرهائن.

إنفوغرافيك.. ماذا نعرف عن القنبلة المطرقة إم كيه-84؟
1 / 4
قنبلة إم كيه-84
2 / 4
معلومات
3 / 4
أميركا ترسل قنابل إم كيه-84 لإسرائيل
4 / 4
مواصفات

ضغط أميركي نحو المفاوضات أم دعم للتصعيد؟

يرى الباحث في العلاقات الدولية، إيهاب نافع، أن وصول وزير الخارجية الأميركي متزامناً مع شحنة أسلحة ثقيلة، يحمل رسالة واضحة مفادها بأن "الولايات المتحدة تدعم إسرائيل عسكرياً لإبقاء كافة الخيارات مفتوحة، بما فيها التصعيد الكامل، في حال قرر نتنياهو المضي نحو ذلك".

لكن في المقابل، يشير نافع خلال حديثه إلى برنامج التاسعة على سكاي نيوز عربية إلى وجود "مساعٍ حثيثة من قبل الإدارة الأميركية لدعم التوافق الإسرائيلي مع الفصائل الفلسطينية والمضي في عمليات الإفراج عن الأسرى"، مضيفاً أن "إسرائيل استجابت سريعاً لهذا الضغط، حيث أعلنت أن وفداً منها سيتوجه إلى القاهرة لاستئناف المفاوضات".

ورغم هذه الجهود، يؤكد نافع أن واشنطن لا تعتمد فقط على مسار المفاوضات، بل تضع أيضاً "أوراق ضغط على الطاولة" للتحكم في مسار المرحلة المقبلة.

إسرائيل بين التصعيد والمفاوضات

تشهد الساحة الإسرائيلية انقسامات داخلية بشأن مستقبل غزة، إذ يسعى اليمين المتطرف إلى فرض حل بالقوة، بما في ذلك تنفيذ خطة تهجير السكان. وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أكد أن "خطة تهجير سكان غزة ستبدأ خلال أسابيع"، معتبراً أن هذا الخيار يحظى بتنسيق مع واشنطن.

لكن على الجانب الآخر، هناك جناح داخل إسرائيل يفضل استمرار المفاوضات كخيار أكثر واقعية، ويضغط في اتجاه التوصل إلى حلول وسط دون تصعيد جديد.

أخبار ذات صلة

وفد إسرائيلي إلى القاهرة لبحث استمرار تنفيذ "اتفاق غزة"
سموتريتش يتمنى بدء خطة ترامب لتهجير غزة خلال أسابيع

ووفقاً لنافع، فإن "نتنياهو يجد نفسه في وضع صعب بين ضغوط اليمين المتطرف الذي يرفض التسويات، وضغوط أميركية وإقليمية تدفع باتجاه إتمام الاتفاق".

القاهرة وسياسة كبح التصعيد

تعد مصر لاعباً أساسياً في ملف المفاوضات، حيث تعمل على تقديم خطة تضمن استمرار الهدنة دون السماح بفرض حل التهجير.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أكد خلال لقائه رئيس الكونغرس اليهودي العالمي أن "القاهرة تعد خطة متكاملة بشأن إعادة إعمار غزة، لا تتضمن تهجير سكان القطاع"، وهو ما يعكس الموقف العربي الرافض لهذا الخيار.

وفي السياق ذاته، التقى ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بالرئيس المصري، حيث أكد دعم بلاده للجهود المصرية، ورفض أي خطط تهجير للفلسطينيين.

أخبار ذات صلة

سموتريتش يطالب نتنياهو بفتح "أبواب الجحيم" على حماس
بعد تهديد نتنياهو ومهلة ترامب.. إسرائيل تنشر تعزيزات حول غزة

هل تستمر التهدئة أم يتجه التصعيد نحو انفجار جديد؟

مع دخول مفاوضات المرحلة الثانية حيز التنفيذ، يبقى السؤال الأبرز: هل ستنجح الجهود الدبلوماسية في الحفاظ على التهدئة أم أن التصعيد سيبقى خياراً مطروحاً بقوة؟.. وفقاً لنافع، فإن "الكرة الآن في ملعب إسرائيل"، مؤكداً أن "حماس لا تزال متمسكة بورقة الرهائن كورقة ضغط رئيسية، فيما تراهن واشنطن على تقديم تنازلات فلسطينية مقابل تثبيت وقف إطلاق النار".

يبدو أن المفاوضات تسير في حقل ألغام سياسي، حيث تتداخل المصالح الأميركية والإسرائيلية مع الضغوط العربية، في ظل مستقبل غير واضح المعالم لاتفاق غزة.