كشف بحث حديث عن مفاجأة بشأن التضحية بالبشر في مدينة تشيتشن إيتزا القديمة في حضارة المايا، في جنوب شرق المكسيك.

ووجد الباحثون الذين قاموا بتحليل الحمض النووي في تشيتشن أن الأولاد الصغار، بما في ذلك التوائم، دفنوا في مقبرة جماعية هناك.

وعرض البحث المزيد من الأدلة حول هويات بعض الضحايا الصغار الذين دفنوا في الموقع، بالإضافة إلى أقاربهم الذين ما زالوا على قيد الحياة حتى اليوم.

وبرزت مدينة تشيتشن إيتزا القديمة، موطن أحد أكبر الأهرامات في فترة المايا، لأول مرة في عام 600 بعد الميلاد، ووفقا لليونسكو، وبدأ الموقع في الاختفاء في القرن الخامس عشر، لكن الباحثين يقولون إنه ظل موقعا شعبيا لحجاج المايا في الفترة الاستعمارية وما بعدها وتم تصنيفها كموقع للتراث العالمي لليونسكو في عام 1988.

 تحليل الحمض النووي

وقام الباحثون بتحليل الجينوم من بقايا عشرات الأطفال الذين عثر عليهم في موقع دفن جماعي بالقرب من سينوتي المقدسة، وهي حفرة ضخمة في المركز الاحتفالي لمدينة تشيتشن إيتزا، وقد تم الكشف عن تضحيات بشرية أخرى سابقا.

ووجدوا أن جميع الأفراد كانوا من الذكور وكان عدد كبير منهم مرتبطين ارتباطا وثيقا، بما في ذلك مجموعتان من التوائم المتماثلة وهي ممارسة يعتقد العلماء أنها مرتبطة بأهمية التوائم في أساطير المايا القديمة.

وتتعارض هذه النتائج مع الاعتقاد السائد بأن الشابات والفتيات يشكلن غالبية من تم التضحية بهم في الموقع.

وقال المؤلف الرئيسي لورقة جديدة حول البحث، رودريغو باركيرا، في مقابلة إن النتائج كانت بمثابة "اختراق".

وأضاف باركيرا، وهو أيضا باحث ما بعد الدكتوراه في معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية في لايبزيغ بألمانيا، إن "هذا كان المثال الأول لموقع دفن أطفال ذكور فقط في المكسيك أو أمريكا الوسطى، أو بين ثقافات المايا".

كما قارنت الدراسة الحمض النووي من الجماجم مع عينات الدم المأخوذة من 68 من سكان تيكسكاكالتيوب المعاصرين، وهي بلدة تبعد حوالي 25 ميلا عن الموقع القديم، واكتشفت أنهم على صلة بالأطفال الذين تم العثور عليهم في الصهريج، مما يشير إلى أن الأطفال الذين تم العثور على رفاتهم هناك مأخوذة من مجتمعات المايا القديمة القريبة.

أخبار ذات صلة

قرص حجري أثري يكشف عن أول شعب لعب كرة القدم
اكتشاف "لوحة عرض" أشهر لعبة شائعة منذ مئات السنين

تحليل دقيق

وركز البحث، الذي نشر هذا الأسبوع في مجلة "نيتشر"، على تحليل بعض بقايا أكثر من 100 طفل تم انتشالها من صهريج قريب من الفجوات الصخرية أثناء بناء مدرج جديد للمطار بين أبريل ويونيو 1967، وارتبطت منذ فترة طويلة بالمياه والأمطار والتضحية بالأطفال، وفقا للباحثين.

ولضمان عدم اختبار أي من الرفات عدة مرات، قام الفريق بجمع عظمة محددة من كل جمجمة، وقد تم تحليل 64 فقط.

واستخدم الباحثون التأريخ بالكربون المشع لإثبات أن الأطفال تترواح أعمار نصفهم بين 3 و 6 سنوات، بالإضافة إلى زوجين من التوائم المتطابقة، ماتوا على مدى 500 عام، حتى منتصف القرن الثاني عشر.

ووجد الفريق أن ربع البقايا التي تم اختبارها كان لها قريب في الصهريج، "مما يشير إلى أن الأطفال الذين تم التضحية بهم ربما تم اختيارهم على وجه التحديد لقرابتهم البيولوجية الوثيقة".

واكتشفوا أيضا أن الأطفال المرتبطين ارتباطا وثيقا قد تناولوا وجبات غذائية مماثلة، ويشير هذا، إلى جانب حقيقة أن الأطفال كانوا في نفس العمر عند وفاتهم، إلى أنه تم اختيارهم للتضحية في نفس الطقوس، وفقا للنتائج.

 لماذا التضحية بالتوائم؟

وربط الباحثون ممارسة التضحية بأقارب الأطفال المقربين بنص المايا المقدس، الذي يوضح بالتفصيل التضحية بزوج من التوائم بعد خسارتهم أمام الآلهة في لعبة الكرة، وذهب أحد أبناء الأخوين التوأم، المعروفين باسم Hero Twins، إلى الانتقام لأقاربهم المقتولين، وفقا للنص.

وقالت كريستينا وارينر، المؤلفة المشاركة للتقرير وأستاذة الأنثروبولوجيا بجامعة هارفارد، في بيان: "أشاعت روايات أوائل القرن العشرين بشكل خاطئ حكايات مروعة عن شابات وفتيات يتم التضحية بهن في الموقع".

وأوضحت أن هذه الدراسة، التي أجريت كتعاون دولي وثيق، "تقلب هذه القصة رأسا على عقب وتكشف عن الروابط العميقة بين طقوس التضحية ودورات الموت البشري والبعث الموصوفة في نصوص المايا المقدسة".

أخبار ذات صلة

بالصور.. اكتشاف أطلال مدينة تعود لحضارة المايا
المكسيك.. العثور على زورق نادر لشعب المايا القديم

 مفهوم الموت في حضارة المايا

وكانت التضحية البشرية لدى حضارة المايا خلال فترة ما قبل العصر الكولومبي طقسا لتقديم القوت للآلهة، وكان ينظر إلى الدم على أنه مصدر مقتدر لتغذية آلهة المايا.

واعتبر الباحث رودريغو باركيرا، بأنه قد يكون من المزعج إدراك أن البقايا الموجودة في الموقع تعود لـ "أطفال، وقد تم التضحية بهم".

ويضيف: "علينا أن نضع في اعتبارنا أن الموت مفهوم مختلف تماما بالنسبة لثقافات أمريكا الوسطى. ... لا ينظر إلى الموت على أنه أمر سيئ. وبطبيعة الحال، من وجهة نظرنا، هذا خطأ".

وتابع الباحث: "في ذلك الوقت، وبحسب أساطيرهم ومعتقداتهم، ما كانوا يفعلونه يعتبر صحيحا، لذلك لا يمكننا الحكم على ما فعلوه من وجهة نظرنا الحديثة".