ترك الوظيفة قرار كبير قد تكون له تبعات مالية ونفسية على الفرد، فيما تتنوع الأسباب التي تدفع الشخص لاتخاذ هذا القرار؛ سواء الرغبة في الحصول على قسط من الراحة، أو بدء عمل خاص، أو حتى البحث عن وظيفة جديدة.. لكن السؤال الأساسي الذي يواجهه الكثيرون هو: كم يحتاج من المال لترك وظيفته؟

الحد الأدنى من الأمان المالي هو المبلغ الذي يضمن للشخص تغطية نفقاته الأساسية دون الحاجة للعمل لفترة معينة. ولتحديد هذا المبلغ، يتعين على الفرد أن يأخذ في الاعتبار عدة عوامل أساسية، طبقاً لما يؤكده خبيران اقتصاديات في تصريحات متفرقة لموقع "سكاي نيوز عربية"، وتتلخص تلك العوامل فيما يلي:

  • النفقات الشهرية الأساسية: مثل الإيجار والفواتير ومصاريف الطعام والتنقل والتأمين الصحي والأقساط وخلافه.
  • المدخرات: من الضروري وجود مدخرات تكفي لتغطية النفقات لمدة تتراوح بين 6 إلى 12 شهراً، تحسبًا لأي طارئ أو تأخير في العثور على وظيفة جديدة.
  • الديون: يجب الأخذ في الاعتبار سداد الديون الشهرية، مثل القروض أو بطاقات الائتمان.

فإذا كان الهدف من ترك الوظيفة هو الحصول على فترة راحة طويلة قبل العودة لسوق العمل، فإن المبلغ المطلوب سيكون بناءً على عدة عوامل، من بينها (مدة الراحة المرغوبة، والنفقات الإضافية، والتأمين الصحي)

أما إذا كان الهدف هو بدء عمل خاص جديد، فالمبلغ المطلوب سيكون أكثر تعقيداً ويعتمد على العوامل المذكورة علاوة على تكاليف بدء العمل ومدخرات الطوارئ.

أخبار ذات صلة

بعمر 97 عاما.. قاضية تخسر دعوى تستهدف عودتها للعمل
نصائح واستراتيجيات "لا غنى عنها" قبل وبعد الاستدانة

وبالتالي فإن تحديد المبلغ الذي يحتاجه الفرد لترك وظيفته يعتمد بشكل كبير على أهدافه الشخصية وظروفه المالية. ولا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع، ولكن من خلال تحليل النفقات الشخصية ووضع خطة مالية واضحة، يمكن للفرد اتخاذ قرار مستنير يضمن له الاستقرار المالي خلال فترة التغيير.

تجربة عملية.. الحصول على أموال "غير متوقعة"

في هذا السياق، ناقشت الكاتبة البريطانية، سومايا كينز، في مقال لها بصحيفة "فانيانشال تايمز"، تأثير الحصول على مبالغ مالية غير متوقعة على قرارات الأفراد بالعمل أو التقاعد. وشاركت أفكارها الشخصية حول كيف يمكن أن تغير مكافأة مالية كبيرة حياتها.

الباحثون الاقتصاديون حاولوا لسنوات إيجاد الإجابة عن هذا السؤال (المرتبطة بكيفية تغيير الحصول على أموال غير متوقعة حياة الأفراد). هناك عدة طرق لدراسة تأثير المكافآت المالية غير المتوقعة، بما في ذلك النظر في ردود الفعل بعد الترقيات الوظيفية والإرث وغير ذلك (..) لكن الأبحاث تظهر أن الأثر يختلف بناءً على المبلغ والشخص.

دراسات حديثة تشير إلى أن الفائزين بالجوائز الكبيرة في اليانصيب من المرجح أن يتركوا وظائفهم إذا كانوا أقل ثراءً، بينما الأثرياء قد يقللون ساعات عملهم. بعض الأشخاص يستخدمون المكاسب لإنشاء أعمالهم الخاصة.

وأحالت الكاتبة إلى دراسة أجراها باحثون في مركز أبحاث السياسة الاقتصادية وجامعة ستانفورد، تم خلالها سؤال الأوربيين عما سيفعلونه إذا تلقوا مبالغ تتراوح بين 5 آلاف يورو إلى 100 ألف يورو.

أخبار ذات صلة

رهانات على المتقاعدين.. هل تحسم الانتخابات البريطانية؟
لماذا تحوّلت شيخوخة السكان في أوروبا إلى استثمار مربح؟
  • يقول الناس إنهم سيواصلون العمل إذا كان دخلهم أقل من 25 ألف يورو.
  • لكن بالنسبة للمبالغ التي تتراوح بين هذا الحد و100 ألف يورو، فإن احتمالات حصولهم على عمل تنخفض بنحو 3 نقاط مئوية في المتوسط.
  • النساء وكذلك الأشخاص الأكبر سناً، والذين لديهم ديون أقل أو يقتربون من سن التقاعد، هم أكثر عرضة للانقطاع عن العمل.

قيود العمل

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي، ياسين أحمد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الكثيرين يتطلعون إلى التخلص من الحياة العملية الإلزامية، والتي يكون فيها الفرد ملزماً بأداء عمله، ووجوده في مكتبه الخاص بالعمل، والتزامه بعدد ساعات معين.

التقاعد المبكر.. ما له وما عليه

وينصح بأنه عند ترك الوظيفة والحياة العملية الإلزامية يتعين أن يكون لدى الفرد رأس مال كافٍ لتلبية احتياجاته.. بينما السؤال: كم من المال يحتاجه الفرد ليترك وظيفة؟

الإجابة في تقدير الخبير الاقتصادي "تختلف باختلاف حجم الالتزامات على كل فرد، وهل سيكتفي بهذا المبلغ أو الثروة لتأمين حياته وسينفق منه أم أنه سيلجأ للعمل الحر؟".

إذا كان هدف الفرد اللجوء للعمل الحر فمبلغ بسيط يكفي في حالة الالتزامات والمسؤوليات الخفيفة على عاتقه، أما إذا كان المسؤوليات كبيرة فلابد أن يتوافر معه مبلغ أكبر (يختلف من بلد لآخر).

ويتابع: إذا كان الفرد هدفه ترك العمل والجلوس في المنزل سواء للخروج من ضغط العمل أو الاسترخاء أو لأي سبب من أسباب السلام النفسي فبالنسبة لكثير من الأشخاص سيحتاجون هنا لمبلغ ضخم (لا يقل عن مليون جنيه في بلد مثل مصر على سبيل المثال) خاصة إذا كان محملاً بالتزامات وأسرة سينفق عليها.

المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر

في هذا السياق، يقول مدير مركز الغد للدراسات الاقتصادية، الدكتور سيد خضر، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن الفرد يحتاج إلى الكثير من الأموال لترك وظيفته، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، ناصحاً الشباب بتدشين مشروعات خاصة بهم.

ويستطرد: العمل الحر مكسبه عالٍ، ولكن هناك خوف دائم من تحمل المخاطرة.. وهنا ينبغي على الدول أن تشجع شبابها على خوض غمار تلك التجربة(من خلال إطلاق مبادرات مشجعة للمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر)؛ لكي يكون لديهم دخل ووعاء ادخاري جيد جداً، مع تشغيل كثيرين.

  • الدولة منوطة بالمبادرات، والإعفاء الضريبي لمدة سنوات معينة.
  • هذا الأمر يزيد فرص الاستثمار، خاصةً لو تم تنفيذ ذلك في القرى والمناطق النائية، التي يهاجر منها الأفراد إلى المدن؛ بسبب "الانعدام الوظيفي".
  • المشروعات الخاصة هي الحل أمام الشباب من أجل الخروج من قيد الوظيفة.

ويشدد على أن عدم الاستقرار الوظيفي مشكلة يواجهها الجميع، وهذا الأمر إن لم يحل فهو ينذر بأزمة اقتصادية كبيرة، ينبغي أن تواجهها الدول من خلال الرقابة، والقضاء على الفساد.

وبخصوص حجم الأموال التي ينبغي أن يمتلكها الشخص ليترك وظيفته، فهي تختلف من شخص إلى آخر على حسب التحديات والمسؤوليات، كما يختلف من مكان لمكان وبلد لآخر.

أكبر الصناديق السيادية حول العالم