في خطوة أثارت العديد من التساؤلات، دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إلى جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في التاسع من يناير المقبل، مما فتح الباب أمام جدل واسع حول دوافع هذا التوقيت وحساباته السياسية.

يأتي ذلك تزامنا مع وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل. يُذكَر أن برّي تعهّد للمبعوث الأميركي آموس هوكستين خلال زياراته الأخيرة إلى لبنان بإنجاز هذا الاستحقاق فور الإعلان عن وقف إطلاق النار.

وبحسب بشارة شربل، المحلل الخاص في سكاي نيوز عربية، فإن تأخير الدعوة لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية يعكس حسابات دقيقة يقوم بها بري وحزب الله.

وأوضح شربل أن التأجيل المستمر يعكس "رغبة في كسب الوقت لتقييم التوازنات الداخلية ومتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، مع التأكد من أن الرئيس المقبل لن يتعارض مع مصالح حزب الله والمحور الإيراني".

حسابات التوقيت ودلالاته

شربل أشار إلى أن هذا التأخير ليس عشوائيًا، بل يعكس محاولة لإدارة الصدمة التي تعرض لها حزب الله بعد خسائره الأخيرة. وقال: "الرئيس بري وحزب الله يسعيان لضمان أن يكون الرئيس المقبل توافقيًا ويخدم مصالحهما، خصوصًا في ظل الظروف الحالية التي تضعف موقف الحزب".

وأضاف أن هناك تخوفًا واضحًا لدى الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) من انتخاب قائد الجيش جوزيف عون، الذي يُعتبر أحد أبرز المرشحين، مشيرًا إلى أن تمديد تكليفه بقيادة الجيش يعكس الرغبة في اختبار أدائه خلال الأشهر المقبلة ومدى توافقه مع رؤية حزب الله بشأن السلاح غير الشرعي.

الضغوط الدولية والإقليمية

تأتي دعوة بري وسط ضغوط دولية، لا سيما من الولايات المتحدة وفرنسا، لتسريع عملية انتخاب رئيس توافقي. وهنا أوضح شربل أن الأطراف الدولية تدفع نحو رئيس لا يدين بالولاء لحزب الله، مشيرًا إلى أن "واشنطن ترى في هذه الفترة فرصة سانحة لاستغلال ضعف الحزب لإحداث تغييرات جوهرية في المشهد السياسي اللبناني".

ورغم ذلك، يرى شربل أن رئيس الجمهورية المقبل، وفق التوازنات الحالية، سيكون توافقيًا ولن يكون منحازًا بشكل فاضح لأي طرف، إلا أن معيار السيادة سيظل عاملًا مؤثرًا في اختيار الرئيس.

أخبار ذات صلة

نبيه بري يدعو لجلسة لانتخاب رئيس لبنان في يناير
نائب بحزب الله: سنتعاون مع جيش لبنان لتعزيز انتشاره بالجنوب

انعكاسات التأخير على الاستقرار الداخلي

شدد شربل على أن التأخير في انتخاب رئيس للجمهورية قد ينعكس سلبًا على الاستقرار الداخلي في لبنان، حيث قال: "موضوع سلاح حزب الله أصبح مطروحًا بقوة في السجال السياسي، وأي تأخير في انتخاب رئيس قد يزيد من حالة عدم الاستقرار الداخلي".

يبدو أن التاسع من يناير سيكون محطة اختبار جديدة للعملية السياسية في لبنان، حيث إن نجاح الجلسة أو فشلها في انتخاب رئيس سيعكس مدى قدرة الأطراف الداخلية والخارجية على تجاوز العقبات الحالية. ولكن يبقى السؤال الأهم: هل يشكل هذا التأجيل كسبًا للوقت لتثبيت التوازنات، أم أنه مجرد تأخير آخر في مسار الأزمة اللبنانية الممتدة؟.