هدد عمال الموانئ على طول سواحل الولايات المتحدة الأميركية بالإضراب ما لم يتم التوصل إلى عقد جديد بحلول أكتوبر، مما دفع الخبراء إلى التحذير من أن أسعاراً أعلى ورفوفاً فارغة قد تنتظر المستهلكين.

يقول بعض الخبراء إن الأسعار قد ترتفع قبل نهاية العام، مما يؤثر على السلع خلال موسم الأعياد المقبل، وقد نشأ هذا الوضع المأساوي في الوقت الذي بدأ فيه المستهلكون يشعرون ببعض الراحة من التضخم، وفق تقرير لشبكة فوكس بيزنس الأميركية.

أشار التقرير إلى أن رابطة عمال الموانئ الدولية (ILA) تتفاوض نيابة عن 45000 عامل في الموانئ الأميركية من ولاية مين إلى تكساس، والتي تتعامل بشكل جماعي مع حوالي نصف الواردات المنقولة بحراً في البلاد.

وحذرت الرابطة من استعداد أعضائها لوقف العمل إذا لم يحصلوا على عقد جديد بحلول الموعد النهائي في الأول من أكتوبر.

فيما قالت رابطة قادة صناعة التجزئة (RILA) في بيان إن "تجار التجزئة ينظرون إلى هذا الإضراب والتعطيل الوشيك له باعتباره جرحًا ذاتيًا للاقتصاد الأميركي".

5 مليارات دولار يومياً

ووفقًا للتقرير فإن بنك جي بي مورغان قدر أنه في كل يوم تظل فيه الموانئ مغلقة، سوف يستغرق الأمر نحو ستة أيام لتسوية المتأخرات، كما قدر المحللون التأثير الاقتصادي للإضراب بنحو خمسة مليارات دولار يوميا، وفقا لمذكرة بحثية نشرت في وقت سابق من هذا الشهر.

أخبار ذات صلة

عشرات آلاف عمال الموانئ الأميركيين يستعدون للإضراب
صراع الكبار.. من سيكون الخاسر الأكبر في حرب ترامب التجارية؟

وأشار تقرير الشبكة الأميركية إلى أن جمعية مصنعي التجزئة قالت إنه على الرغم من أن تجار التجزئة وضعوا خطط طوارئ لتقليل آثار الإضراب، فإنه كلما طال أمد توقف العمل، أصبح من الصعب القيام بذلك.

ونقلت الشبكة عن عدد من الخبراء تأكيداتهم على أن هذا النوع من الاضطرابات في الشحن وسلاسل التوريد يؤدي غالبًا إلى نقص في المنتجات، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

وذكرت أن الشريك ومستشار الثروة في شركة إدارة الثروات Wealth Enhancement & Prevention، كودي مور، قال:

  • إذا تسببت هذه الإضرابات في ارتفاع الأسعار، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع التضخم (مرة أخرى).
  • ذلك قد يؤخر بنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر.
  • هذا التأخير قد يؤثر في النهاية على تكاليف المستهلك لأمور مثل الرهن العقاري وقروض السيارات وبطاقات الائتمان.

كما نقلت الشبكة عن الرئيس التنفيذي لشركة سالسون لوجيستكس، جيسون فيسك، قوله:

  • المتسوقون يجب أن يستعدوا لارتفاع أسعار السلع بحلول الربع الأول من العام 2025، أو ربما حتى قبل ذلك.
  • المستوردون ينفذون بشكل نشط استراتيجيات لإدارة هذه المخاطر، إلا أن هذه الحلول غالباً ما تأتي مع نفقاتها العالية الخاصة، مما يؤثر حتماً على أسعار المستهلك.
  • من المتوقع أن تتأثر المنتجات التقديرية، وخاصة السلع الفاخرة والسلع الترفيهية، بشكل أكبر بسبب مرونتها السعرية العالية.
  • في حين لا يزال التأثير الكامل للإضراب غير واضح، من المتوقع "تداعيات كبيرة" مثل "نفاد المخزونات في متاجر التجزئة وتباطؤ عمل المصانع، خاصة مع اقتراب موسم العطلات المزدحم".

تكلفة اقتصادية كبرى

من جهته، أكد المستشار السابق بوزارة الخارجية الأميركية، حازم الغبرا، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن ثمة مخاوف اقتصادية كبرى من إضراب محتمل لعمال الموانئ في الطرفين الشرقي الجنوبي، أو ما يسمى بالخليج الأميركي، مشيرًا إلى أنه بحسب جي بي مورغان فإن تكلفة هذا الإضراب قد تتجاوز 4.5 مليار دولار يوميا من الخسارة الاقتصادية.

وذكر أن هناك مخاوف من أن يتسبب الإضراب المحتمل في زيادة معدلات التضخم، لكن في نفس الوقت هو إضراب بسبب التضخم وعدم حصول العمال على دخول ذات قيمة ملائمة، حيث يحاولون الوصول إلى تحقيق مطالبهم عبر الضغط بالتلويح بالإضراب، مشدداً على أن رابطة عمال الموانئ تحاول الحصول على دخل وامتيازات أفضل لهؤلاء العمال.

أخبار ذات صلة

في قراءة أخيرة.. اقتصاد أميركا ينمو 3% في الربع الثاني
"بنك أوف أميركا": الفيدرالي الأميركي يفوز بالمعركة ضد التضخم

وأفاد بأن هذا الإضراب المحتمل توقيته هام جدا حيث أنه يأتي في ظل فترة انتخابات رئاسية، مشيرًا إلى أن إضرابات هذه المجموعة من العمال يحكمها قانون أميركي صادر منذ العام 1947 يمنح الرئيس صلاحية إلغاء هذا الإضراب بسبب الأمن والاقتصاد القومي لكن في هذا الوضع الانتخابي والسياسي في الولايات المتحدة يعتقد هؤلاء بأن إدارة بايدن لن تكون متسرعة في اتخاذ قرار سياسي بإلغاء الإضراب وحل الأزمة بطريقة إجبارية.

وقال إن التساؤل الرئيسي الآن لابد أن يركز على موقف إدارة الرئيس جو بايدن من هذا الإضراب المحتمل، موضحًا أن هناك عدة سيناريوهات:

  • أن ترسل إدارة بايدن رسالة واضحة بأنها ستتدخل لإلغاء مشروع الإضراب، وهو ما سيكون له تأثير إيجابي من جهة وآخر سلبي بالأوساط الديمقراطية اليسارية على فرص نجاح كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية.
  • أن تقوم إدارة بايدن بالانتظار والنأي بنفسها وقد يؤدي ذلك إلى أن تقام الانتخابات الرئاسية الأميركية في ظل مشاكل اقتصادية متضخمة، وهو موقف صعب بالنسبة لإدارة بايدن.

وأوضح أن هذه الموانئ تعمل على التصدير والاستيراد، خاصة وأن البضائع الأميركية بعضها غير متوفر، لذا فإن البضائع التي تحتاجها السوق الأميركية أيضا ستواجه مشاكل في الوصول إلى الأسواق، مشيرًا إلى انتشار أنباء عن الرفوف الفارغة في المتاجر.

ونبه إلى أن مثل تلك الإضرابات بالموانئ من شأنها أن تؤثر على سلاسل التوريد لتعيد جانباً من أجواء أزمة جائحة كورونا، موضحًا أن الولايات المتحدة الأميركية قد تستطيع صناعة سيارات داخلها لكنها تحتاج إلى رقائق إلكترونية تأتي من خلال الموانئ وهي يتم الاعتماد عليها بشكل أساسي في التصنيع، على سبيل المثال.

وأضاف أن هذا الإضراب قد يتسبب في توقف صناعة السيارات بسبب عدم القدرة على استيراد قطع معينة، لتوقف حركة الشحن البحري، مؤكدًا أن الإضرابات من هذا النوع لها آثار سيئة غير متوقعة على شريحة واسعة من الاقتصاد وقطاعاته.

مواجهة صعبة

وإلى ذلك، أكدت العضو المؤسس بمجموعة واشنطن الاستراتيجية والخبيرة في السياسات الأميركية، حنان البدري، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن أزمة عمال الموانئ تهدد الاقتصاد الأميركي ككل، لاسيما في ظل هذا الوقت المهم والحساس للولايات المتحدة التي تقترب من إجراء الانتخابات الرئاسية.

وأضافت أن كل من المرشح الجمهوري والمرشحة الديمقراطية يحاولان إثبات قدرتهما بالنسبة للملف الاقتصادي وتحسين أوضاعه، خاصة وأنه الأهم بالنسبة للناخب الأميركي.

وقالت إن هناك 45 ألف شخص ممن يمثلون رابطة عمال الموانئ الدولية وصلوا إلى طريق مسدود بعد فشل مفاوضاتهم المتعلقة بأجورهم وامتيازاتهم العمالية وهو ما يهدد الاقتصاد الأميركي، وأوضحت أن:

  • هناك مخاوف من أن تخسر الولايات المتحدة ما يقرب من خمسة مليارات دولار يوميًا إذا ما بدأ هذا الإضراب الذي يؤثر على موانئ الولايات المتحدة من الجنوب في تكساس وحتى مين شمالا.
  • الإضراب المحتمل لم يؤثر فقط على الاقتصاد الأميركي أو عملية الشحن بشكل مباشر لكنه سيؤثر على كافة مناحي الحياة منها تجارة التجزئة وصناعة السيارات والبضائع التي تصل إلى الولايات المتحدة إضافة إلى التي تصدر منها

وذكرت أن الحكومة الأميركية باتت في مواجهة صعبة مع رابطة تمثل العمال الأميركيين، وتوقعت الآتي:

  • أن تتم محاولة التوصل إلى حل عاجل قبل اقتراب موعد الانتخابات حرصاً على تفادي الخسائر المتوقعة.
  • إذا لم يتم التوصل قبل الموعد المحدد أو على الأقل التفاهم مع الرابطة على موعد آخر في غضون أيام متوقع أن تتوقف الحياة في الموانئ الأميركية وهو أمر بات شبه مؤكد.
  • من المتوقع أن يتأثر الناتج المحلي ويتسبب في خسائر من المتوقع أن تتراوح بين 4 مليارات إلى 8 مليارات دولار أسبوعياً.
  • هذا الإضراب إن نفذ قبل خمسة أسابيع من موعد إجراء الانتخابات الأميركية سيتأثر به أيضا الاقتصاد والتجارة العالمية.

وأشارت إلى قيام شركات أميركية عديدة ممن تعتمد على مصانع خارج الأراضي الأميركية بإرجاء عمليات الشحن في توقيت حساس جدًا بالنسبة للتجارة حيث يتم عادة في هذا التوقيت من كل عام بشحن الكثير من البضائع المرتبطة بالأعياد الأميركية، وذلك تفاديًا لتكبد المزيد من الخسائر في حالة وصول السفن وعدم إفراغها، ما سيسبب كارثة إذا لم يتم التوصل إلى حل ووقف عملية الإضراب.

وشددت على ضرورة أن يتم التوصل إلى اتفاق كي يغطي ما يسمى بالعقد الاجتماعي أو تطمين العمال بالموانىء الأميركية على مستقبلهم ليس فقط بالموافقة على المطالبات المالية والامتيازات التي يطالبون بها، لكن أيضًا تطمينهم بشكل عملي بعدم تأثرهم كثيرا بعملية إحلال الروبوتات والذكاء الاصطناعي بدلا من كثير من الأعمال التي يقومون بها في مختلف الموانئ بالأنحاء الأميركية.

هاريس في الصورة!

وبدوره، اعتبر الخبير بالعلاقات الدوليّة، أيمن سمير، في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن هذه الإضرابات المحتملة لنقابات عمال الموانئ في هذا التوقيت أي قبل أسابيع محدودة من الانتخابات الرئاسية في الخامس من نوفمبر المقبل "تضر بشكل كبير بالمرشحة كامالا هاريس والديمقراطيين"، موضحاً أن:

  • العمال باتوا يرون أن الديمقراطيين لم يفوا بوعودهم خلال أربعة سنوات من حكم جو بايدن للعمال وتحديدا عمال الموانىء.
  • يمكن لدونالد ترامب أن يستغل هذه القضية قبل أيام قليلة من الانتخابات، فالعمال يعترضون على مواقف الحكومة الموجودة بالسلطة التي يمثلها بايدن وهاريس، وبالتالي هي تصب في صالح ترامب باعتباره منافسًا قويا في هذه القضية تحديدا.
  • دعوة ترامب لرفع الرسوم الجمركية على كل البضائع القادمة إلى أميركا بهدف دعم الصناعات الأميركية تأتي لصالح العمال، فهو يغازلهم من خلال النقابات العمالية التي تاريخيا تميل للديمقراطيين.
  • لكن على الرغم من أن بعض النقابات أعلنت موقفها السياسي بدعم الديمقراطيين، فإن هذه الإضرابات والمظاهرات تجعل من المرجح أن يكون هناك تصويتًا مختلفًا للعمال عن موقفهم المعروف.