ربما كان الإنترنت يُنظر إليه على أنه رفاهية منزلية "من الجيد امتلاكها"، ولكن بعد ذلك أصبح الاتصال الرقمي أمراً ضرورياً، فيما ستتخلف عن الركب تلك الفئة التي ليست على إتصال بالإنترنت.
وأصبح الاتصال بالإنترنت الآن ضرورياً للوصول إلى مجموعة واسعة من الخدمات، بدءاً من التعليم وقوائم الوظائف وحتى الحصول على أفضل الأسعار للمنتجات والخدمات المختلفة.
بالنسبة للكثير، أصبح الإنترنت الآن الدعامة الأساسية لساعات يقظتنا، سواء في العمل أو اللعب؛ في المنزل أو في الخارج؛ على هواتفنا أو أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو أجهزة الكمبيوتر المكتبية لدينا، يكون الملايين منا متصلين بشكل مستمر تقريباً.
ولكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من "الفقر"، فإن الوصول الرقمي يعد ترفاً، وعندما يضطرون إلى الاستغناء عنه غالباً ما يُتركون معزولين ومستبعدين من أجزاء كبيرة من الحياة، لذلك يتعين أن تكون هناك إجراءات مدروسة لضمان أن الأشخاص الذين يكافحون من أجل تدبر أمورهم لا يزالون قادرين على الاتصال رقمياً.
وفي هذا السياق، استعرضت صحيفة الغارديان البريطانية، عدداً من المعتقدات الشائعة والخاطئة حول الفقر الرقمي، على النحو التالي:
- كل شخص لديه إمكانية الوصول إلى الإنترنت في الوقت الحاضر
- الوصول إلى الإنترنت رفاهية وليس ضرورة
- كبار السن لا يحتاجون إلى الإنترنت
- لا توجد عواقب حقيقية للفقر الرقم
فند تقرير المجلة تلك المعتقدات الخاطئة، مُبرزاً حقيقة معاناة الكثيرين مع "الفقر الرقمي" على نطاق واسع، وتداعيات الحرمان من الوصول للخدمات الرقمية على الفئات المختلفة.
ما هو الفقر الرقمي؟
الفقر الرقمي يشير إلى الفجوة بين الأفراد أو المجتمعات التي تمتلك إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية والإنترنت وتلك التي لا تمتلكها. هذا الفارق يمكن أن يكون نتيجة لعدة عوامل مثل القدرة المالية والموقع الجغرافي، علاوة على عوامل مثل: التعليم والبنية التحتية.
الأفراد الذين يعيشون في مناطق ريفية أو في دول نامية قد يكونون أكثر عرضة للفقر الرقمي بسبب نقص البنية التحتية أو الموارد المالية للحصول على الأجهزة التقنية والوصول إلى الإنترنت.
هذا الفقر الرقمي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الفجوات الاجتماعية والاقتصادية، حيث أن الأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية قد يواجهون صعوبة في الحصول على التعليم عن بعد، والفرص الوظيفية، والخدمات الحكومية والصحية عبر الإنترنت.
من هنا، تصبح التكنولوجيا الرقمية وسيلة هامة لتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية، ويجب أن تكون الجهود موجهة نحو تقليل الفقر الرقمي من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير التعليم الرقمي وتسهيل الوصول إلى الأجهزة والخدمات التكنولوجية بأسعار معقولة.
أهمية التواصل الرقمي
أخصائي التطوير التكنولوجي وخبير الأمن السيبراني هشام الناطور، يقول في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن الانترنت أصبح ركيزة أساسية من ركائز الحياة، دعمت سرعة التواصل والإطلاع على مختلف المعارف والمعلومات الجديدة في لحظات مقارنة بأي وقت مضى.
ويضيف: التواصل الرقمي يتميز أيضاً بكثرة تطبيقاته، والتكلفة البسيطة مقارنة بطرق التواصل التقليدية، مما يتيح سرعة الوصول ومشاركة المعلومات والأفكار بصورة لحظية، فضلا عن فتح مجال كبير للتعلم مقابل مبالغ رمزية أو بدون.
ويوضح أن الفقر الرقمي له عديد من التداعيات السلبية والتي قد تواجهه بعض الدول بداية من انعدام القدرة على التواصل مع الآخرين، وفقدان عديد من فرص الحصول على المعلومات الجديدة، والانعزال التام عن الخدمات والتطورات المحيطة، وجميعها أمور تتسب في التخلف عن اللحاق بالتطورات المحيطة.
ويشير خبير التطوير التكنولوجي في الوقت نفسه إلى أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الحكومات ومنظمات تنمية المجتمعات على صعيد ضرورة الاهتمام بتعزيز مهارات الإنترنت في المراحل التعليمية الأولى بشكل خاص، وتوسيع البنية التحتيتة وإتاحتها بأسعار مميزة، مع التوعية بالمخاطر أيضاً.
نموذج لتحسين جودة الخدمات
وإلى ذلك، يؤكد خبير تكنولوجيا المعلومات، محمد الحارثي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" أن:
- التواصل الرقمي الفعال يعد نموذجاً هاماً تضاعفت أهميته خلال المرحلة الأخيرة على صعيد تقديم الخدمات الإلكترونية وتعظيم وتحسين جودة الخدمات المقدمة أيضاً في ضوء التواصل السريع.
- الانعزال الرقمي أو الفقر الرقمي دائماً ما يتواجد في مناطق نسبة الفقر تكون مرتفعة فيها، وهو ما تكون له تداعيات بشأن غياب وجود نموذج اقتصادي فعال في تلك المنطقة.
- الفقر الرقمي له تداعيات سلبية على القدرة على الوصول إلى المعلومات، ومعرفة أخر التطورات والتجارب المختلفة في جميع أوجه الحياة، فضلاً عن الحرمان من عديد من الفرص.
تداعيات الفقر الرقمي
وفي السياق، يؤكد استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K، عاصم جلال، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أهمية التواصل الرقمي في دعم أوجه عديدة، لاسيما اللحاق بركب التقدم ووصول المعلومة وسرعة مشاركتها.
ويتابع: الدول التي تفتقر إلى الوصول السهل إلى الإنترنت نتيجة انقطاع الكهرباء أو ارتفاع تكلفة الحصول على الخدمة، يؤثر ذلك بصورة مباشرة على قدرتها على مواكبة التقدم ومتابعة آخر التطورات وسرعة البحث عن مصادر مختلفة في جميع المجالات.
ويشدد على أن التواصل الرقمي هو تواصل يتمتع بنوع من أنواع السرعة والسهولة التي تدعم قدرة الوصول إلى الأشخاص بغض النظر عن المسافة والوقت، مضيفاً أن تلك العملية نجحت في إنهاء المشاكل المرتبطة ببعد المسافات بين الأفراد للنجاح في إحداث التواصل، وبما أوجد فرصاً واسعة لم تكن متوفرة من قبل.
عزلة تامة
ويشدد الخبير التكنولوجي، رئيس شركة "آي دي تي" للاستشارات والنظم، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" على أهمية ودور التواصل الرقمي خاصة في ضوء التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات خلال العقود الأخيرة، ومع توسع الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي وأخيراً زخم الذكاء الاصطناعي الذي يوفر مزيداً من الفرص.
ويضيف: أهمية التواصل الرقمي تضاعفت لاسيما في ضوء تقديم خدمات كثيرة من احتياجات الناس بشكل رقمي سواء الخدمات والتعليم والإعلام، وحتى الحياة الاجتماعية من خلال شبكات التواصل الاجتماعي وبناء مجتمعات، موضحاً أن الفقر الرقمي وهو فقدان الإنسان قدرته على التواصل الفعال عبر الانترنت يتسبب في فقدان جميع الخدمات السابق ذكرها سواء من فرص التعليم المناسب، والتأهيل الجيد، وفرص المشاركة في الحياة العامة، وفرص الحصول على وظائف