يرى خبراء أن استراتيجية الرئيس الأميركي جو بايدن الجديدة تجاه اليمن، تهدف إلى إضعاف الحوثي، لكنها لا تصل إلى حد السعي لهزيمتها أو المواجهة المباشرة مع إيران، الحليف الرئيسي للجماعة، خشية مخاطر إطالة أمد الصراع.
والاستراتيجية، وهي توليفة من ضربات عسكرية محدودة وعقوبات، تهدف على ما يبدو إلى منع نشوب صراع أوسع نطاقا في الشرق الأوسط، وذلك رغم سعي واشنطن إلى معاقبة الحوثيين على هجماتهم على السفن في البحر الأحمر.
لكن من غير الواضح ما إذا كانت ستحقق هدف بايدن الرئيسي، وهو وقف هجمات الحوثيين.
ويحذر محللون من أن محاولة الحل الوسط قد تعني استمرار الاضطراب بالممر الملاحي الحيوي للتجارة العالمية، مع بقاء خطر نشوب مواجهة عسكرية إقليمية أكبر.
وقال الباحث بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية سيث جونز: "أعتقد أن الاستراتيجية طويلة الأمد. لكني لا أعتقد أنها ستنجح. ضربات محدودة على أهداف الحوثيين لن تردع الهجمات في البحر الأحمر".
ويقول الحوثيون إن هجماتهم على السفن في البحر الأحمر تهدف إلى دعم الفلسطينيين ضد إسرائيل، وقد عطلت حملتهم التجارة العالمية وزادت مخاوف ارتفاع التضخم، وعززت أيضا القلق من احتمال تحول الحرب بين إسرائيل وحماس إلى اضطراب واسع بالشرق الأوسط.
وبعد شهور من التحذير، أجاز بايدن الأسبوع الماضي توجيه ضربات جوية على أهداف عسكرية للحوثيين، أصابت صواريخ وطائرات مسيّرة ومحطات رادار، لكن الحوثيين واصلوا هجماتهم.
والثلاثاء ضرب الجيش الأميركي 4 صواريخ بالستية مضادة للسفن خلال إعدادها لضرب أهداف في البحر الأحمر، ودمرت ضربة أخرى الأربعاء 14 صاروخا، ويشير الهجومان إلى أن الولايات المتحدة تختار أهدافا عسكرية بناء على معلومات استخباراتية فورية.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين: "إذا رأينا هدفا سنضربه".
ولمح مستشار الأمن القومي لبايدن علنا إلى احتمال الحاجة إلى مزيد من العمل العسكري.
وقال جيك سوليفان الثلاثاء: "توقعنا أن يواصل الحوثيون محاولة تعريض هذا الشريان الحيوي للخطر، ولا نزال نحتفظ بالحق في اتخاذ مزيد من الإجراءات".
ويعتقد بعض المسؤولين والخبراء الأميركيين أن الحوثيين يرحبون بالمواجهة مع الولايات المتحدة، قائلين إن ذلك يساعدهم على كسب الدعم الشعبي وتلميع صورتهم في الشرق الأوسط كجزء مما تطلق عليه إيران اسم "محور المقاومة".
ويبدو أن الحوثيين يعتقدون أنهم قادرون على تحمل القصف الأمريكي، حتى لو دمر بعض مخزون الصواريخ والطائرات المسيرة.
وقال سفير الولايات المتحدة السابق إلى اليمن جيرالد فايرستين: "الواقع أن من السهل نسبيا استبدال الطائرات المسيّرة والصواريخ. سواء حصلوا على المحركات أو أنظمة التوجيه أو أي شيء آخر من إيران، يمكنهم تجميع القطع بأنفسهم".
"جماعة إرهابية"
واتضحت استراتيجية التصعيد الأميركي المتوازن، الأربعاء، عندما أعادت إدارة بايدن الحوثيين إلى قائمة الجماعات الإرهابية "المحددة بشكل خاص".
لكن الإدارة الأميركية أرجأت التنفيذ 30 يوما للحد من تأثير القرار على المساعدات الإنسانية لليمن، ولم يصل بايدن أيضا إلى حد إعادة تصنيف الجماعة على أنها "منظمة إرهابية أجنبية".
ومن شأن التصنيف كمنظمة إرهابية أجنبية أن يفرض على الحوثيين إجراءات أكثر صرامة بكثير من مجرد إدراجهم على قائمة الجماعات الإرهابية "المحددة بشكل خاص".
وشكك الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن غريغوري جونسن، في مدى فاعلية هذه الخطوة.
وأضاف: "هذا عمل رمزي إلى حد كبير وستكون له بعض التداعيات الإنسانية، لكنه لن يمنع الحوثيين من شن الهجمات".
وقال أحد كبار المسؤولين في إدارة بايدن في إفادة للصحفيين عن القرار، إن واشنطن لا تزال "ملتزمة بحل الصراع في اليمن والتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار بين الفرقاء".
وقال مدير برنامج أمن الشرق الأوسط بمركز الأمن الأميركي الجديد جوناثان لورد، إن بايدن يأمل في ردع الحوثيين و"الالتزام بالعودة بطريقة ما إلى سلام في اليمن عبر المفاوضات".
لكن لورد، وهو مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون)، قال إن الاستراتيجية تجاهلت إلى حد كبير الداعم الرئيسي للحوثيين وهي إيران، مضيفا أنها ستؤدي إلى تقييد أصول بحرية أميركية قيمة ومكلفة.
وأردف قائلا: "بوسع إيران تزويد الحوثيين بقدرات أرخص بفارق كبير. القدرات الأميركية تعتمد بشكل عام على حاملات الطائرات والسفن البحرية الأخرى التي تحتاج إلى دخول المنطقة والخروج منها، لكنها ضرورية في أماكن أخرى من العالم أيضا".