إذا ما أراد علماء الاقتصاد قياس آثار أي أزمة مالية، فإنهم يقارنوها بأزمة الكساد العظيم التي بدأت عام 1929 واستمرت نحو عقد من الزمن، وبلغت خسائر الولايات المتحدة وحدها من جراء الأزمة أكثر من 30 مليار دولار.
بدأت الأزمة في أسواق رأس المال الأميركية، وتحديدا في بورصة نيويورك في حي "وول ستريت" في أكتوبر 1929، وذلك عندما طرح 13 مليون سهم للبيع، لكنها لم تجد مشترتن، فوجد آلاف المساهمين أنفسهم مفلسين، وخسر مؤشر داون جونز 89% من قيمته.
وامتدت الأزمة المالية سريعا داخل الولايات المتحدة، إذ أعلنت عشرات البنوك والمصانع إغلاق أبوابها، ونتيجة لذلك أصبحت أعداد العاطلين عن العمل كبيرة للغاية.
وحاول أصحاب البنوك الأميركية اتخاذ إجراءات لمواجهة الأزمة، فاسترجعوا كميات كبيرة من المال من مصارف في ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، إلا أن ذلك نقل الأزمة إلى القارة الأوروبية، حيث تدهورت معدلات النمو، وتراجعت الدخول والضرائب .
وانخفضت التجارة الدولية إلى نحو النصف، وكانت صناعات المواد الأولية هي الأكثر تضررا من جراء نقص الطلب وعدم توفر فرص عمل بديلة.
وكانت أبرز تداعيات الأزمة السياسية هي تولي النازيين لمقاليد الحكم في ألمانيا، بعد انهيار جمهورية "فايمار" عام 1933 إثر فشلها في حل تداعيات أزمة الكساد الكبير على ألمانيا، التي تسبتت بمعدلات بطالة مرتفعة وتضخم كبير في الأسعار.
ويرجع خبراء الاقتصاد أزمة الكساد إلى طبيعة النظام الرأسمالي، الذي لا يتيح للدول التدخل في نشاط السوق، فعندما تضطرب العلاقة بين العرض والطلب تحدث فوضى اقتصادية تكون نتيجتها أزمة مالية.
وترافق أزمة الكساد مع دخول الآلات في عملية الإنتاج، الأمر الذي ضاعف المعروض في الأسواق، ودفعت الأزمة الدول إلى التدخل في الشأن الاقتصادي ، وهو الأمر الذي تكرر على نحو مشابه في الأزمة المالية العالمية 2008.
وقررت الحكومة الأميركية لمواجهة تداعيات أزمة الكساد العظيم عام 1933 إنشاء مؤسسة لرعاية العاطلين عن العمل نتيجة الأزمة، وإصدار قوانين تمنع البنوك من التعامل بالأسهم والسندات.
وبالإضافة إلى إصدار قانون الإصلاح الصناعي وقانون آخر لتحقيق الاستقرار في قطاع الزراعة في أميركا، وخضعت قطاعات إنتاج مثل الفحم والمترو للتأميم الحكومي في فرنسا وبريطانيا.