مع بداية كل عام جديد، تتاح للأفراد فرصة استثنائية لإعادة تقييم أوضاعهم المالية، ووضع خطط جديدة، تساعدهم على خلق بيئة مالية متوازنة ومستقرة تساهم في تحقيق الاستقرار الذي يسعون إليه.
فالعام الجديد يمثل بداية مثالية للتخلص من العادات المالية غير الفعّالة، وضبط المصاريف وتحديد أولويات الإنفاق، في ظل تزايد التحديات الاقتصادية وتعقيدات الحياة اليومية، حيث أن اتخاذ خطوات استراتيجية في هذا التوقيت يمكن أن يكون بمثابة نقطة تحول تساعد على بناء أساس مالي قوي ومرن في مواجهة الأزمات.
وضمن هذا السياق نشرت شبكة "CNBC" تقريراً اطلع عليه موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، حدد من خلاله الخبراء الماليين أهم الخطوات والأساليب التي يجب على الأفراد اتباعها في عملية إدارة أموالهم خلال عام 2025، والتي كان أبرزها ما يلي:
استثمر بغض النظر عن عناوين الأخبار
من المرجح أن يكون عام 2025 عاماً مضطرباً في سوق الأوراق المالية، مع قدوم إدارة رئاسية جديدة في أميركا بقيادة ترامب، والحروب التجارية المتوقعة، إضافة إلى الضغوط التضخمية وحالة عدم اليقين حول توقعات أسعار الفائدة.
ورغم هذه العوامل المثيرة للقلق، أثبت التاريخ مراراً أن الأسواق المالية، تميل إلى النمو على المدى الطويل، لذلك تبقى النصيحة الذهبية، بالالتزام بالاستثمار في أوقات الشكوك، حيث تعتبر هذه العادة مفتاحاً رئيسياً لتحقيق العوائد المرجوة وبناء الثروة بمرور الوقت، بغض النظر عن عناوين الأخبار التي قد تكون مخيفة حالياً.
سيطر على إنفاقك
قد يبدو الإنفاق الزائد أمراً بسيطاً في البداية، لكنه يمكن أن يتحول بسرعة إلى عائق كبير أمام تحقيق الأهداف المالية، لذلك، فإن أول خطوة يجب أن يقوم بها الأفراد في 2025 تتمثل بتتبع مصاريفهم، ليقوموا بعد ذلك بتحديد الإنفاق غير الضروري، الذي يمكن تقليله أو التخلص منه، إذ يجب على الجميع إدراك أن إدارة الإنفاق الزائد ليست حرماناً، بل هي وسيلة لتحقيق التوازن المالي، ما يتيح التركيز على ما يهم حقاً، مثل الادخار والاستثمار.
الاستقرار المالي أولوية
مع التحديات الاقتصادية المتزايدة، أصبح تحقيق الاستقرار المالي ضرورة لا غنى عنها في 2025، ولذلك يجب بدء العام من خلال وضع ميزانية شهرية واضحة يخصّص عبرها جزءٌ من الدخل الشهري للإدخار، حتى لو كان هذا المبلغ صغيراً، فبناء شبكة أمان مالي هي من الأولويات في العام الجديد.
راجع التدفق النقدي
مراجعة التدفق النقدي بشكل دوري هي خطوة حاسمة لتحقيق الاستقرار المالي وتجنب المفاجآت غير المتوقعة، فتحديد المصادر الرئيسية للإيرادات والتأكد باستمرار من أنها تدر المدخول المتوقع، يمنح الأفراد رؤية أوضح لوضعهم المالي، فهذه العادة المالية البسيطة تضمن تحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل.
خطط للتقاعد
التخطيط للتقاعد هو أحد أهم القرارات المالية التي يجب على الأفراد اتخاذها مع بداية 2025، فكلما بدأ تنفيذ هذا القرار مبكراً، كلما زادت فرص الأفراد في تحقيق التقاعد المريح، حيث أن تأجيل التحضير لهذا الإجراء قد يؤدي إلى قلة الخيارات المالية في المستقبل.
ويقول الخبير في الإدارة المالية حسان حاطوم، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه مع بداية كل عام جديد، نجد أنفسنا أمام فرصة حقيقية لإعادة تقييم مساراتنا، خاصة فيما يتعلق بأموالنا وأهدافنا المالية، وعام 2025 لا يعتبر استثناءاً، بل قد يكون بداية مرحلة حاسمة في إدارة الأموال، في ظل الظروف الاقتصادية العالمية والمحلية التي تحمل تحديات وفرصاً في آن معاً، لافتاً إلى أنه إذا نظرنا إلى الاقتصاد العالمي، نجد أن الأخبار المتداولة حول التضخم، وأسعار الفائدة، وعدم استقرار الأسواق المالية تجعل البعض يتردد في اتخاذ قرارات استثمارية، ولكن ومهما حصل يبقى الاستثمار المستدام استراتيجية ذكية لبناء الثروة وتحقيق الاستقرار المالي.
النجاح المالي يبدأ من المنزل
وشدد حاطوم على أن أول خطوة نحو النجاح المالي تبدأ من داخل المنزل، ولذلك فإن إدارة الإنفاق الزائد هي أولوية يجب أن يتبناها الجميع، حيث أن الإنفاق دون وعي يتحول بسرعة إلى عقبة كبيرة تعيق تحقيق الأهداف الكبرى، مثل شراء منزل، أو تأمين تعليم الأبناء، أو حتى تحقيق التقاعد المريح، ومن هنا، يجب على كل شخص أن يقوم بوضع ميزانية شهرية شفافة، وأن يراقب التدفق النقدي بانتظام، فهذه الإجراءات لا غنى عنها لتجنب الوقوع في أزمات مالية مفاجئة في 2025.
ويعتبر حاطوم أن الكثيرين يخطئون عندما يؤجلون التفكير في التقاعد إلى مراحل متأخرة من حياتهم، إذ أن التخطيط للتقاعد يجب أن يبدأ بأسرع وقت ممكن، مؤكداً أن عام 2025 يمكن أن يكون نقطة تحول حقيقية إذا اتخذنا قرارات مالية واعية ومدروسة، والأهم هو أن نؤمن بأن النجاح المالي لا يعتمد على حجم الأموال التي نمتلكها اليوم، بل على كيفية إدارتها بحكمة لتحقيق مستقبل أفضل، ولذلك ومع بداية عام 2025، يجب على كل فرد تخصيص بعض الوقت لوضع خطة واضحة للأشهر المقبلة، فالفرص قد تكون محدودة، لكن الأهم هو الاستعداد لاقتناصها عند ظهورها.
خطط صغيرة ذات تأثير كبير
من جهته يقول المحلل المالي محمد سعد، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إنه في عالم يعجّ بالاشتراكات والخدمات التي تُغري المستهلكين يومياً، قد نجد أن أموالنا تُستنزف دون أن نلاحظ، فمن منصات البث المتنوعة إلى التطبيقات التي نادراً ما نستخدمها، تتراكم مدفوعات صغيرة قد تبدو غير مهمة بمفردها، لكنها تُحدث فرقاً كبيراً عند جمعها، لذلك يصبح من الضروري التوقف لتقييم هذه النفقات بشكل دوري، ومراجعة الاشتراكات والخدمات التي نستهلكها، مع إلغاء غير الضروري منها، لافتاً إلى أن هذا الإجراء البسيط يُوفّر أموالاً تراكمية، يمكن إعادة توجيهها نحو أهداف أكثر أهمية، مثل الادخار أو الاستثمار لتحقيق الاستقرار المالي.
وشدد سعد على ضرورة الابتعاد عن القروض ذات الفوائد المرتفعة، لتمويل المشتريات الكبيرة، فهذه القروض تُثقل كاهل الأشخاص، وتحول الأموال التي يمكن استثمارها في مشاريع أخرى إلى عبء مالي طويل الأجل، حيث يمكن تجنب الفوائد الباهظة، من خلال التمهل والادخار للمشتريات الكبيرة، ما يجعل الوضع المالي للأفراد أكثر حرية واستقلالية، معتبراً أن استثمار أي مبلغ متوفر، مهما كان صغيراً، يمكن أن يحقق عوائد تراكمية بمرور الوقت، فالاستثمار ليس مجرد رفاهية، بل هو أداة استراتيجية لتحقيق الأمان المالي.