أصبحت فكرة تقليص عدد أيام العمل في الأسبوع إلى أربعة أيام بدلاً من خمسة أو ستة أياماً تثير اهتماماً متزايداً في عديد من الشركات والمؤسسات حول العالم.
تُعتبر هذه الفكرة جزءاً من تحولات العمل الحديثة التي تهدف إلى تحسين جودة حياة الموظفين وزيادة إنتاجيتهم.
- نتائج تجربة أجرتها شركة التدريب Exos،ومقرها الولايات المتحدة الأميركية، تشير إلى أن أسبوع العمل مدته أربعة أيام فقط، بمثابة الترياق لإرهاق الموظفين.
- التجربة التي استمرت ستة أشهر وشارك فيها آلاف الموظفين، أظهرت أن العمل لمدة أربعة أيام فقط بدلاً من خمسة يقلل من إرهاق الموظفين مع تعزيز الإنتاجية والاحتفاظ بمعنويات الفريق.
- نشرت الشركة التي لديها أكثر من 3 آلاف موظف حول العالم، نتائج الأشهر الستة الأولى من تجربتها في هذا السياق لجهة اعتماد أربعة أيام عمل في أسبوع العمل، والتي بدأت في الربيع الماضي وما زالت مستمرة.
- كجزء من التجربة، يعمل غالبية الموظفين لمدة أربعة أيام ثم يحصلون على ما تسميه الشركة "أيام الجمعة"، حيث يمكنهم خلالها الحصول على إجازة أو متابعة العمل أو استخدام وقت الفراغ كما يرونه مناسباً.
ونقل تقرير نشرته شبكة "سي إن بي سي" الأميركية عن الشركة مزايا العمل لمدة أربعة أيام في الأسبوع، بحسب كبير مسؤولي الأفراد، جريج هيل.. ويُمكن تلخيصها فيما يلي:
- يسمح ذلك النظام بأن تكون السياسة مرنة، ويمكِّن العمال من ممارسة التعافي أو إدراج الراحة في جدولهم الزمني بطريقة فعالة بالنسبة لهم.
- ظل أداء الأعمال والإنتاجية مرتفعين، وزادت الإيرادات وانخفض معدل دوران الأعمال.
- 91 بالمئة من موظفي الشركة أفادوا بأنهم يقضون وقتهم بشكل أكثر فعالية في العمل، مقارنة بـ 64 بالمئة قبل التجربة.
- زيادة نسبة الاحتفاظ بالموظفين، حيث انخفض معدل دوران موظفي الشركة من 47 بالمئة في العام 2022 إلى 29 بالمئة في العام 2023.
- زيادة الكفاءة: العمل لمدة أسبوع عمل قصير يعني إنجاز المزيد من العمل في وقت أقل.
ويشير هيل في السياق نفسه إلى أن المديرين شجعوا فترات الاستراحة القصيرة، من خلال قصر معظم الاجتماعات على 25 دقيقة وشجعوا العمل غير المتزامن كلما أمكن ذلك.
وبشأن الصعوبات المتزايدة لتطبيق أسبوع عمل مدته أربعة أيام، أشار هيل، إلى التأكد من أن الموظفين يفهمون أنها ليست مجرد إجازة مدفوعة الأجر، ولكنها فرصة لإعادة شحن طاقتهم، أو الاهتمام بالمسؤوليات المنزلية أو إنهاء أي شيء مستحق حتى يكونوا أقل توتراً وتشتتاً خلال أسبوع العمل.
مزايا وتحديات تطبيق النظام
في هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي، الدكتور سيد خضر، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": إن بعض الدول والشركات تشجع على أسبوع العمل لمدة أربع أيام كتجربة لقياس الآثار الإيجابية والسلبية لهذا النمط الجديد من التنظيم الزمني.
وعن مزايا تطبيق نظام أسبوع العمل لمدة أربعة أيام، قال:
- يمكن أن يقيس أسبوع العمل لمدة أربعة أيام مدى رضا الموظفين وتحفيزهم، إذ يمنحهم يوماً إضافياً للراحة والاسترخاء، مما يسهم في تحسين توازن الحياة العملية والشخصية.
- زيادة التركيز والإنتاجية، إذ يمكن أن يؤدي تقليص أيام العمل إلى زيادة التركيز والانتباه لدى الموظفين خلال أيام العمل الأربعة.
- إذا كانت هناك فترة زمنية محدودة لإنجاز المهام، فقد يكون لدى الموظفين دافع أكبر للعمل بشكل أكثر فعالية وإنتاجية.
- تحسين التوازن بين العمل والحياة الشخصية؛ ذلك أن أسبوع العمل لمدة أربعة أيام يتيح للموظفين المزيد من الوقت لقضائه مع أسرهم وممارسة أنشطتهم الشخصية والاستمتاع بالاهتمامات الخاصة بهم، ما يؤدي إلى تحسين جودة حياتهم الشخصية والعملية.
- الاستدامة البيئية من خلال تقليص عدد أيام العمل في الأسبوع، حيث يمكن تقليل حركة المرور واستهلاك الوقود، مما يؤدي إلى تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتأثيرها على البيئة.
سلبيات محتملة
وذكر الخبير الاقتصادي أن تنفيذ أسبوع العمل لمدة أربعة أيام يواجهه بعض التحديات المحتملة؛ على رأسها:
- تقليص أيام العمل يؤدي إلى زيادة ضغوط العمل على الموظفين الذين يكونون في حاجة إلى إنجاز مهامهم في وقت أقل.. ولفت خضر إلى أن الموظفين يحتاجون إلى مساحة من الوقت تمكنهم من تنظيم عملهم بشكل أفضل.
- تقليص أيام العمل من شأنه أن يؤثر على دخول الموظفين بشكل سلبي، فقد يعاني الموظفون من انخفاض في دخلهم؛ خاصة إذا لم يتم تعديل الرواتب وفقا للتغيير في الوقت الذي يتم فيه العمل.
- هناك تحديات أخرى تتعلق بالتنظيم والجدولة؛ إذ تنتج عن أسبوع العمل لمدة أربعة أيام تحديات في التنظيم والجدولة، وبما يتطلب ضمان توزيع المهام وإدارة الوقت بشكل فعال لضمان استيفاء المتطلبات العملية في الوقت المحدود.
- ثمة تأثير آخر على بعض القطاعات الاقتصادية التي تعتمد بشكل كبير على أيام العمل الخمسة، وقد تواجه الشركات تحديات في تعديل عملياتها وجداولها الزمنية لتلائم أسبوع العمل لمدة أربعة أيام.
تجارب عالمية
- في حين يظل جدول العمل المكون من خمسة أيام هو المعيار السائد في الولايات المتحدة، فإن التجارب العالمية لاختبار أسبوع العمل المكون من أربعة أيام جعلت العمال ورؤسائهم يتقبلون هذه الفكرة، وفق تقرير الشبكة الأميركية.
- اختبرت عشرات الدول، بما في ذلك أيرلندا وإسبانيا والمملكة المتحدة، أسبوع عمل مدته 4 أيام، وكانت النتائج إيجابية للغاية.
- الشركات التي شاركت في تجربة مدتها ستة أشهر في المملكة المتحدة، والتي انتهت في ديسمبر 2022، قالت إنها تحولت إلى أسبوع عمل مدته 4 أيام إلى تحسين الإنتاجية والروح المعنوية وثقافة الفريق.
- في الولايات المتحدة يدعم ما يقرب من 81 بالمئة من العاملين بدوام كامل أسبوع عمل مدته أربعة أيام، وفقًا لتقرير Bankrate الصادر في يوليو 2023 ، والذي شمل 2367 شخصًا بالغًا.
الدول الناشئة والنمو
من جانبه، أفاد المدير التنفيذي في شركة VI Markets أحمد معطي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، بأن تطبيق نظام العمل الأسبوعي لمدة أربعة أيام يختلف ما بين دول لأخرى وكذلك من قطاع لآخر.
وأوضح أن هناك قطاعات يصلح العمل بها بنظام الأربعة أيام، نظراً لحاجة الموظفين أن يتاح لهم وقت للإبداع، بينما أخرى لا يمكن ذلك، مؤكداً أن التطبيق غير ثابت على كل القطاعات.
وأضاف أنه لا يمكن تطبيق هذا النظام في الدول الناشئة والنامية على سبيل المثال؛ لا سيما وأنها بحاجة ماسة إلى تحقيق معدل نمو يفوق 5 بالمئة لتتواكب مع الاقتصاد العالمي، مؤكدًا أنه لتحقيق نمو سريع في تلك الدول فإنها تحتاج إلى أن يكون العمل دائراً يومياً أو بالإجازات الطبيعية.