أكد المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء المصري، المستشار محمد الحمصاني، العودة مرة أخرى لتخفيف الأحمال (انقطاع التيار الكهربائي) بعد توقف تلك الخطة خلال شهر رمضان المبارك.
وعانى المصريون خلال أشهر الصيف الماضي من انقطاع التيار الكهربائي لفترة تصل إلى ساعتين يومياً. وكانت الحكومة قد حددت جداول ثابتة لتوقيتات انقطاع التيار الكهربائي بين المناطق المختلفة.
وأشار المتحدث الحكومي في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن هناك أسباب عدَّة جعلت الحكومة تلجأ إلى عودة تخفيف الأحمال بعد إيقافها خلال الشهر الماضي، وأبرزها: الضغط على شبكات الكهرباء، مما يجعل تخفيف الأحمال ضرورة في ضوء الاستهلاك المتزايد، علاوة على ما يتعلق باستيراد الوقود من الخارج، فضلاً عن ترشيد الاستخدام لتوفير متطلبات القطاعات المتعددة.
وعن مدى تأثير توافر العملة الصعبة أخيراً بشكل يُمكنه أن يحل الأزمة التي عانى منها المصريون في الفترات الأخيرة، قال الحمصاني، إن الحكومة تدير السيولة الدولارية التي تم توفيرها داخل البلاد بصورة رشيدة، خاصة في ظل التزاماتها المتعددة، تجاه استيراد عديد من مستلزمات الإنتاج والأعلاف والأدوية والأغذية وغيرها من الخارج.
وتابع: في حالة وصول الحصيلة الدولارية التي تمكننا من استيراد الوقود الكافي، سيتم وقف تخفيف الأحمال.
وانتعشت الخزانة المصرية بالدفعات المستلمة من صفقة رأس الحكمة، وهي أكبر صفقة استثمار أجنبي مباشر في تاريخ البلاد، منحت الاقتصاد المصري شهادة ثقة قوية. كما تنفس الاقتصاد الصعداء بموافقة صندوق النقد الدولي على برنامج قرض ممدد إلى مصر بقيمة 8 مليارات دولار، بالإضافة إلى التمويلات الخاصة بالاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، وجميعها عوامل تعزز من السيولة الدولارية بالبلاد، وتدفع بحل واحدة من أبرز المشكلات التي واجهها الاقتصاد المصري في الآونة الأخيرة، والمرتبطة بشح العملة الصعبة.
- ارتفع صافي الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي المصري إلى 40.361 مليار دولار في مارس، من 35.311 مليار دولار في فبراير الماضي.
- وكانت بيانات المركزي قد أظهرت أن العجز في صافي الأصول الأجنبية لمصر قد تقلص بمقدار 217.1 مليار جنيه مصري (7.04 مليار دولار) إلى 679 مليار جنيه (14.25 مليار دولار) في فبراير، بعد دفعة بقيمة خمسة مليارات دولار تابعة لصفقة رأس الحكمة.
أسباب الأزمة
في سياق متصل، قال الوزير المفوض وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة، منجي بدر، إن الحكومة المصرية أقدمت على تخفيف الأحمال منذ يوليو الماضي، مضيفاً في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":
- برَّرَت الحكومة هذه الأزمة بأنها ناتجة عن موجة الحر التي ضربت البلاد في ذلك الوقت.
- وعدت الحكومة في ذلك الوقت بحل الأزمة عبر توفير الاحتياجات اللازمة من المواد البترولية لشبكات الكهرباء ورفع ضغط الغاز.
- بدأت الدولة بعد ذلك بفرض جداول لتخفيف الأحمال بـ"ساعتين يومياً" لكل منطقة في أرجاء الجمهورية كافة، والتي انتهت قبل شهر رمضان المبارك، مما أدى إلى نوع من أنواع العقد الاجتماعي غير المكتوب بين الحكومة والمواطنين ووحدات الإنتاج التي ينطبق عليها الأمر ذاته.
- نجحت الحكومة في التوقف عن انقطاع التيار الكهربائي خلال شهر رمضان، مما لقي استحساناً لدى المواطن.
- من المنتظر أن يعود جدول تخفيف الأحمال ليبدأ من الساعة الحادية عشرة صباحاً وحتى الخامسة مساءً في جميع أنحاء الجمهورية.
- يصدر مجلس الوزراء بياناً قريباً لتوضيح مواعيد تخفيف الأحمال وفقاً كل منطقة في الفترة المقبلة.
- من المنتظر أن يأخد الجدول في الاعتبار، مواعيد اختبارات الفصل الدراسي الثاني لجميع المراحل الدراسية.
وأشار إلى أن الحكومة أكدت منذ عدة أشهر أن أسباب تخفيف الأحمال مرتبطة بالنقص في معدلات الوقود الواردة في محطات الإنتاج، إضافة إلى ذلك ارتفاع نسب الاستهلاك، خاصة في ظل استخدام المواطن للكهرباء بطريقة غير رشيدة، واكتشاف الكثير من حالات سرقة الكهرباء بطرق مختلفة. فيما ألمح إلى الحديث عن تفاوض الدولة على تأجير سفن لتحويل الغاز الطبيعي المسال إلى وضعه الغازي لإمداد المحطات الكهربائية، لا سيما وأن مصر لا تمتلك محطات لتحويل الغاز المسال إلى صورته الغازية.
وشدد على أن وزارة الكهرباء تحتاج 135 مليون متر مكعب من الغاز و10 آلاف طن من المازوت يومياً حتى تنتهي الانقطاعات المتكررة للكهرباء في جميع أرجاء مصر، موضحاً في الوقت نفسه أن مصر بدأت في استخدام "المازوت" بجانب الغاز الطبيعي، مما يُوفِّر العملة (..).
ولفت الوزير المفوض وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة، في السياق نفسه إلى اعتماد القاهرة على الغاز الوارد من إسرائيل، في تلبية الطلب المحلي، علاوة على تصدير الفائض إلى القارة العجوز على هيئة غاز مسال، وذلك عبر تسييله في "إدكو ودمياط"بطاقة إنتاجية تقدر بـ2.1 مليار قدم مكعب يومياً.
متى ينتهي تخفيف الأحمال؟
وأكد أن مشكلة تخفيف الأحمال لن تستمر لفترات طويلة لعدة أسباب هي:
- انتهاء مشكلة العملة الصعبة.
- العمل على الانتهاء من محطة الضبعة النووية.
- الاكتشافات البترولية والغاز الطبيعي في عدد من الأماكن المختلفة.
- تطور العلاقات بين مصر والدول العربية إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية الأوسع، بما قد يدعم استيراد القاهرة الغاز الطبيعي بنظام العملات المحلية، لتخفيف الضغط على العملات الأجنبية.
- تطور الاقتصاد المصري وتنوعه بالكامل ما بين اقتصاد إنتاجي واقتصاد خدمي، إلى جانب تدفق المستثمرين على مصر، وزيادة معدلات السياحة، بالإضافة إلى ذلك حالة الاستقرار التي تشهدها البلاد على المستويات السياسية والأمنية والمجتمعية كافة، والتي سوف تؤدي إلى إنهاء الأزمة في أقرب وقت.
وبذلك، توقع الوزير المفوض وعضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأمم المتحدة، في معرض حديثه مع موقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" انتهاء أزمة تخفيف الأحمال مع نهاية العام الجاري. وأكد أن انقطاع التيار الكهربائي لا يحدث بشكل عشوائي، خاصة مع ولاية الرئيس عبد الفتاح السيسي الجديدة، لافتًا إلى أن ما كان يحدث في السابق بسبب الشح في العملات الأجنبية والأزمة الكبيرة التي مرت بها مصر.
وشدد على ضرورة سن تشريعات من شأنها معاقبة المتهمين بسرقة التيار الكهربائي لتخفيف الأحمال، متوقعاً أن تكون الحكومة أكثر رشداً وعطفًا على المجتمع في الفترات المقبلة، بحسب وصفه.
تدفق الاستثمار والالتزامات الحكومية
وتعليقاً على ذلك، شدد مدير مركز العاصمة للدراسات، خالد الشافعي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، على أن أزمة انقطاع التيار الكهربائي منذ فصل الصيف الماضي كانت نتيجة لنقص العملة الأجنبية، حتى توفر الدولة ما يحتاجه المواطن من سلع أساسية ومستلزمات، ذلك أن الحكومة حاولت خلق حالة من التوازن بين توفير السلع وتخفيف الأحمال.
وأضاف: بحدوث الانفراجة الاقتصادية نتيجة بعض المشروعات الاستثمارية مثل "مشروع رأس الحكمة" وتدفق الأموال الأجنبية في مصر، وزيادة الفرص الاستثمارية، إلى جانب جذب عديد من الاستثمارات الجديدة أكثر ما كان متوقع، فإن هذه الأموال كافية لمعالجة الأزمة التي واجهت وزارتي الكهرباء والبترول، لتوفير ما تحتاجه محطات الطاقة الكهربائية من وقود، حتى لا يتم انقطاع التيار الكهربائي خلال فترة الصيف المقبل.
وفيما أشار إلى غياب الكثير من العوامل التي تسببت في الأزمة خلال العام الماضي، فإنه شدد على ضرورة حل هذه الأزمة لعدم عودة الانقطاع الكهربائي مرة أخرى حتى لا تفقد الحكومة مصداقيتها تجاه المستثمرين والمواطنين.
كما أشار إلى أن مصر لديها عديد من مصادر الدعم، مثل شريحة صندوق النقد الدولي، إلى جانب الاتحاد الأوروبي، علاوة على دعم الخليج "المشروعات الاستثمارية"، إضافة إلى القضاء على السوق السوداء، وسداد الالتزمات الحكومية من أقساط وسداد فوائد، وبالتالي "آن الأوان أن ينعم المواطن المصري بالانفراجة الاقتصادية والتي من شأنها مواصلة التيار الكهربائي خلال فترة الصيف، بعد إحداث نقلة نوعية بشأن الاقتصاد المصري".
واستطرد: "انقطاع التيار الكهربائي يسبب كثيراً من المشكلات للمستثمرين وأصحاب الشركات، إلى جانب المواطنين، كما أنه يخلق نوعاً من عدم الرضا التام على أداء الحكومة في التعامل مع هذه الأزمة"، مطالبًا الحكومة بالتعامل بحرفية شديدة مع هذه الأزمة وتجاوز التحديات التي تعترض وزارتي الكهرباء والبترول نتيجة العقبات العالمية.