رفع البنك المركزي الياباني، الثلاثاء، نسبة فائدته الرئيسية، واضعا حدا لسياسة معدل الفائدة السلبي التي كان آخر مصرف مركزي في العالم يعتمدها، مستندا في ذلك إلى زيادة في الأجور سجلت مؤخرا في البلاد.
وكان بنك اليابان يعتمد معدلات فائدة سلبية منذ العام 2016 بهدف دعم النشاط الاقتصادي وتشجيع التضخم الذي بقيت نسبته ضعيفة لوقت طويل في اليابان.
وعلق الخبير الاقتصادي توم كيني في مذكرة لمصرف "إيه إن زد" أنه "عهد جديد" لبنك اليابان الذي كان يتبع سياسة شديدة التساهل منذ 2013.
ونظرا إلى دينامية باتت "أكثر متانة" بين الأجور والتضخم في اليابان قرر البنك المركزي اعتماد معدل فائدة للقروض القصيرة الأجل يتراوح بين صفر و0.1 بالمئة، في مقابل -0.1 بالمئة إلى صفر بالمئة سابقا.
وأوضح المصرف أن نسبة الفائدة الرئيسية هذه للقروض بين المصارف على أساس يوميّ ستكون اعتبارا من الآن "أداته الرئيسية".
وقال حاكم المصرف كازوو أويدا الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي في طوكيو "ستكون سياسة نقدية عادية".
لكنه أضاف أنه في ظل التوقعات الراهنة بشأن النشاط الاقتصادي والأسعار في اليابان، سيتم "تفادي وتيرة سريعة" لزيادات معدلات الفائدة، مشددا على ضرورة الحفاظ على شروط مالية "مواتية" في الوقت الراهن.
ومن المتوقع أن تستمر هذه المرحلة لوقت طويل إذ يعتقد البنك المركزي أن سيتم تحقيق هدفه القاضي بالتوصل إلى نسبة تضخم قدرها 2 بالمئة في أواخر فترة توقعاته الأخيرة للاقتصاد الكليّ الصادرة في يناير، ما يعني أنها ستستمر حتى 2025-2026 على أقرب تقدير.
مواصلة شراء السندات
كذلك أوقف البنك المركزي الثلاثاء العمل بأداة لضبط منحنى العائدات على السندات اليابانية، كانت تهدف إلى إبقاء هذه العائدات للسندات على عشر سنوات في جوار صفر بالمئة.
والواقع أن هذه الأداة المثيرة للجدل إذ تتسبب بخلل في سوق السندات، لم تكن مستخدمة عمليا منذ العام الماضي إذ أضفى عليها البنك المركز مرونة متزايدة وكان يقبل منذ نهاية أكتوبر الماضي بتجاوز سقف "مرجعي" نسبته 1 بالمئة للعائدات على عشر سنوات.
غير أن المؤسسة تعتزم مواصلة شراء سندات عامة يابانية "بالنسب نفسها تقريبا" للاحتفاظ بقدرتها على التحرك بفاعلية في حال حصول "زيادة سريعة" في العائدات البعيدة الاجل.
ويبلغ حجم مشتريات البنك المركزي الياباني من السندات حاليا حوالى ستة مليارات ين في الشهر (حوالى 37 مليار يورو).
من جهة أخرى، سيوقف البنك المركزي برامجه لشراء أصول مالية أخرى من صناديق استثمار متداولة في البورصة وصناديق عقارية يابانية مشتركة، كما سيعمد إلى "الحد تدريجيا" من عمليات شراء سندات ديون شركات وصولا إلى وقفها "بحلول عام تقريبا".
بورصة طوكيو مطمئنة لكن الين يتراجع
ولم يفاجئ هذا التحول في سياسة البنك المركزي النقدية الأسواق المالية، ولا سيما بعد النتائج الأولية الجمعة للمفاوضات السنوية حول الأجور والتي أفضت إلى زيادة قياسية في الأجور في اليابان منذ 1991.
وأقر أويدا الثلاثاء بأن هذه النتائج "كانت عاملا مهما" لبدء العودة إلى سياسة نقدية عادية.
وكان هذه العامل المحوري الذي كان البنك المركزي ينتظره للبدء بتغيير وجهته، بعد حوالى عامين على بدء تشديد كبير في شروط الاقتراض في الولايات المتحدة وأوروبا تحت تأثير ضغط تضخّمي شديد.
وتسجل اليابان بدورها تضخما منذ 2022 مع ارتفاع أسعار الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، ما جعل البلاد تتخطى عتبة 2 بالمئة التي حددها البنك المركزي هدفا.
لكن الطلب الداخلي والنمو الاقتصادي لا يزالان ضعيفين في اليابان، ما يجعل من الصعب إبقاء التضخم دون هذا المستوى بشكل دائم.
وعلى إثر قرارات البنك المركزي ونبرته المتساهلة، انتعش مؤشر نيكاي، المؤشر الرئيسي في بورصة طوكيو، فعوّض خسائره وأغلق على ارتفاع قدره 0.66 بالمئة
غير أن الين سجل تراجعا كبيرا مقابل الدولار وصل إلى 1.02 بالمئة إذ بلغ سعر تداول الدولار 150.69 ينا في الساعة 9,55 ت غ، بالمقارنة مع حوالى 149.3 ينا للدولار قبل صدور إعلان البنك المركزي.
وبإفساحه المجال لعائدات أفضل على الودائع المصرفية والاستثمارات في اليابان، فإن نسبة الفائدة الرئيسية الإيجابية هذه قد تعزز في نهاية المطاف القدرة الشرائية للأسر وتشجع النمو الاقتصادي، على ما أوضح شارو شانانا الخبير الإستراتيجي لدى "ساكسو كابيتال ماركتس".