أظهر ما حدث مع سهم شركة إنفيديا، الجمعة، نموذجاً بالغ الوضوح لما يمكن أن تصبح عليه الأمور في عالم الأسهم والتداول بين لحظة وأخرى.
فخلال التداولات، سجلت أسهم الشركة الشهيرة، صانعة رقائق الذكاء الاصطناعي، بجلسة الجمعة الماضية، انعكاساً حاداً في ساعات معدودة، إذ ارتفعت قيمة سهم إنفيديا بأكثر من 5.1 بالمئة، قبل أن تعود وتنخفض بنسبة 5.6 بالمئة، مسجلة أكبر تراجع منذ 31 مايو 2023.
ومع بداية تداولات يوم الجمعة الماضي، كان سعر سهم إنفيديا قريباً من مستوى 950 دولاراً، ليرتفع خلال ساعات النهار إلى 973 دولاراً مسجلاً مستوى قياسياً، قبل أن يحدث ما لم يكن بالحسبان ويتراجع السهم فجأة إلى 851 دولاراً، ما محا نحو 130 مليار دولار من القيمة السوقية لإنفيديا في ساعات معدودة.
إلا أن السهم ارتفع مرة أخرى ليتجاوز مستوى 900 دولار خلال تداولات الأسبوع الجاري.
أكبر عملية تراجع في القيمة
بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ، فإن التراجع الذي سجله سهم إنفيديا خلال ذلك اليوم، كان واحدا من أكبر عمليات التراجع التي قد يعاني منها سهم ما في يوم واحد، بعد أن قفزت قيمة سهم إنفيديا بأكثر من 19 بالمئة في ستة أيام تداول متتالية.
وحتى بعد انخفاض يوم الجمعة، فإن سهم إنفيديا قد ارتفع بأكثر من 70 بالمئة في عام 2024، وسط تزايد التفاؤل بأن الطلب على رقائقها المستخدمة في حوسبة الذكاء الاصطناعي سيظل قوياً، لتصل القيمة السوقية للشركة إلى نحو 2.2 تريليون دولار.
وتعد إنفيديا ثالث أكبر شركة في مؤشر "ستاندرد اند بورز 500" بعد شركتى مايكروسوفت وأبل.
ورغم أن ما حدث مع سهم إنفيديا حدث في جلسة واحدة فقط، إلا أن حركة السوق في ذلك اليوم المخيف قدمت للمتداولين إشارة مبدئية على أن الارتفاعات في سهم إنفيديا وغيره من أسهم شركات تصنيع الرقائق وأشباه الموصلات، ربما تكون إشارة على أن تلك الأسهم قد وصلت إلى السعر الأكبر في الوقت الحالي.
تراجع طبيعي وفني بامتياز
قال كبير محللي الأسواق في مؤسسة "XTB MENA" هاني أبو عاقلة، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن سهم إنفيديا أصبح "يتداول بزخم" في الآونة الأخيرة بعد أن تحوّل إلى سهم قيادي فيما يخص الذكاء الاصطناعي، حيث أصبح إسم الشركة الأميركية مرتبطاً دائماً بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن التراجع الذي سجله سهم إنفيديا خلال تداولات يوم الجمعة الماضي، طبيعي جداً وسببه عمليات جني الأرباح.
ويشرح أبو عاقلة، أن سهم إنفيديا ارتفع من مستوى 600 دولار تقريباً، إلى مستوى يفوق 800 دولار، وهذا الصعود القوي أتى بعد إعلان الشركة الشهر الماضي عن نتائجها الفصلية الإيجابية، ما فتح المجال لتقييمات المحللين، بأن يتخطى هذا السهم حاجز 1000 دولار، وهو بالفعل ما كاد أن يتحقق مع اقتراب السهم من مستوى 973 دولاراً يوم الجمعة، قبل أن يبدأ مساره التراجعي.
وأشار أبو عاقلة إلى أن ما حدث يمكن وصفه بالهبوط الفني بامتياز، فسهم إنفيديا اتقرب من "المستوى الفني" المتوقع له عند نحو 1000 دولار أميركي.
وبحسب أبو عاقله، فإن سهم إنفيديا صعد بنسبة 70 بالمئة منذ بداية عام 2024 الحالي، وبالتالي فإن تسجيله لهبوط نسبته 5 بالمئة، لا يعني شيئاً مقابل الصعود القوي جداً، فالقيمة السوقية لإنفيديا أصبحت متضخمة، ولذلك فالتراجع في سهم الشركة خلال الجمعة الماضية بنحو 5 بالمئة، قد تسبب بفقدان الشركة 130 مليار دولار من قيمتها السوقية.
وأوضح أن إنفيديا تخطت شركات كبيرة من حيث القيمة مثل أرامكو، لتصل الآن إلى مستوى قريب من 2.2 تريليون دولار أميركي.
سهم إنفيديا ليس القيادي الوحيد
أكد أبو عاقلة أن وجود تصحيحات على سعر السهم، بنسبة تتراوح بين 5 إلى 6 بالمئة خلال جلسة واحدة، هو أمر صحي ولا يدل على هبوط مخيف، فالتراجع الذي حصل ليس بالهبوط الخارق الذي قد يمحي كل أرباح السنوات الماضية.
"ما حصل مع إنفيديا هو نتيجة دخول سيولة عالية ومضاربة على السهم، كون هذا السهم هو السهم القيادي في الذكاء الاصطناعي"، بحسب أبو عاقلة، والذي أشار إلى أن سهم إنفيديا ليس السهم القيادي الوحيد الذي شهد ارتفاعا كبيرا خلال الأيام الماضية، فهناك سهم شركة LLY وهو السهم القيادي في القطاع الصحي، وسهم SMCI والذي ارتفع بقوة تفوق ارتفاع سهم إنفيديا، حيث سجّل ارتفاعاً بنسبة 1300 بالمئة، وهناك أيضا سهم مايكروستراتيجي، الذي سجّل صعوداً قوياً تمثل بارتفاعه من 200 إلى 1400 دولار، أي أنه ارتفع بنسبة 600 بالمئة، هذا إضافة إلى سهم شركة AMD الذي ارتفع بنسبة 200 بالمئة.