يبدو أن الاقتصاد المصري على موعد مع المليارات في العام الحالي، فهناك نحو 56 مليار دولار تطرق أبواب القاهرة للدخول في شريان الاقتصاد بعد أزمات متتالية أنهكته (بدءا من جائحة كورونا إلى الحرب الأوكرانية وأخيرا الحرب في غزة).
وتشمل هذه التدفقات:
- 35 مليار دولار من مشروع رأس الحكمة
- 9.2 مليار دولار تمويل من صندوق النقد وصندوق البيئة
- تمويل بقرابة 12 مليار دولار من من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي.
من جهته، توقع معهد التمويل الدولي، الخميس، أن يبلغ إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي في مصر إلى ما يزيد عن 50 مليار دولار، أي ما يكفي ثمانية أشهر من الواردات، بنهاية السنة المالية الحالية، بدعم من صفقة رأس الحكمة الاستثمارية وإبرام الحكومة اتفاق موسع مع صندوق النقد الدولي.
وأضاف المعهد في تقرير صدر حديثا أن إبرام مصر لاتفاق بقيمة ثمانية مليارات دولار مع صندوق النقد، بدلا من ثلاثة مليارات دولار في السابق، والخفض القوي لسعر صرف الجنيه، الذي تجاوز 50 جنيها في البنوك التجارية أمس الأربعاء، فاقا التوقعات.
وكان البنك المركزي المصري قد كشف، الثلاثاء، عن ارتفاع صافي احتياطيات النقد الأجنبي إلى 35.31 مليار دولار بنهاية فبراير، من 35.25 مليار دولار بنهاية يناير.
"أن نطاق وسرعة إبرام مصر لصفقة رأس الحكمة الاستثمارية مع الإمارات، والتي ستدر تمويلا فوريا بقيمة 35 مليار دولار، تجاوز التوقعات وأن رد فعل السوق عليها كان إيجابيا" بحسب معهد التمويل الدولي.
كما من المقرر أن تتلقى مصر بفضل الصفقة 24 مليار دولار في صورة سيولة مباشرة وأن يجري شطب 11 مليار دولار من ودائع الإمارات في البنك المركزي نتيجة تحويلها إلى الجنيه المصري وضخها في مشروعات لدعم التنمية والتطوير الاقتصادي.
وقال التقرير إن شطب الودائع الإماراتية من شأنه خفض صافي الالتزامات الأجنبية على البنك المركزي بواقع ثلاثة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، تقريبا مما سيؤدي لأن يسجل المركزي صافي أصول أجنبية إيجابيا في السنة المالية 2023-2024.
وأضاف التقرير "الأكثر أهمية، أن شطب ودائع الإمارات سيقلص إجمالي الدين الخارجي. بالقيمة الدولارية، نتوقع أن ينخفض إجمالي الدين الخارجي من ذروة عند 165 مليار دولار في السنة المالية 2022- 2023 إلى 157 مليارا في السنة المالية 2023 - 2024".
وقال المعهد إن برنامج صندوق النقد الدولي سيضع أجندة إصلاحية والتي بجانب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من مشروع رأس الحكمة يمكن أن يضع مصر على مسار مستدام. وأشار إلى أن تحرير سعر صرف الجنيه سيمثل حافزا للخصخصة والمزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ما هي خطة الحكومة؟
بموجب الاتفاق الأحدث مع صندوق النقد الدولي، تلتزم السلطات بمرونة في سعر الصرف فضلا عن الانضباط المالي من أجل خفض التضخم وعجز الميزان التجاري.
كما تتضمن الخطة التي قادت للاتفاق إصلاحات هيكلية لتشجيع نمو القطاع الخاص، بسياسات من بينها إلغاء الإعفاءات والامتيازات للشركات المملوكة للدولة والتي تتمتع بثقل كبير.
وقال صندوق النقد الدولي إن الاتفاق ينص أيضا على "إطار عمل جديد لإبطاء الإنفاق على البنية التحتية بما في ذلك المشاريع التي عملت حتى الآن خارج نطاق الرقابة على الميزانية العادية".
قيمة العملة
كما توقع التمويل الدولي صعود قيمة العملة المصرية إلى نحو 42.5 جنيه للدولار خلال العام المالي 2024-2025، بالمقارنة مع السعر الحالي عند قرابة الخميس جنيها لكل دولار.
كما رجح معهد التمويل أن يصل متوسط سعر صرف الجنيه المصري إلى نحو 33.5 أمام الدولار في العام المالي الحالي.
ويبدأ العام المالي بمصر في أول يوليو حتى نهاية يونيو من العام التالي.
السيطرة على الدين الخارجي
أكد معهد التمويل إن الدين الخارجي في مصر، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، سيظل قابلا للإدارة عند 45 بالمئة في السنة المالية 2023 - 2024 ارتفاعا من 42 بالمئة في 2022 - 2023.
وأوضح أن المكاسب المفاجئة الكبيرة من النقد الأجنبي التي ستتحصل عليها مصر ستساهم في تخفيف الضغوط التمويلية التي تواجهها البلاد.
ولفت المعهد إلى أنه كان قد توقع أن يبلغ إجمالي الاحتياجات التمويلية لمصر نحو 15 مليار دولار وذلك بشكل تراكمي في الفترة من السنة المالية 2023 - 2024 إلى السنة المالية 2025 - 2026.
وقال المعهد إن السيولة المباشرة بالنقد الأجنبي البالغة 24 مليار دولار التي ستحولها الإمارات لمصر ستساهم في تغطية أي احتياجات تمويلية متبقية في المستقبل المنظور على الرغم من أن جزء من تلك الأموال سيستخدم لأغراض أخرى منها تصفية طلبات الاستيراد المتراكمة من أجل إدارة الضغط في سوق الصرف الموازية.
تحذيرات.. الحلول قصيرة الأمد
لكن المعهد وصف في تقريره إن التدفق الكبير للنقد الأجنبي على مصر بأنه علاج قصير الأمد مشيرا إلى أن مصر بحاجة لأن تظل على مسار الإصلاح من أجل تحقيق الاستدامة على الأمد الطويل.
وأضاف أن المشروعات العملاقة السابقة، لا سيما العاصمة الإدارية الجديدة، أثقلت كاهل مصر بديون خارجية كبيرة بينما أثرت سلبا على ميزان المعاملات الجارية والميزانية.
وقال التقرير "في 2015، عندما جرى الإعلان عن العاصمة الإدارية الجديدة تم تقديم وعود أيضا باستثمارات أجنبية مباشرة كبيرة، لكن الكثير من تلك الوعود لم يتحقق".
وأضاف "نأمل في أن تكون مصر قد تعلمت من أخطاء الماضي وقادرة على الاستفادة بشكل كامل من هذه الفرصة بينما تواصل الإصلاحات الهيكلية المدعومة من صندوق النقد والتي تركز على استقرار الاقتصاد الكلي واستعادة الاحتياطيات، والتحول نحو سعر صرف تحدده السوق وتمكين النمو بقيادة القطاع الخاص".
ووفقا لبيانات المعهد، من المتوقع نمو اقتصاد مصر 2.6 بالمئة في السنة المالية الجارية، ومن ثم سينتعش النمو إلى 4.5 بالمئة في 2024-2025.