خيّبت البتيكوين التوقعات السابقة بتحقيقها مستويات قياسية بعد الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة للعملة المشفرة، بينما تنتظر في الوقت نفسه عدداً من التطورات، سواء المرتبطة بها بشكل مباشر مثل عملية "التنصيف" المرتقبة في شهر أبريل المقبل، والعوامل غير المرتبطة وعلى رأسها تطورات السياسات المالية والنقدية، بخلاف التوترات الجيوسياسية.
وفيما بددت تصريحات مسؤولي البنوك المركزية الكبرى في الأيام الأخيرة، وعلى رأسهم الفيدرالي الأميركي، توقعات الأسواق بخفض على المدى القصير لأسعار الفائدة، فإن العملات المشفرة تأثرت إلى حد كبير بتلك التطورات، وهو ما انعكس على أدائها في الأسبوع الماضي بشكل لافت.
- أبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي على معدلات الفائدة عند مستوى 5.25 و5.5 بالمئة، وهو أعلى مستوى للفائدة في أكبر اقتصاد بالعالم منذ نحو 22 عاما، لكنه ألمح بقدر كبير إلى خفضها في الأشهر المقبلة في بيانه بشأن السياسة النقدية، والذي خفف من مخاوف التضخم ومخاطر أخرى على الاقتصاد.
- حافظ المركزي الأوروبي على سعر الفائدة الرئيسي على الودائع وهو معيار للائتمان في منطقة اليورو، عند مستواه المرتفع تاريخيا والبالغ 4 بالمئة الذي وصل إليه في سبتمبر. وأكد المركزي الأوروبي أنه سيبقى عند هذا المستوى لبعض الوقت.
وينظر المتعاملون في العملات المشفرة إلى تلك البيانات بعناية، لا سيما وأن خفض الفائدة يمثل نبأ إيجابياً بالنسبة لها، بينما الفوائد المرتفعة تجعل المتعاملين يهربون من أدوات المخاطرة لصالح الأدوات الأكثر استقراراً، رغم أن العملات المشفرة خالفت تلك القاعدة في عديد من المناسبات والفترات، خاصة العام الماضي، ولا سيما لظهور تداعيات أخرى متعلقة بارتدادات التوترات الجيوسياسية.
من شأن تصاعد التوترات الجيوسياسية تشجيع المتعاملين على التوجه لأصول المخاطرة، وفي ضوء تقلبات الأسواق وحالة عدم اليقين التي تفرض نفسها بشكل لافت على الأوضاع الاقتصادية العالمية، وبما قد يشكل عاملاً إيجابياً مؤثراً في أداء العملات المشفرة التي خرجت أساساً في البداية من رحم الأزمة المالية العالمية.. فإلى أين تتجه العملات المشفرة في الربع الأول من العام الجاري؟ وكيف يمكن أن تتأثر باتجاهات الفائدة والعوامل الجيوسياسية المختلفة؟
تراجع متوقع
المدير التنفيذي في شركة VI Markets أحمد معطي، قال في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن العملات المشفرة شهدت تراجعاً ملحوظًا في الأيام الماضية، فقد انخفض سعر البيتكوين من 47 ألف دولار للعملة إلى مستويات ما بين 42 إلى 43.5 ألف دولار، وذلك بعد موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصة الأميركية، على تغيير القواعد للسماح بإنشاء صناديق تداول بيتكوين في الولايات المتحدة.
وأضاف معطي أن:
- هذا الهبوط يأتي معاكسًا لتوقعات الارتفاعات التي صاحبت خطوة ترخيص صناديق تداول البيتكوين.
- العملات المشفرة عندها ظهورها كان أهم ما يميزها حريتها المالية وعدم خضوها لأية تحكمات من أي شكل وهذا ما يخفف من حدة الرقابة عليها.
- عندما تدخل هذه العملات إلى صناديق الاستثمار وتصبح تحت الرقابة، هذا يفقدها ميزة رئيسية فيها.
وتوقع أن يشهد شهر فبراير الجاري تحركات بين مستويات الـ 38 ألف دولار وحتى الـ 45 ألف دولار للبتكوين الواحدة، حتى حدوث "التنصيف" في إبريل المقبل وقتها من الممكن أن يكون هناك طفرة سعرية في العملات المشفرة.
بيع كثيف
ويعتقد محللون على نطاق واسع بأن عمليات البيع الكثيف الذي شهدته العملة المشفرة ربما وصلت إلى ذروتها أخيراً، وهو ما أكده تقرير صادر عن "جيه بي مورغان"، بينما آخرون يتوقعون مستوى منخفضاً إلى 36 ألف دولار.
- حققت العملة المشفرة مكاسب كبيرة في النصف الثاني من العام الماضي 2023 مدعومة بتأهب المستثمرين لصدور الموافقة على صناديق الاستثمار المتداولة.
- لكن بعد الموافقة شهدت الأسعار تراجعاً فورياً بلغت نسبته حوالي 18 بالمئة حتى الآن وسط ضغوط بيعية.
تفاؤل وتشاؤم
محلل أول الأسواق المال في مجموعة إكويتي، أحمد عزام، قال في تصريحات لـ "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن شهر فبراير قد يحمل مشاعر مختلطة بالنسبة للمستثمرين.
- متفائلون بالتقدم الحاصل الشهر الماضي بموافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على صناديق البيتكوين الاستثمارية المتداولة الفورية وما تنتظره الأسواق من تنصيف المكافأة للبيتكوين القادمة في إبريل.
- متشائمون ببقاء أسعار الفائدة مرتفعة في الربع الأول لعام 2024، فالفوائد المرتفعة تدفع المستثمرين للعزوف عن المخاطرة والتي على رأسها العملات الرقمية.
وكان رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، قد قال إنه من غير المرجح أن يتم خفض الفائدة في مارس المقبل. وذلك في الوقت الذي تتراجع فيه أيضاً توقعات الأسواق بشأن خفض الفائدة بنهاية الربع الأول، مقارنة بتوقعات سابقة كانت ترى نسبة تصل إلى 90 بالمئة لخفض الفائدة في مارس.
وأضاف عزام: "يبقى التفاؤل هو السائد في تقديره، وبأن العام 2024 سيحمل معه بدء دورة السياسة التيسيرية للبنوك الكبرى، مما قد يعطي بعض التفاؤل بأن عام 2024 قد يكون عام الارتفاع لأصول المخاطرة.
وتابع عزام أن عملة سولانا واحدة من الخيارات التي تنتظر تحركات، لعدة أسباب:، من بينها أنها لا تزال توفر حلولاً لعديد من مشاكل عمالقة العملات الرقمية مثل عمولات التحويلات، فهي تعتبر الأقل بين العملات الرقمية الكبرى.
علاوة على أنها تغامر بالدخول إلى عالم الأجهزة من خلال مشاريع مثل هاتف Saga الذكي، حيث تم تصميم هاتف Saga الذكي، الذي تم إصداره في أبريل الماضي للتفاعل مع تطبيقات web3 على شبكة Solana، ويشير الإعلان الأخير عن هاتف Saga Chapter 2، وهو هاتف ذكي بسعر معقول يبلغ 450 دولارًا، إلى طموح سولانا للوصول إلى جمهور أوسع.