تنتظر سوق العملات المشفرة وعلى رأسها "البيتكوين" أحداثاً هامة خلال العام الجاري 2024 قد تغير عديداً من المعطيات المرتبطة بها بالكامل، لا سيما مع قرب موافقة لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية SEC على صناديق الاستثمار المتداولة لبتكوين الأسبوع الجاري.
وبحسب ما نقلته "رويترز" عن مصادر مطلعة، فإن شركات إدارة الاستثمار وبورصات الأوراق المالية ولجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، ناقشوا الجمعة تغييرات الصياغة النهائية بشأن طلبات صناديق الاستثمار المتداولة في البيتكوين الفورية، وهي خطوة قد تؤدي إلى موافقة الولايات المتحدة على الصناديق للمرة الأولى الأسبوع الجاري.
تنضم تلك الخطوات إلى عوامل أخرى من شأنها أن تدعم العملات الرقمية في العام الجديد، من بينها اتجاه الفيدرالي الأميركي إلى خفض الفائدة مع إنهاء سياسة التشديد النقدي، وغيرها من المؤشرات.
فإلى أي مدى يمكن أن تشكل تلك الأنباء طفرة بالنسبة للبتكوين ورفاقها؟ وهل يمكن للعملات المشفرة تحقيق زخم أوسع في 2024 تعاود من خلاله تحقيق مستوياتها المرتفعة السابقة؟
أسباب النمو
محلل أول أسواق المال في مجموعة إكويتي، أحمد عزام، قال في تصريحات لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن هناك 3 أسباب ستكون عوامل مساهمة لتحقيق نمو سعري في العملات المشفرة خلال 2024 وهي:
السبب الأول.. صناديق الاستثمار
خلال شهر يناير الجاري من المتوقع موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على صناديق الاستثمار الفورية للتداول في العملات الرقمية، وهذا الأمر حال حدوثه سيكون لاعبًا أساسيًا في نمو هذه السوق؛ بسبب تغير نبرة المشرعين الأميركيين ناحية العملات الرقمية من جهة، ومن جهة أخرى دخول المؤسسات الأميركية كممول لهذه الأصول وهذا ما سيتبعه بالضرورة ارتفاع حجم الطلب على العملات الرقمية.
وتقدم كثير من مديري الأصول بطلب للحصول على إذن لإطلاق صناديق بتكوين المتداولة منذ 2013، لكن هيئة الأوراق المالية والبورصة رفضتها، واعتبرت أن المنتجات ستكون عرضة للتلاعب بالسوق.
كما قدمت 14 شركة بما في ذلك بلاك روك، طلبات للحصول على صناديق استثمار متداولة لـبتكوين في العام الماضي وتنتظر قرارًا من هيئة الأوراق المالية والبورصات.
السبب الثاني.. الهالفينغ
خلال شهر إبريل تجرى عملية الهالفينغ، أو تنصيف البتكوين، أي تقليل مكافأة المعدنين للبتكوين، وهذا ما سينتج عنه خفض معدل المعروض. ومن المعروف اقتصاديًا أن خفض المعروض يتبعه دفعه سعرية للأصل المالي.
ومن جهة أخرى، فإن تنصيف البتكوين تاريخيًا كان يمثل دافعًا سعريًا لهذه العملة الرقمية الهامة، وهذا ما سينتج عنه دفع سعر إيجابي لتداول البتكوين والعملات الرقمية الأخرى ، حيث يمثل البتكوين ما بين 48 بالمئة إلى 50 بالمئة من مجتمع العملات الرقمية، وبالتالي فإن حدوث طفرة سعرية له سينعكس إيجابيًا على باقي العملات الرقمية، وفق عزام.
السبب الثالث.. خفض الفائدة
يشير عزام إلى أن شروع البنوك المركزية الكبرى لتخفيض أسعار الفائدة بعد منتصف 2024، باعتباره أمر مؤثر على العملات المشفرة، ذلك أنه دائمًا ما يعطي انخفاض أسعار الفائدة طابعاً إيجابياً للأصول المالية ذات المخاطرة، بحيث يعطي دافع لنقل الأموال من الأصول الاستثمارية الآمنة إلى الأصول ذات المخاطرة، وهذا ما يصاحبه ارتفاع الطلب على العملات الرقمية من جهة وفي نفس الوقت أسهم هذه العملات.
ويرى محلل أول أسواق المال في مجموعة إكويتي، أن هذه النقاط الثلاث السابقة ستشكل دافعًا قويًا لنمو سوق العملات الرقمية بشكل لافت خلال 2024 حتى في ظل التوترات الجيوسياسية، لأن هذه التوترات دائمًا ما تكون لها حدة على الأسواق المالية في بدايتها، ثم مع مرور الوقت تخف هذه الحدة إلى درجة تجاهلها.
ويُمكن إضافة عامل رابع رئيسية لتلك العوامل، وهو ما يتعلق بتداعيات التطورات الجيوسياسية التي يشهدها العالم، وتأثيراتها الشديدة على الوضع الاقتصادي، وحالة عدم اليقين التي تلف المشهد الاقتصادي العالمي بوجه عام، وهو ما قد يعد حافزاً للبعض من أجل التوجه إلى الأصول ذات المخاطرة العالية في بعض الأحيان.
أداء مميز للبتكوين
وحققت عملة البتكوين أداءً مميزاً في العام الفائت 2023، وقفزت بنحو 150 بالمئة. وبعد أن بدأت البتكوين عام 2023 عند مستوى 16.6 ألف دولار، اقتربت في نهاية العام من مستوى 42 ألف دولار، ورغم ذلك فإنها لا تزال بعيدة عن أعلى مستوى قياسي سجلته في نوفمبر 2021 عندما تجاوزت 68.7 ألف دولار.
وكان العام 2023 عامًا مُربكاً إلى حدا ما بالنسبة لسوق العملات المشفرة، إذ واجه تحديات عديدة تنوعت بين تشديد القيود التنظيمية من جانب الهيئات الرقابية، وخروج بعض المنصات من الأسواق الكبرى من ناحية. ومن ناحية أخرى شكل الزخم المثار حول الصناديق الخاصة بالعملات المشفرة دفعة للسوق، لتحقق ارتفاعات نسبية.
هل تواصل الارتفاع؟
المدير التنفيذي في شركة VI Markets أحمد معطي، تناول في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" هذا الجانب المرتبط بطبيعة تلك العملات في الأساس، فقد أوضح أن سبب نجاح العملات الرقمية وعلى رأسها البيتكوين وهي كونها عملات مشفرة وخارج الرقابة وبالتالي فلا قيود عليها وهذا ما يجعلها ترتفع دون حدود، معتبرًا أنه حال موافقة هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على صناديق الاستثمار في هذه العملات ربما تفقد ميزتها التنافسية بغيرها من الأصول المالية الأخرى.
وأضاف معطي أن المتداولين في هذه الأسواق دائمًا ما ينادون بالحرية المالية في التداول، خصوصًا وأن هذه العملات لم تكن خاضعة لرقابة البنوك المركزية أو أية مؤسسات مالية عالمية، متوقعًا ألا تحدث ارتفاعات بشكل يبهر المتداولين للأسباب سالفة الذكر.
واعتبر توقع بعض المنصات الكبرى بأن يعادل البيتكوين 500 ألف دولار لكل بيتكوين عقب إدراج هذه الصناديق في البورصة الأميركية أمرًا مبالغًا فيه، وحتى حال حدوث ارتفاعات فلن تكون بهذا المستى، لأن العملات الرقمية من الصعب توقع قيمتها لعدم اتباعها لأسلوب تحليل فني أو مالي واضح.
وشدد معطي على أن التوترات الجيوسياسة هي الأخرى لن تضمن نموًا لها وخير دليل على ذلك الأحداث التي يشهدها العالم سواء في غزة أو حتى البحر الأحمر، ورغم ذلك فهي (البتكوين) تتحرك في نمط سعري ما بين 40 إلى 44 ألف دولار.