تعتبر الطاقة المتجددة من القضايا الحيوية في العصر الحالي، حيث يتزايد الاهتمام بالمحافظة على البيئة والحد من التأثيرات السلبية للاستخدام المفرط للطاقة التقليدية.
يُظهر الاستثمار في الطاقة النظيفة أهمية كبيرة في تحقيق التنمية المستدامة والتغلب على التحديات البيئية والاقتصادية.
ويسعى العالم إلى مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول العام 2030، وهو الهدف الذي تم تجديد التأكيد عليه خلال مؤتمر الأطراف المعني بتغير المناخ COP28 الذي استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة العام الماضي.
وفي ضوء مخرجات المؤتمر ومع الجهود الدولية الهادفة لتحقيق المستهدفات المناخية المحددة، فإنه يُعول على العام الجديد 2024 أن يشهد زيادة في استثمارات الطاقة المتجددة، وبما يسهم في تحقيق عدد من النتائج، ومنها:
- الحد من انبعاثات الكربون: تعتبر الطاقة المتجددة وسيلة فعّالة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتغيير المناخي. باستخدام مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة الهيدروليكية، يمكن تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والتحول إلى نظام طاقة أكثر نظافة وصداقة للبيئة.
- التنوع في مصادر الطاقة: الاستثمار في الطاقة المتجددة يعزز التنوع في مصادر الطاقة ويقلل من التبعية على الموارد الطبيعية المحدودة. يمكن للتحول إلى مصادر متجددة أن يقوي الاقتصاد ويحد من التأثيرات السلبية لتقلبات أسعار الطاقة العالمية.
- توفير الطاقة وتحسين الكفاءة الطاقية: تعتبر الطاقة المتجددة فعّالة من حيث استخدام الموارد، حيث تشجع على تحسين كفاءة الطاقة وتقليل الفاقد. يمكن للاستثمار في التقنيات الجديدة والمستدامة أن يقلل من الاعتماد على الطاقة التقليدية ويوفر مصادر أكثر فعالية.
- دعم الابتكار وخلق فرص العمل: يشجع الاستثمار في الطاقة المتجددة على التطوير التكنولوجي والابتكار في قطاع الطاقة. يمكن أن يؤدي هذا إلى إنشاء فرص عمل جديدة في صناعات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا البيئية، ويعزز الاقتصاد بشكل عام.
- تحسين الصحة العامة: باعتماد مصادر الطاقة المتجددة، يمكن تقليل تلوث الهواء والمياه الناجم عن استخدام الوقود الأحفوري. هذا يسهم في تحسين جودة الهواء والماء، مما يعود بالنفع على صحة الإنسان ويقلل من الأمراض المرتبطة بالتلوث.
اهتمام واسع
استشاري التغيرات المناخية بالامم المتحدة ومندوب أفريقيا بالهيئة الدولية لتغير المناخ، الدكتور سمير طنطاوي، قال في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" إن قضية الطاقة الجديدة والمتجددة توليها دول العالم في المرحلة الراهنة اهتمامًا بالغاً.
وأشار طنطاوي ببيان الإمارات الصادر عن "COP28" فيما يتعلق بالوقود الحفري، لكنه لفت إلى أن التخارج من استخدام هذا الوقود لن يكون أمرًا سريع الحدوث، لأن التكنولوجيات المستهدف استخدامها لتفعيل الطاقة المتجددة بشكل أكبر لازالت في بدايتها وتحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث والاستثمارات.
وأشاد بالقرارات التي اتخذتها بعض البنوك الكبرى أخيراً بوقف تمويل المشروعات التي تستخدم الوقود الحفري وتوجيهها إلى دعم المشروعات التي تستخدم الطافة النظيفة ممثلة في الطاقة الجديدة والمتجددة، خصوصًا وأن المقارنة بين الوقد الحفري والطاقة المتجددة حاليا تصب في صالح الأول في ظل انخفاض التكلفة.
تعزز تلك المعطيات من آمال زيادة الاستثمارات بشكل واسع في العام الجديد.
خفض الانبعاثات الكربونية
وحث صندوق النقد الدولي في وقت سابق، القطاع الخاص على زيادة استثماراته المتعلّقة بالمناخ بشكل كبير، خصوصاً في البلدان النامية، حتى يصل العالم إلى صافي الكربون الصفري بحلول العام 2050.
- يجب استثمار تريليوني دولار سنوياً بحلول العام 2030، وفقاً لبيانات وكالة الطاقة الدولية المذكورة في التقرير.
- صندوق النقد الدولي أشار إلى أنّ هذا أعلى بكثير من المبلغ المقرّر للسنوات السبع المقبلة والمقدّر بـ 400 مليار دولار.
- حذّر تقرير الصندوق من أن البلدان، وخصوصاً ذات الاقتصادات الناشئة أو النامية، لن تتمكن من زيادة مستويات ديونها بنسبة 45-50 في المئة في المتوسط.
وقال نائب مدير إدارة الشؤون المالية في صندوق النقد الدولي، رود دي مويج، في مؤتمر صحافي عبر الإنترنت: "الخبر السار هو أن 90 بالمئة من التقنيات اللازمة لخفض الانبعاثات بحلول العام 2030 موجودة بالفعل".
وللوصول إلى النشر الكافي للتقنيات اللازمة لخفض الانبعاثات، يجب على القطاع الخاص مضاعفة مساهمته من 40 بالمئة إلى 80 بالمئة.
ويشار إلى أن حوالي 40 بالمئة من الأسواق الناشئة تم تصنيفها على أنها أقل من درجة الاستثمار، مما يعني أنها ليست في الوقت الحالي "جزءا من المجال القابل للاستثمار".
فرصة ضخمة
استشارى الطاقة والبيئة وتغير المناخ، ماهر عزيز، تطرق في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إلى أن الدول النامية تتمتع بفرصة ضخمة للاستثمار في الطاقة المتجددة، وهذا ما يتطلب أن تضخ الدول المتقدمة المزيد من الاستثمارات بها للأخذ بيدها إلى استخدام هذه الطاقة والوفاء بالتعهدات في هذا الصدد.
وأوضح عزيز أن استخدام الطاقة المتجددة والتي يندرج تحتها الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر كحامل للطاقة أصبح هدفًا هامًا، تطبيقه مرتبط في المقام الأول بقدرة الدول على تطبيقه وهذا بيت القصيد، فالدول المتقدمة مطالبة بتوفير مساهمات تصل إلى حوالي 100 مليار دولار سنوياً تقدم للدولة النامية للمساهمة في تحقيق هذا الهدف.
الحديث عن الاستثمار في الطاقة المتجددة يأتي وسط توقعات باحتمال أن يبدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي الأميركي) خفض أسعار الفائدة بحلول مارس المقبل، وهذا ما يؤكد أن باب الاستثمار في الطاقة المتجددة سيكون مفتوحًا على مصرعيه أمام جميع المستثمرين حول العالم، في تقدير عزيز.
تداعيات الأوضاع الاقتصادية
مستشار البنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، تبنى هذ الرأي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، حيث بين أن تداعيات الأزمات الاقتصاديةأخيراً ومع تشديد السياسة النقدية منذ 2022 جراء ارتفاع معدلات التضخم، كان لها أثر في تعطيل عملية تمويل التنمية المستدامة.
وأكد عنبر أن إلقاء الضوء على الاستثمار بشكل أكبر من الحالي في الطاقة المتجددة وتقليل الانبعاثات الحرارية والاعتماد على الوقود الحفري أمر هام ولا يقل في خطورته عن الأزمة المالية العالمية حاليًا.
وشدد مستشار البنك الدولي على أن التوقعات بخفض الفيدرالي الأميركي لأسعار الفائدة خلال 2024 أمرًا سيكون له مردود إيجابي، خصوصًا وأن هذه السياسة أثبتت عدم جدوها في كبح جماح التضخم في أميركا، إضافة إلى أنها تعطل وبشكل لافت الاستثمار.
وأوضح عنبر أن خفض الفائدة من شأنه أن يرفع من معدلات الاستثمار والذي بدوره يؤدي إلى توطين الصناعة والتي من الممكن أن توجه بشكل أو بآخر إلى الاستثمار في الطاقة المتجددة.